كشف المصرف المركزي عن ارتفاع قيمة تمويلات البنوك لأنشطة التجارة، شاملة تجارتي الجملة والتجزئة في الدولة، 20.6 مليار درهم خلال عام واحد، حيث زادت من 142.2 مليار درهم في نهاية مارس من العام الماضي، إلى 162.8 مليار درهم بنهاية الشهر نفسه من العام الجاري، لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، في الوقت الذي شهدت فيه تلك التمويلات ارتفاعاً بقيمة 8.5 مليارات درهم خلال الفترة من نهاية ديسمبر الماضي إلى نهاية مارس 2024.

وأظهر أحدث تقرير لـ«المركزي»، والذي يصدر بشكل ربع سنوي، أن تمويلات تجارة الجملة في الدولة بلغت 117.8 مليار درهم في نهاية شهر مارس الماضي، مقابل 100.6 مليار درهم بنهاية مارس 2023، بارتفاع سنوي قدره 17.2 مليار درهم، ومقابل 110.8 مليارات درهم بنهاية ديسمبر الماضي، بزيادة سبعة مليارات درهم خلال ثلاثة أشهر، بينما بلغت تمويلات البنوك لتجارة التجزئة 45 مليار درهم بنهاية مارس الماضي، مقابل 41.6 مليار درهم بنهاية مارس 2023، بارتفاع سنوي قيمته 3.4 مليارات درهم، ومقابل 43.5 مليار درهم بنهاية ديسمبر الماضي، بارتفاع 1.5 مليار درهم خلال ثلاثة أشهر. ووفقاً لـ«المركزي»، شهدت تمويلات التجارة بشقيها الجملة والتجزئة ارتفاعاً متواصلاً خلال عام، حيث ارتفعت من 142.2 مليار درهم في مارس 2023 إلى 145.6 مليار درهم في نهاية يونيو 2023، ثم إلى 146 مليار درهم في سبتمبر الماضي، ومن ثم واصلت ارتفاعها إلى 154.3 مليار درهم في نهاية ديسمبر 2023، ثم إلى 162.8 مليار درهم في نهاية مارس الماضي.

إلى ذلك، قال خبير شؤون تجارة التجزئة إبراهيم البحر، إن التجارة بشقيها (الجملة والتجزئة)، تعد من الأنشطة الاقتصادية الرابحة في الدولة، مشيراً إلى أن الأنشطة التجارية عامة، شهدت نمواً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، ما شجع البنوك على زيادة التمويلات المقدمة لها.

وأضاف البحر أن هذا النمو في تجارتي الجملة والتجزئة دفع العديد من المراكز التجارية إلى بدء مشروعات جديدة، وبناء مراكز جديدة، والتوسع في المراكز القائمة وزيادة الفروع، ما احتاج إلى تمويلات جديدة لمواجهة هذا النمو، موضحاً على سبيل المثال أن إحدى المجموعات التجارية الكبرى في دبي كان لديها 11 فرعاً في عام 2014، لكنها تمكنت من زيادة عدد فروعها بنسبة تفوق 100% خلال 10 سنوات.

ولفت إلى أن حجم تمويلات تجارة الجملة أكبر من المقدم لتجارة التجزئة بحكم طبيعة هذه التجارة التي تحتاج إلى تمويلات مرتفعة، كما أن نشاط تجارة الجملة يعتبر جديداً نوعاً ما، وبالتالي يحتاج إلى المزيد من التمويلات، فضلاً عن أن أرباح تجارة الجملة تكون أكبر من تجارة التجزئة.

من جانبه، قال الخبير المالي والاقتصادي، أمجد نصر، إن دولة الإمارات رسخت مكانتها مركزاً إقليمياً وعالمياً رئيساً للتجارة العالمية، مشيراً إلى أن العديد من الأنشطة التجارية التي تعتمد على التصدير، وإعادة التصدير تحتاج إلى التمويل بشكل مستمر.

وأضاف نصر أن البنوك تتابع حركة الأسواق بشكل مستمر، كما تتابع حركة مختلف القطاعات التجارية والصناعية والعقارية وغيرها، وبناء عليه توجه جزءاً من تمويلاتها للأنشطة الأكثر ازدهاراً وحيوية، وكذلك التي تكون ربحيتها مناسبة.

ولفت إلى أن البنوك حريصة على تنويع التمويلات للأنشطة الاقتصادية المختلفة، بحيث لا تكون كل التمويلات متجهة إلى قطاع واحد فقط، وذلك في إطار سياستها لتقليل المخاطر، كما أن البنوك معنيّة بإعطاء أولوية لتمويل القطاعات التي تكون درجة المخاطر فيها أقل وربحيتها جيدة، وتحقق نمواً مستمراً.

وبيّن نصر أن تمويلات قطاع الجملة أكبر لأن عمليات التمويل تتم لكبار التجار الذين يتمتعون بملاءة مالية عالية وتدفقات مالية كبيرة، ويقومون بعمليات الاستيراد الضخمة والبيع لتجار التجزئة.

وذكر أن تاجر الجملة كذلك، لديه مجموعة كبيرة من العملاء، وبالتالي درجة المخاطرة تكون أقل لأنها موزعة بين عدد كبير من العملاء حتى في حالة تعثر أحدهم، مشيراً إلى أن تاجر التجزئة يبيع للمستهلك النهائي الذي يدفع ببطاقات الائتمان أو نقداً، وبالتالي لا يحتاج التمويل بشكل كبير إلا في حال رغبته في التوسع وبناء فروع جديدة، وبالتالي يكون حجم التمويلات التي يحتاجها أقل من تجار الجملة.

مصلحة متبادلة

قال خبير شؤون تجارة التجزئة إبراهيم البحر، إن البنوك تدرس الوضع المالي بشكل جيد قبل التمويل، لتحديد مبلغ التمويل وشروطه، مؤكداً أن هذا يصب في مصلحة جميع الأطراف، بحيث يضمن البنك استعادة أمواله والاستفادة بفوائد التمويل، وفي الوقت نفسه يستطيع التاجر السداد على دفعات ميسرة، وتحقيق نمو في نشاطه، والمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.