تحقيق:محمد إبراهيم
يعد الزي المدرسي جزءاً أساسياً من رحلة الطلاب الدراسية، إذ يساهم في توحيد المظهر وتعزيز الشعور بالانتماء إلى المدرسة، لكن مع بداية كل عام دراسي جديد، أصبح موضوع الزي في المدارس الخاصة قضية مثيرة للجدل في مجتمع أولياء الأمور، بسبب تواضع جودة الملابس المدرسية، وارتفاع أسعارها.
أكد عدد من أولياء الأمور أن جودة الزي في مدارس أبنائهم، لا تتناسب مع غلاء ثمنه، ما يثقل كاهل الآباء، ويزيد من الأعباء المالية على الأسر، مطالبين الجهات المعنية بتشكيل لجنة مختصة لتقييم جودة الزي المدرسي وأسعاره.
في المقابل، نفى عدد من مديري مدارس خاصة، التلاعب في جودة الملابس المدرسية بغرض التوفير أو التربح من أولياء الأمور، ورصدوا 6 أسباب وراء غلاء سعر الزي، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج في موسم العودة للمدارس، والتصميم المخصص للمدرسة، والشراء بكميات أقل، فضلاً عن التكاليف الإضافية.
قدم خبراء عدداً من المقترحات لاحتواء مشكلة تواضع جودة الزي المدرسي وغلاء ثمنه، مؤكدين ضرورة اتباع مبدأ الشفافية في المدارس، وتشجيع المنافسة وعدم الاحتكار، وإشراك أولياء الأمور في القرارات. «الخليج» تناقش مع أهل الميدان التربوي، إشكالية الزي المدرسي وعدم توفره في بعض المدارس، وتواضع جودته وغلاء أسعاره في مدارس خاصة، في أول أسبوع من العام الدراسي الجديد.
إشكالية متكررة
البداية كانت مع رصد الخليج للميدان التربوي في الأسبوع الأول للعام الأكاديمي 2024-2025، الذي شهد انتظام الطلبة وتركيز أولياء الأمور على شراء الزي المدرسي واستلام الكتب لأبنائهم، إذ طفت على السطح إشكالية تواضع جودة الزي المدرسي، والمبالغة في أسعاره التي وصلت في بعض المدارس إلى 1200 درهم، وتفاوتت في مدارس أخرى بين 600-1000 درهم، الأمر الذي أثار استياء أولياء الأمور لاسيما أنهم مطالبون بسداد القسط الأول من الرسوم الدراسية، بالإضافة إلى الكتب والنقل ومستلزمات العودة للمدارس.
إشكالية متجددة
في وقفة مع أولياء الأمور إيهاب زيادة، وسامح شهدي، وسميرة فؤاد، وعبد الرحمن حسن، وميثاء حمد، أكدوا أن الزي المدرسي بات إشكالية متجددة عاماً تلو الآخر، إذ إن جودته متواضعة ولا تساوي الأسعار المدفوعة، والملابس مصنوعة من أقمشة رديئة لا تدوم طويلاً، وتتعرض للتمزق أو بهتان الألوان بعد فترة قصيرة من الاستخدام أو الغسيل، فضلاً عن عدم توفره في بعض المدارس.
وأفادوا بأن الأسعار مبالغ فيها بدون مبرر، والجودة غائبة فعلياً، والأكثر غرابة أن أسعار الزي المدرسي تشهد ارتفاعاً كبيراً في الكثير من المدارس عاماً تلو الآخر، في وقت تصل الأسعار إلى أضعاف تكلفة الملابس المشابهة في الأسواق العادية.
نظرية الاحتكار
وقالوا إن معظم المدارس تطبق على أولياء الأمور نظرية الاحتكار، ولا تسمح بشراء الزي من أماكن غير المدرسة، وفي الغالب يتعاقدون مع محال معينة لبيع الزي مقابل نسبة يدفعها الآباء، وقد تمنع المدرسة الأبناء من دخول الطلاب بسبب الزي، ما يضطر أولياء الأمور لشرائه مهما غلا ثمنه.
وطالبوا بتدخل عاجل من الجهات المشرفة على المدارس الخاصة، لتقييم جودة الملابس المدرسية، ومدى استحقاقها للأسعار المطلوبة، وفقاً لأسعار السوق والعرض والطلب، لاسيما أنهم يضطرون إلى شراء ملابس جديدة بشكل متكرر لأبنائهم على مدار العام، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر.
الالتزام بالجودة
التقينا عدداً من مديري المدارس الخاصة «خلود.ف، حيدر.ع، م.ن، ح.ل»، إذ رفضوا فكرة زيادة أسعار الزي المدرسي كل عام للتربح من أولياء الأمور، إذ إن الأسعار ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموردين، والالتزام بالجودة أمر إلزامي لكل إدارة ليتناسب مع الطلاب ومظهرهم الخارجي الذي يمثل المدرسة.
وفي إجابتهم عن سؤال عن أسباب تواضع جودة الزي المدرسي وغلاء أسعاره، رصدوا 6 أسباب وراء ارتفاع أسعار الزي عاماً تلو الآخر، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج، التي تتضمن تكلفة المواد الخام، مثل الأقمشة ذات الجودة العالية، مما يؤدي إلى زيادة أسعار الأزياء، وعدم وجود أكثر من مورد، مما يجعل المدارس مجبرة على التعامل مع مورد واحد بغض النظر عن الجودة أو السعر،
وأفادوا بأن التصميم المخصص الذي يتناسب مع معايير المدرسة أو شعارها، يزيد بلا شك من تكاليف الزي، موضحين أن الكمية أيضاً تحكم سعر الملابس المدرسية، إذ إن شراء الكميات القليلة يرفع أسعار الزي، مؤكدين أن هناك تكاليف إضافية بجانب التصنيع، وفي الغالب تتعلق بالنقل، التخزين، واللوجستيات، وجميعها تساهم في ارتفاع الأسعار.
مواجهة الإشكالية
وفي وقفة مع الخبيرة التربوية أمنة المازمي، التي قدمت مقترحات لمواجهة إشكالية غلاء أسعار الزي التي يعانيها أولياء الأمور، حيث أكدت على ضرورة أن تكون المدارس أكثر شفافية فيما يتعلق بأسعار الزي المدرسي، وأن توضح تكاليف الإنتاج والتوزيع لأولياء الأمور، وفتح باب التوريد لمزيد من الشركات المحلية، مما يعزز المنافسة ويساهم في تحسين الجودة وخفض الأسعار.
وأكدت ضرورة إشراك أولياء الأمور في اختيار مورد الزي المدرسي وتصميمه، ما يساهم في تلبية احتياجات الجميع، مشيرة إلى أهمية تقديم دعم مالي أو تخفيضات للأسر ذات الدخل المحدود لتخفيف الأعباء المالية، مشددة على أهمية استخدام أقمشة ذات جودة عالية ومستدامة قد يزيد من تكلفة الزي في البداية، ولكنه يوفر المال على المدى الطويل بسبب متانة الملابس وقدرتها على التحمل لفترات أطول.
وقالت إن الزي المدرسي قضية هامة تؤثر في الحياة اليومية للطلاب وأولياء الأمور على حد سواء. من الضروري أن تتخذ المدارس خطوات جادة لتحسين جودة الملابس وتخفيض الأسعار لجعلها أكثر عدلاً ومقبولية للجميع، مما يضمن أن تكون العملية التعليمية تجربة إيجابية وليست عبئاً مادياً ونفسياً على الأسر.
جهود متكاملة
وفي رأيه، أكد الخبير التربوي وافي الحاج أن تنظيم أسعار الزي المدرسي يتطلب جهوداً متكاملة من وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المدارس والموردين لضمان تقديم زي مدرسي بجودة عالية وبأسعار معقولة، من خلال تحديد معايير واضحة، وتعزيز الشفافية، وتشجيع المنافسة، إذ يمكن تحقيق توازن بين الجودة والتكلفة وتخفيف الأعباء المالية على الأسر.
وأفاد بأن عملية التنظيم تتطلب وضع آليات واضحة وشفافة تضمن تحديد أسعار عادلة ومنصفة لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المدارس والموردون وأولياء الأمور، منها تحديد معايير التكلفة الأساسية، وتحليل تكاليف الإنتاج، وتقدير التكاليف الإضافية، ووضع حدود سعرية معقولة، وتحديد نطاقات سعرية.
زيادة غير مبررة
وشدد على أهمية الامتناع عن أي زيادة غير مبررة من قبل الموردين أو المدارس، فضلاً عن تعزيز المنافسة، ومنع الاحتكار، ومراقبة الأسعار والتدخل عند الضرورة، وإنشاء نظام مراقبة الأسعار ومتابعة الأسعار التي تقدمها المدارس والموردون بشكل دوري، ومقارنة الأسعار مع النطاقات المحددة.
وأكد ضرورة إلزام المدارس بالإفصاح عن أسعار الزي المدرسي، وتقديم إيصالات تفصيلية، وتصميم برامج لتوفير زي مدرسي مجاني أو مخفض التكاليف لأبناء الأسر المحتاجة، والتعاون مع الجمعيات الخيرية أو المؤسسات غير الربحية لتوفير زي مدرسي بأسعار مخفضة أو دعم الأسر المحتاجة، وإنشاء نظام شكاوى فعال، فضلاً عن المتابعة والمراجعة الدورية.
أسعار معقولة
وأجمعت آراء مختلف الفئات في مجتمع التعليم على أهمية دور الجهات التي تشرف على التعليم الخاص على مستوى الدولة، لضمان توفر الزي المدرسي بجودة عالية وأسعار معقولة للجميع، من خلال وضع معايير صارمة للجودة، وتعزيز الشفافية، وتقديم الدعم المالي، ما يسهم في حل هذه الإشكالية بشكل فعال، ويعزز من تجربة التعليم ويخفف الأعباء على الأسر.
وأكدوا أهمية تنظيم حملات توعية لتثقيف أولياء الأمور حول حقوقهم فيما يتعلق بجودة الزي المدرسي وأسعاره، وكيفية تقديم الشكاوى في حال وجود تجاوزات، فضلاً عن تعزيز ثقافة أن الزي المدرسي هو جزء من العملية التعليمية ويجب أن يعكس الجودة والاحترام، وليس مجرد وسيلة لتحقيق الربح، وتشجيع استخدام المواد المستدامة.
صديقة للبيئة
أشار عدد من أولياء الأمور إلى أهمية تشجيع المدارس والموردين على استخدام أقمشة صديقة للبيئة وذات جودة عالية، مما يقلل من التكاليف على المدى الطويل ويعزز الاستدامة، ويقد=م حوافز مالية للمدارس والموردين الذين يتبنون استخدام المواد المستدامة في الزي المدرسي، مؤكدين أهمية مراقبة السوق والتدخل عند الضرورة، والتدخل السريع، لاتخاذ أي إجراءات قانونية.
الجهات المعنية
أكد عدد من أولياء الأمور والتربويون على أهمية دور الجهات المعنية في معالجة قضية الزي المدرسي، بوضع معايير جودة للزي المدرسي، والتفتيش الدوري، وتنظيم عملية التوريد والتسعير، ومنع الاحتكار، وتحديد سقف للأسعار وتوفير منصة للشكاوى والتعامل معها بجدية وبحيادية، فضلاً عن طرح برامج للتوعية والإرشاد لفئات الميدان كافة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.