أكد عمر جاسم بن كلبان، الرئيس التنفيذي لشركة تاو صب (TAUsub)، أن دولة الإمارات تمتلك رؤية استراتيجية واضحة في قطاع كوابل الاتصالات البحرية، موضحًا أن الدولة تتمتع بربط داخلي شبه تام بالألياف بنسبة 99.5% وفق أحدث بيانات مجلس الألياف البصرية، وتقع على مفترق مسارات عالمية للبيانات، مع طموح واضح لتكون مركزًا استشاريًا دوليًا في تصميم وتنفيذ وإدارة مشاريع البنى التحتية الرقمية العابرة للحدود. أضاف في تصريحات خاصة ل«الخليج»، أن «المشاريع الكبرى القادمة مثل 2Africa وSEA-ME-WE 6 وAfrica 1، تمثل تحولًا نوعيًا في موقع الإمارات، إذ لم تعد مجرد نقطة عبور للبيانات، بل قوة فاعلة في رسم خريطة الربط الرقمي العالمي». السوق العالمي للكوابل أوضح بن كلبان أن حجم السوق العالمي لمشروعات الكوابل البحرية الجديدة قيد التطوير، خلال 2025–2027، يتجاوز 13 مليار دولار، وفق تحديثات eleGeography، ما يعكس دورة توسع نوعية في الاستثمار والتحديث على امتداد ممرات العبور الدولية، التي تشكل العمود الفقري لحركة الإنترنت العالمية. وبيّن أن اختيار الإمارات مقرًّا لانطلاق TAUsub لم يكن صدفة، بل قرارًا استراتيجيًا يستند إلى 3 مرتكزات هي: موقع جغرافي استثنائي يربط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، وبيئة تنظيمية متقدمة، تُسهم في تسريع اتخاذ القرار وتقليص المخاطر، وبنية رقمية قوية تُعد من بين الأفضل عالميًا.وتضع هذه المقومات الإمارات في موقع متقدم لتكون منصة قرار تستقطب الاستثمارات، وتقدم خدمات استشارية سيادية في قطاع الاتصالات البحرية، لاسيما في ظل التحول الرقمي وتسارع تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي. سعات دولية أكثر أكد بن كلبان أن البيانات الرسمية الصادرة في إبريل/ نيسان 2025، تثبت احتفاظ دولة الإمارات بالمركز الأول عالميًا في تغطية الألياف حتى المنزل (FTTH) بنسبة 99.5%، وهو معيار يرفع جودة الطلب المحلي على الخدمات الرقمية، ويستدعي سعات دولية أكثر تنوعًا واعتمادية، بما يدعم توسع الاقتصاد الرقمي.ولفت بن كلبان إلى أن 2025 يمثل نقطة تحول محورية في تنويع مسارات الإنزال داخل الدولة، إذ شهد تفعيل كابل Oman Emirates Gateway (OEG)، الذي يربط دبي بمركزي بيانات Equinix MC1 في بركاء وSN1 في صلالة بطول 275 كيلومترًا، ويعزز هذا الكابل مرونة البنية التحتية الإماراتية، بإضافة مسار منخفض الكمون بين الإمارات وسلطنة عُمان، بعيدًا عن التركّز التاريخي في مسار واحد، وقد أُعلن تشغيله في يوليو/ تموز 2025، عبر تعاون بين «دو» و«عُمانتل». التنوع ضرورة سيادية تابع بن كلبان: «التنوع المساري ضرورة سيادية وليست ترفًا هندسيًا». وفي هذا الإطار، وقّعت du في فبراير/ شباط 2025 اتفاقًا لتمديد نظام PEACE إلى الإمارات، ضمن مشروع Peace Gulf Extension، على أن تدخل الخدمة خلال النصف الثاني من 2026.ويُعد هذا المشروع خطوة استراتيجية تتيح تعددية المسارات من الخليج إلى آسيا وأوروبا، وتحد من مخاطر نقطة الفشل الأحادي عند الطوارئ أو الأعطال الكبرى.في سياق متصل، أشار بن كلبان إلى أن e& Carrier & Wholesale أعلنت في فبراير 2025 إطلاق المنشأة الرابعة من الفئة Tier III، ضمن حرم SmartHub في الفجيرة، مضيفة 1.5 ميغاواط إلى السعة القائمة، لترفع القدرة الإجمالية إلى نحو 4 ميغاواط ومساحة بيضاء تبلغ 2044 مترًا مربعًا.وتهدف التوسعة إلى تهيئة المساحة لاستيعاب كابلين بحريين إضافيين، ما يعزز جاهزية الفجيرة وكلباء كمحطتي هبوط رئيسية للكوابل الدولية، ويؤكد موقعها المحوري في منظومة الاتصالات العالمية.وبالتوازي، تمضي e& في خيار كلباء بوصفه محطة الهبوط الإماراتية لكابل 2Africa، ضمن استراتيجية تنويع المسارات، كما تتعاون مع بتلكو لإنزال فرع الخليج من كابل SEA-ME-WE 6 بطول يقارب 1400 كيلومتر، لربط الإمارات بدول مجلس التعاون، تمهيدًا لبدء التشغيل خلال 2026.وأوضح بن كلبان أن مشروع 2Africa يُعد من أكبر الأنظمة البحرية في العالم، ويعتمد على تقنية SDM الحديثة، التي تضم 16 زوجًا ليفيًا وتوفر سعة تصميمية تصل إلى 180 تيرابت/ثانية، مع بدء الخدمة في مواقع متعددة خلال 2025. وترفع هذه القفزة في السعة والتصميم مستوى الاعتمادية وتخفض التكلفة والكمون لصالح المستخدم النهائي، وتعيد توزيع حركة البيانات جغرافيًا، عبر أكثر من مسار، ما يحسّن زمن الاستعادة عند الأعطال، ويزيد مرونة الشبكات الإقليمية. استيعاب ذروة الطلب شدد بن كلبان على أن المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أكبر على المرونة التشغيلية والجاهزية السيبرانية، ضمن عقود الكوابل البحرية، مع اشتراطات أوضح للنسخ الاحتياطي وتوزيع نقاط الهبوط وتكامل المسارات البرية/ البحرية، بالتوازي مع توسع مناطق السحابة العامة في الدولة.ويرى أن هذا النهج سيعزز قدرة الإمارات على استيعاب ذروة الطلب واستدامة الخدمات العابرة للحدود، لتتحول تدريجيًا من نقطة إنزال إلى مركز خبرة واستشارة وتنفيذ يشارك فعليًا في هندسة تدفق البيانات العالمي.
