الارشيف / عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

«عسر القراءة».. اضطراب يواجه تحدّي رفض الفكرة والإهمال

العين: منى البدوي

تحديات تواجه بعض مدرسي التربية الخاصة مع الطلبة الذين شخّصت إصابتهم باضطراب «عسر التعلم»، الذي لا يعدّ مرضاً وإنما عائقاً يواجه الأطفال، حيث إنه يندرج ضمن اضطرابات صعوبات التعلم، لأنه يجعل الطالب غير قادر على القراءة.

ورُغم ارتفاع نسبة الوعي بمفهوم «صعوبات التعلم» فإن بعض أولياء الأمور لا يزالون يرفضون تقبّل فكرة التوجه إلى المختصين للتأكد من إصابة الطفل باضطراب عسر القراءة من عدمه.

وبحسب ما أكده عدد من المتخصّصين في التربية الخاصة، من سهولة التعامل مع المعسر في القراءة، فإن إهمال تقديم أساليب الدعم النفسي والتربوي والتعليمي وتطوير المهارات قد يؤدي إلى تدهور حالة الطالب نفسياً واجتماعياً وعلمياً.

قال الدكتور محمد مراشدة، أستاذ مساعد في التربية الخاصة، قسم التربية الخاصة والموهوبين، كلية التربية بجامعة ، إن عسر القراءة أو ما يعرف ب«الديسلكسيا» هو أحد أنواع صعوبات التعلم الشائعة حيث عادة ما يواجه الذين يعانونه، صعوبة في القراءة بطلاقة، ويقرؤون ببطء مع ارتكاب الأخطاء. وهو ما يؤثر في مدى فهمهم لما يقرؤونه. ولكن عندما يقرأ لهم الآخرون، غالباً لا يواجهون أي مشكلة في فهم النص.

وأضاف: يوصف عسر القراءة بأنه عائق في أنشطة القراءة والتهجئة، ومع ذلك، فهو ليس مرضاً بل عائق يواجهه الأطفال في عملية معرفة القراءة ويمكن التغلب عليه بأساليب مناسبة للتربية والتعلم، ويعدّ هذا الصراع حقيقة يومية في مجال التعليم، حيث المعرفة هي عملة النجاح مشيراً إلى أن عسر القراءة يخلق صعوبة في المهارات الأخرى مثل فهم القراءة والتهجئة والكتابة والرياضيات.

صعوبة فك الكلمات

وذكر أن عسر القراءة يؤثر في الأشخاص بطرائق مختلفة، ولا تتشابه بين شخص وآخر إلّا أن العلامة الرئيسية لعسر القراءة هي صعوبة فك الكلمات والقدرة على مطابقة الحروف مع الأصوات، ومن أبرز المؤشرات الشائعة صعوبة التعرف إلى الحروف وأصواتها، والصراعات في فكّ رموز الكلمات، وضعف مهارات التهجئة وبطء القراءة وصعوبة الفهم والميل إلى الخلط بين الكلمات المتشابهة. وغالباً ما تصبح هذه العلامات ملحوظة عند الالتحاق بالمدرسة.

وأكد ضرورة مراقبة الآباء والمعلمين والمتخصّصين في الرعاية الصحية لهذه العلامات بشدة لتقديم المساعدة. مشيراً إلى أنه يمكن أن تظهر مشكلة الوعي الصوتي في وقت مبكر من مرحلة ما قبل المدرسة عند بعض الأشخاص.

تجنب القراءة بصوت عال

وذكر أن بعض علامات عسر القراءة لها علاقة بالعواطف والسلوك ويتجنب هؤلاء القراءة، سواء بصوت عالٍ أو لأنفسهم، وقد يشعرون بالقلق أو الإحباط عند القراءة. ويمكن أن يحدث هذا حتى بعد أن يتقنوا أساسيات القراءة. لافتاً إلى أن عسر القراءة لا يؤثر في التعلم فقط، وإنما في المهارات والأنشطة اليومية مثل التفاعل الاجتماعي والذاكرة والتعامل مع التوتر.

كيفية التشخيص

وقال مراشدة إن التشخيص الدقيق هو المفتاح الرئيسي لتوفير الدعم الفعال للأفراد الذين يعانون عسر القراءة وهو ما يتم بإجراء تقييم شامل لمهارات القراءة والقدرات المعرفية ومعالجة اللغة من متخصصين في علم النفس والتربية، والتقييم الكامل الذي يجرى إما في المدرسة أو بشكل خاص ويتضمن الاختبارات المعيارية والتقييمات غير الرسمية مثل مراقبة سلوك القراءة، وإجراء مقابلات مع أولياء الأمور والمعلمين، والنظر في التاريخ الأكاديمي، وتقييم مشاكل الرؤية أو السمع المحتملة التي قد تؤثر في القراءة.

الحسابات التربوية

وأكد ضرورة إنشاء بيئات تعليمية شاملة لتمكين الطلاب الذين يعانون عسر القراءة، حيث يمكن للمدارس والمدرسين توفير تعديلات وتكيفات متخصصة لمساعدة الطلاب الذين يعانون عسر القراءة على التفوق في مساعيهم الأكاديمية. وقد يشمل ذلك توفير وقت إضافي للواجبات والامتحانات، واستخدام أساليب التدريس المتعددة الحواس، ودمج التكنولوجيا المساعدة، وإنشاء بيئة تعليمية داعمة تشجع الثقة بالنفس وتقلل من القلق.

وأضاف: يتطلب التعليم الفعال للطلاب الذين يعانون عسر القراءة اتباع نهج متعدد الحواس يشرك الحواس المتعددة، مثل البصر والصوت واللمس، لتعزيز التعلم، ويعدّ التعليم الصوتي الصريح، الذي يعلم العلاقة بين الأصوات والحروف، أمراً بالغ الأهمية لتطوير مهارات فك التشفير.

دور الأسر مهم

وقال مراشدة إن وجود طفل بين الأبناء يعاني عسر القراءة أمر لا يدعو للخجل ومن المهم جداً لأولياء الأمور، إيجاد التوازن عند التعامل مع الأمر بشكل عام حيث للآباء دور مهم في دعم أطفالهم مؤكداً أنه يمكن للأفراد الذين يعانون عسر القراءة التغلب على تحدياتهم والازدهار أكاديمياً وشخصياً إلا أنه لتحقيق ذلك يجب على الآباء مساعدة أطفالهم بمجرد تشخيص عسر القراءة واكتساب المعرفة، بالحالة وآثارها في التعلم والتواصل مع المعلمين وخلق بيئة منزلية داعمة والتشجيع على القراءة والاحتفال بنقاط القوة وتقديم الدعم العاطفي وتعزيز احترام الذات وحب التعلم.

التدخل المبكر

وقالت مهرة سعيد، معلمة متخصصة في التربية الخاصة مسار الإعاقات الحسية، إن عسر القراءة اضطراب وليس مرضاً وهو ما يجب أن يدركه ولي الأمر الذي يرفض أحياناً فكرة أن طفله يواجه واحدة من صعوبات التعلم، ويصل الأمر لدى بعضهم برفض عرض الطفل على متخصّص للتأكد من أن الطالب يعاني «الديسلكسيا» من عدمه، وتعريفهم بالآثار السلبية الناجمة عن إهمال الحالة. مشيرة إلى أن التدخل المبكّر يسهم في مساعدة الطالب بشكل كبير وهو ما حصدناه مع طلبة تمكنّا بفضل الله أولاً، وتقديم الدعم التعليمي والتربوي والمعنوي والعلاجي بمساعدة أولياء الأمور من تجاوز هذا الاضطراب أو على الأقل تجنيبه المشكلات الأخرى الناجمة عنه التي تنعكس على شخصية الطالب ومستواه التعليمي.

وذكرت أن أغلب الحالات تكتشف داخل الفصول الدراسية، بملاحظة المعلم لعدم قدرة الطالب على تمييز شكل الحرف أو الكلمة، وبعدها نتواصل مع ولي الأمر ونبلغه بضرورة عرض الطفل على المتخصّصين للتأكد من التشخيص المبدئي.

وأضافت أن دور معلم التربية الخاصة يبدأ بعد ثبوت التشخيص حيث يجتمع مع الأخصائي النفسي والاجتماعي لدراسة الحالة ووضع الخطط العلاجية المناسبة وكيفية التعامل مع الطفل داخل الفصل، وخلال الامتحانات وغيرها من الأمور المتعلقة بالطلبة ووضع التوصيات اللازمة وجميع ذلك يبلغ المعلم به ليتمكن من التعامل مع الطالب بطريقة صحيحة تدعم الآلية العلاجية.

وذكرت أنه إلى جانب الحصص الدراسية يخصص معلم التربية الخاصة جدولاً دراسياً للطالب، بحسب مستوى الحالة، وخلالها يشرح المنهاج بطريقة مبسطة وتشجّع على القراءة ومعالجة الصعوبات التعليمية التي تواجهه.

وأشارت إلى أنه بسبب صعوبة القراءة لدى هذه الفئة توضع امتحانات خاصة لهم لا تعتمد إلى حدّ كبير على القراءة والمعلم يساعده على القراءة فقط. وبعض الحالات بفضل تعاون الأهل والاكتشاف المبكر للحالة بات أبناؤهم يرفضون قراءة القطعة أو حتى السؤال من المعلم.

المذاكرة والقراءة يومياً

وأكدت فهدة الأحبابي، معلمة تربية خاصة، أهمية دور الأسرة في تجاوز الطفل لأي نوع من صعوبات التعلم ومنها «عسر القراءة» وذلك بتشجيع الأبناء على المذاكرة والقراءة والكتابة اليومية، وقراءة قصص مصورة أو مجلات كرتون تحفيزاً للقراءة، والحضور المستمر لاجتماعات أولياء الأمور في المدرسة لمعرفة مستوى الأبناء والمتابعة. مشيرة إلى أن بعض الأسر لا تقدم الدعم الأكاديمي لهذه الفئة من الطلبة في المنزل، لأسباب عدة أبرزها أمية ولي الأمر، أو عدم تفرغ الوالدين، مع عدم وجود إمكانية مادية للاستعانة بمعلم تربية خاصة.

وأشارت إلى أن دور معلم التربية الخاصة يسهم إلى حد كبير في تجاوز صعوبات التعلم حيث بعد التعرف إلى حالة الطالب وتحديد مستواه الأكاديمي والاجتماعي، توضع خطة تربوية فردية، ويعمل على نقاط الضعف لمعالجتها وتحسين مستوى الطالب إلى جانب وضع استراتيجيات منوعة لجذب انتباه الطالب، وتقديم أنشطة بمختلف المستويات وتشجيع الطلبة على المثابرة والاجتهاد مع تقديم التعزيز الإيجابي.

وذكرت أن معلم التربية الخاصة لا بدّ أن يكون متابعاً للتطورات ومطلعاً على الأبحاث العلمية الجديدة وحضور دورات وورش في التعليم والتنويع في الاستراتيجيات والأنشطة، وهو ما يسهم في إفادة الطالب والتعرف إلى مستويات الذكاء والمهارات والتحلي بالصبر وعدم الاستعجال في تحقيق النتائج، خاصة أن مستويات الذكاء والمهارات تختلف من طالب إلى آخر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا