كتبت هبة السيدالإثنين، 17 نوفمبر 2025 04:03 م أكد خبراء ومسؤولون بارزون خلال فعاليات جلسات AIDC 2025 أن الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات يمثلان محركي الابتكار والتنمية في مصر، مع ترسيخ قدرة الدولة على استغلال ثروتها البشرية والبيانات الضخمة لتحقيق فرص استثمارية متنامية في مختلف القطاعات. وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية والتعاون الدولي، إن معرض Cairo ICT أصبح منصة رئيسية لاكتشاف أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا عالميًا، وتبادل الخبرات، وجذب الاستثمارات في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والابتكار، بالإضافة إلى الاستثمار في رأس المال البشري. وأكدت خلال مؤتمر AIDC 2025 أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا أساسيًا في صياغة مستقبل الاقتصادات الحديثة، ليس فقط كأداة تقنية، بل كقوة تدعم قدرة الإنسان على تطوير البرمجيات والخدمات التي تسهّل حياة المواطنين في مختلف القطاعات سواء الصحة أو التعليم أو التكنولوجيا والخدمات اليومية. وأضافت المشاط أن الجدل حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف طبيعي، إلا أنه لا يلغي حقيقة أن التقنيات الحديثة تخلق وظائف جديدة مرتبطة بتشغيل وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي وابتكار تطبيقاته. وأوضحت أن مصر بما تمتلكه من 110 ملايين نسمة وتعدد قطاعاتها التنموية ومشروعاتها القومية – تولّد كمًا ضخمًا من البيانات التشغيلية في الصحة والتعليم والتدريب والاختبارات المعملية، ويمكن تصنيف هذه البيانات جغرافيًا أو ديموغرافيًا أو وفق مراحل التطور، مما يجعل مصر "مختبرًا واسعًا" يوفر مدخلات غنية لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وأضافت أن مستهدفات رؤية مصر 2030 وما بعدها تعتمد على الذكاء الاصطناعي والابتكار كعنصر رئيسي لتسريع وتيرة التقدم، وهو ما برز أيضًا في مؤتمر الصحة والسكان والتنمية البشرية، حيث تمت مناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات الصحية وتطوير التدريب ورفع كفاءة تقديم الخدمات للمواطنين. وقالت إن الذكاء الاصطناعي ليس قطاعًا رأسيًا محدودًا، بل مجالًا أفقيًا يخترق كل القطاعات مثل النقل والصحة والتعليم والخدمات الحكومية، ويجب ترسيخ هذه الثقافة داخل الاستراتيجيات الوطنية وخطط العمل لضمان تسريع التنمية وتحقيق أفضل استفادة من التكنولوجيا. وأوضح المهندس عمرو المشهراوي، الرئيس التنفيذي لشركة DCP Data Center Prime، أن سوق مراكز البيانات في مصر يشهد مرحلة نمو غير مسبوقة بدعم تطور البنية التحتية الرقمية وتزايد الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. وقال إن حجم سوق مراكز البيانات في مصر بلغ نحو 350 مليون دولار في 2025، مع توقعات بالوصول إلى 550 مليون دولار خلال السنوات المقبلة، في ظل التوسع المتزايد في خدمات الكولوكيشن ومراكز البيانات السحابية، فيما يصل العائد الداخلي على الاستثمار إلى ما بين 30% و50%، ما يجعله أحد أكثر القطاعات جذبًا للمستثمرين مقارنة بالعقارات التقليدية. وأشار إلى أن موقع مصر الاستراتيجي على خريطة الكابلات البحرية العالمية يعزز قدرتها على لعب دور محوري كمركز إقليمي للبيانات، مضيفا أن القدرة التحميلية الحالية تبلغ نحو 30 ميجاوات، بينما يتزايد الطلب بوتيرة أسرع من القدرة المنشأة، خاصة مع التوسع الكبير في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يصل السوق المصري إلى قيمة 2.83 مليار دولار في خدمات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وشدد المشهراوي على ضرورة الاستثمار في الطاقة وتسهيل الإجراءات التنظيمية ودعم المستثمرين الجدد، مؤكدا أن مصر تمتلك واحدة من أكبر قواعد الشباب المتخصص في التكنولوجيا في المنطقة، مشيرًا إلى العمل على تدريب نحو 200 مهندس مصري بالشراكة مع مؤسسات عالمية لتعزيز القدرات الفنية التي تحتاجها صناعة مراكز البيانات. وقال عاصم جلال، الشريك الإداري بشركة جلال وكراوي للاستشارات الإدارية، إن حجم الاستثمارات والأبحاث الموجهة للذكاء الاصطناعي يمثل المحرك الأساسي للتقدم الهائل الذي يشهده العالم، مشيرا إلى أن اللحظة الفاصلة في مسار تطور الذكاء الاصطناعي لم تكن فقط مع ظهور نماذج الذكاء التوليدي في نوفمبر 2022، بل تعود جذورها إلى عام 2017 عند نشر البحث العلمي الشهير Attention Is All You Need الذي شكل نقطة تحول كبرى ومهّد لظهور النماذج الحديثة الأكثر تقدمًا. وأوضح أن نموذج DeepSeek عند إطلاقه قدم أداء يفوق في كفاءته عددًا من النماذج العالمية الرائدة آنذاك، ما يعكس الدور المحوري للبحث العلمي في تحسين قدرات النماذج وتعزيز كفاءتها. وقال بارت ستيوارت، المدير الإداري لشركة WP Engineering في واشنطن، إن سوق مراكز البيانات يواجه تحديات حقيقية بسبب ندرة العمالة الفنية المتخصصة القادرة على تنفيذ مشروعات البنية التحتية بسرعة وكفاءة. وأوضح أن بناء وتشغيل مراكز البيانات يتطلب مزيجًا متكاملاً من المهارات يشمل التصميم، وأعمال الإنشاء عالية الدقة، والتكامل بين الأنظمة، والإدارة التشغيلية، وأن ندرة الكفاءات في هذه المهن الدقيقة تجعل من الصعب تلبية الطلب العالمي المتزايد وتسليم مراكز البيانات بالسرعة المطلوبة. وأضاف أن من أصعب المهارات نقصًا حاليًا الفنيين المتخصصين مثل فنيي اللحام، وفنيي أعمال الـ piping، وكبار الكهربائيين القادرين على التعامل مع الأنظمة المعقدة وربط مكوناتها بدقة عالية، مؤكدًا أن تطوير هذه المهارات يمثل عنصرًا أساسيًا لضمان قدرة السوق على تلبية احتياجات البنية التحتية الرقمية المتنامية، وأن الاستثمار في التدريب الفني هو حجر الزاوية لتسريع نمو قطاع مراكز البيانات عالميًا. وقال تييري موباكس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة AI Compass، إن العالم يعيش لحظة تحول تاريخية مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن هذا التطور يفوق قدرة نظم التعليم الحالية على مواكبته. وأضاف أن "الذكاء الاصطناعي للجميع" صحيح، لكن تطبيقه يتطلب إعادة صياغة جذرية لطريقة التفكير داخل المؤسسات التعليمية والشركات، وأن على الأفراد النظر إلى التحديات اليومية باعتبارها فرصًا يمكن للذكاء الاصطناعي إعادة تشكيلها. وأوضح أن الأدوات الحالية مثل ChatGPT وGemini تتيح إمكانات هائلة دون الحاجة إلى مهارات برمجية، لكن استخدامها الفعّال يتطلب فهم البيانات والأدوات والعمليات التي تحوّل هذه المدخلات إلى قيمة حقيقية، مشددًا على أهمية اعتماد هذا الفكر داخل الشركات والمدارس والجامعات دون تأخير. وأشار إلى أن مصر تمتلك فرصة استثنائية لإعادة كتابة تاريخها التكنولوجي، وأن نقص المواهب يمثل في الوقت ذاته فرصة ذهبية للتعلم، مؤكدًا أن تعلم كيفية التعلّم أصبح المهارة الأكثر أهمية للمستقبل، وأن الدافع نحو حل المشكلات هو ما يقود الابتكار الحقيقي.