في إطار التحول الاستراتيجي لأمن الغذاء في مصر، أصبح جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة رمزًا للإنتاجية العالية، فقد عزز دوره كقائد فاعل لجهاز القمح في الدولة، من خلال مزج الإنتاج المحلي مع تنظيم الاستيراد، ليتحول الجهاز إلى “صانع السوق” الذي يضبط الأسعار والإمدادات وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبز المدعم. بدأت جهود جهاز مستقبل مصر عبر محورين رئيسيين؛ الأول يركز على زيادة الإنتاج المحلي عبر توسيع الرقعة الزراعية، وهو ما نتج عنه زيادة تتجاوز مليون طن مقارنة بالموسم الماضي، كما شهدت أسعار السلع التموينية استقرارًا بفضل التنقية التي تقوم بها وزارة التموين، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين وتحقيق فعالية أكبر. أما بالنسبة للمسار الثاني، فقد عمل الجهاز على تأسيس إدارة الشراء الموحد بجهود مشتركة مع وزارتي الزراعة والتموين، لتقليل الفوارق السعرية والحد من التقلبات في السوق، مما يسهم في توفير الكميات اللازمة من القمح المدعوم، دون التأثير على استقرار الإمدادات الأساسية للمواطنين. ثم جاء اعتماد جهاز مستقبل مصر لاستراتيجية متكاملة لإعادة تشكيل خريطة تجارة الحبوب، تقوم على تنويع مناشئ الاستيراد من دول متعددة كروسيا وأوكرانيا، ما أسفر عنه منافسة قوية بين الموردين، مما ساعد على خفض الأسعار ورفع جودة التعاقدات مع الحفاظ على استقرار الاحتياطيات الاستراتيجية من القمح دون أي نقص. لتعزيز التجارة الدولية، تتجه خطط الجهاز للعمل بشكل مباشر مع أكبر الشركات العالمية، حيث تجري صفقات توريد تتراوح بين 500 و600 ألف طن شهريًا، مما يعزز الثقل التفاوضي لمصر، ويفتح المجال لبناء شبكة مستقرة للتموين بعيدًا عن الاعتماد على الوسطاء، وهو ما يعكس نجاح الجهاز في تحقيق التكامل بين الزراعة والتجارة. في هذا الإطار، ينفذ الجهاز نظام المقايضة التجارية مع عدة شركات عالمية لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف المالية، مما يسهل تبادل بضائع عالية الجودة بدون تدخل وسطاء، ويعزز مرونة التجارة ووصول السلع بفوائد أكبر للاقتصاد الوطني. تتلقى مصر أيضًا عروضًا من أسواق خليجية prominent لشراء الحاصلات الزراعية المحلية، مثلاً الموالح والبطاطس، وهو ما يقوى مكانة الإنتاج الزراعي المصري في الأسواق العالمية. وتعكس هذه العروض قدرة الجهاز على تعزيز تنافسية الإنتاج المحلي والثقة في جودة صادراته. تشير البيانات إلى أن مصر تحتاج شهريًا حوالي 750 ألف طن من القمح، وأن الإنتاج المحلي يغطي 40% من هذه الاحتياجات بينما يتم استيراد 60%، وتعتبر هذه المعادلة دقيقة، ويقوم جهاز مستقبل مصر بإدارتها بفاعلية مؤكدةً على استقرار السوق وتوفير احتياجات المواطنين. بفضل هذه الجهود المنسقة، يصبح جهاز مستقبل مصر أحد الدعائم الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي، حيث يمثل نموذجًا للمنظومة الإنتاجية المتكاملة بدءًا من الزراعة وصولًا إلى التجارة وإدارة السوق، مما يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويضمن استدامة هذا القطاع في ظل التحديات العالمية.