حقق برنامج «نسيج»، الذي أطلقته شرطة دبي العام الماضي، نتائج إيجابية في احتواء نحو 68 حدثاً من الجانحين ومثيري الفوضى ومرتكبي المخالفات البسيطة دون مساءلتهم قانونياً أو تحرير بلاغات جنائية ضدهم.
وتفصيلاً، قال مدير مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد الدكتور عبدالرحمن المعمري: «إن البرنامج الذي أطلق برعاية القائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، كان له أثر بالغ في تهذيب وإصلاح الطلبة الجانحين»، مشيراً إلى أن نحو 48 طالباً خضعوا للبرنامج خلال العام الماضي، و20 آخرين في العام الجاري.
وأوضح أن هناك نوعين من التدابير البديلة تستخدم مع هذه الفئة من الطلبة أو الأحداث، الأول من خلال تسجيل بلاغ جنائي، يتبعه مسار قانوني في النيابة العامة، ثم المحكمة التي تعاقب بنوع من هذه التدابير البديلة للحبس، أما النوع الثاني، بحسب المعمري، فيتمثل في برنامج نسيج الذي يعد بديلاً عن المسار الجزائي، بشقين أحدهما استباقي والآخر تقويمي، إذ يخضع الطالب المخالف لبرنامج مشابه لذلك الذي يخضع له طلبة أكاديمية الشرطة، لكن دون تخريج، فيتعلمون الاعتماد على أنفسهم في تنظيف أغراضهم وأسرّتهم ومرافقهم، ما يتيح لهم فرصة التهذيب مع الحفاظ على مستقبلهم من تسجيل سابقة جنائية ضدهم.
وأشار إلى أن الطلبة الذين يدرجون في برنامج «نسيج» يخضعون لمتابعة دورية لفترة محددة بعد ذلك، لضمان التزامهم، لافتاً إلى أن كثيراً منهم تغير كلياً، وصار أكثر انضباطاً، سواء في محيط المدرسة أو الأسرة والمنطقة التي يعيشون فيها.
وأوضح أن البرنامج وفر فرصة بديلة لحماية الأبناء، لذا يلجأ إليه آباء لطلبة جانحين، يطلبون إخضاعهم للبرنامج لتفادي تبعات أكثر خطورة تهدد مستقبلهم، مشيراً إلى أن شرطة دبي تحرص دائماً على توفير هذا المسار في المخالفات أو السلوكيات التي تمسّ الحقوق العامة للإمارة، مثل إحداث الضجيج أو إثارة الفوضى، لكن فيما يتعلق بالتجاوزات والجرائم بحق الأفراد، فإنها تتيح حرية اتخاذ القرار للطرف المتضرر، إما أن يحرر بلاغاً جزائياً، أو يتيح فرصة تقويم الطالب المتسبب عبر «نسيج».
وتابع أن مبادرة نسيج تمثل استجابة إبداعية شاملة، هدفها التصدي الاستباقي للمشكلات السلوكية السلبية والمخالفات، وتقويم الجانحين من طلبة المدارس، دون تعريضهم للمساءلة القانونية.
وأشار إلى أن البرنامج يتضمن محاضرات ومناهج للتوعية، إضافة إلى تدريبات رياضية وشرطية، ودورات تعزز المهارات الفردية والإبداعية للطلاب، وتحفزهم على الالتزام والانضباط وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع.
ولفت إلى أن هناك خمسة أهداف رئيسة لمبادرة نسيج، الأول توفير بيئة تعليمية آمنة دون تشويش أو تهديدات، والثاني الوقاية والحد من الظواهر السلبية داخل المدارس، من خلال برامج تعتمد على التوعية وتحد من انتشار هذه الظواهر.
وتابع أن الهدف الثالث هو تعزيز المظاهر والسلوك الإيجابي، وبناء شراكات مستدامة مع مختلف الجهات ذات الصلة بالطالب، مثل الأسرة والمعلمين والجهات الحكومية، والمجتمع المحلي، وأخيراً تطوير برامج تأهيلية وتوجيهية مبنية على أسس تربوية وعلمية، تحفز الطالب على التفوق الأكاديمي والانضباط السلوكي.
وأشار إلى أن المبادرة تستند إلى ثلاث استراتيجيات، الأولى الاستباقية، وتعتمد على التنبؤ المستقبلي بالسلوكيات المخالفة للقيم، ورصد المتغيرات العالمية لدراستها وتحليلها، وإيجاد برامج توعوية مستدامة لغرس السلوكيات الإيجابية، وتشكيل سفراء الأمان في المدارس لنشر الوعي، وتطوير برامج لبناء قدرات الطلاب والتنمية الشخصية، ودراسة الظواهر المخالفة في البيئة التعليمية لفهم أسبابها، والتدقيق على إجراءات الأمن والسلامة في مدارس دبي.
وأفاد بأن الاستراتيجية الثانية تتمثل في التقويم عبر مجموعة من البرامج التربوية والتقويمية المخطط لها وفق نوع المخالفة التي يرتكبها الحدث، ودرجة خطورتها بغرض إحداث تغيير إيجابي في سلوك الطالب المعرض للجنوح، والتحفظ على الأدوات المستخدمة في ارتكاب المخالفة، وإحالة المخالفات الخطرة وشديدة الخطورة إلى لجنة إدارة السلوك، والتعامل مع الحالات البسيطة من خلال المؤسسة التعليمية، وإيقاف الطالب المخالف بشكل فوري عن الدراسة، إن تطلب الأمر ذلك، وإبلاغ ولي الأمر من قبل لجنة إدارة السلوك.
وأوضح أن المرحلة الثانية من هذه الاستراتيجية تتمثل في العلاج، من خلال خطة تناسب المخالفة المرتكبة، وتطبيق الحالة، وإجراءات جمع الاستدلال مع الأطراف المعنية، وإحالة الطالب إلى برنامج نسيج للتعامل مع الحالة، وإخضاعه لخطة تقويمية وفق مرحلة زمنية محددة.
ولفت إلى أن المرحلة الثالثة من استراتيجية التقويم تتمثل في إجراء استطلاعات رأي لتحسين العملية بشكل مستمر، ومتابعة الحالات التي أخضعت للعلاج بشكل دوري، وتقييم خطة العلاج التي خضع لها الطالب.
وقال المعمري إن الاستراتيجية الثالثة تتمثل في تعزيز قيم ومبادئ المواطنة الإيجابية، من خلال نشر تلك الممارسات في أوساط الطلبة، وتكريم وتحفيز المتميزين بإشراكهم في برامج تمثيل المدرسة عبر برنامج سفراء الأمان، وإبلاغ الآباء بسلوكيات أبنائهم وسبل تعزيزها إيجابياً، وتوفير فرص متكافئة للطلاب لتعزيز تلك السلوكيات، والتعامل معهم بأسلوب راقٍ واحترام شخصياتهم ومشاعرهم، وتوفير التعزيز الفوري عن طريق الإشادة وتنمية السلوك الإيجابي، وتشجيع المعلمين على تبني هذه الأساليب، مع تجنب القسوة والإيذاء النفسي.
وكشف المعمري أن البرنامج يعتمد أسلوباً متطوراً في تصنيف السلوكيات الإيجابية السلبية للطلبة بناء على درجة خطورتها.
وأضاف أن السلوكيات السلبية تصنف إلى أنماط عدة، الأول مخالفات بسيطة، مثل تكرار التأخر عن الطابور الصباحي، أو عدم المشاركة فيه دون عذر مقبول، وعدم الالتزام بالزي المدرسي، وتطويل الشعر أو القصات الغريبة، والنوم أو تناول الطعام داخل الحصة، وسوء استعمال الأجهزة الإلكترونية، وكل ما يشبه ذلك من سلوكيات سلبية داخل الحرم المدرسي، مثل التحريض على الشجار أو تهديد وتخويف زملائه، ومخالفة الآداب العامة، والإساءة اللفظية والتطاول على الطلبة أو العاملين أو ضيوف المدرسة، والتدخين أو حيازة أدواته.
وتابع المعمري أن النمط الثاني هو المخالفات الخطرة، مثل التنمر بمختلف أشكاله، ونقل أو نسخ الواجبات والتقارير والمشاريع ونسبتها لنفسه، والخروج من المدرسة دون إذن، أو الهرب منها أثناء اليوم الدراسي، والتشهير بالزملاء أو العاملين في وسائل التواصل الاجتماعي، وانتحال صفة الغير، والتخريب، والاعتداء على سلامة جسم الآخرين، وقيادة المركبة بتهور داخل أو حول الحرم المدرسي، وتصوير أو حيازة صور للزملاء أو العاملين دون إذن.
ويخضع المتورطون في المخالفات الخطرة لبرنامج تقويمي يتضمن النصح والإرشاد، والتعهد والإنذار، والقيام بواجبات معينة، والخضوع لدورات تعليمية وتدريبية، ويتم ذلك من خلال المدرسة أوهيئة المعرفة، أومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي أو شرطة دبي.
أما النمط الثالث فيتمثل في المخالفات شديدة الخطورة، مثل استعمال وسائل الاتصال أو التواصل الاجتماعي في أغراض غير قانونية أو غير أخلاقية، أو فيما يسيء للمؤسسة التعليمية أو العاملين فيها، وحيازة أو استخدام أسلحة نارية أو بيضاء، والاعتداء، والسرقة أو التستر عليها، وجلب وحيازة وعرض مواد مادية أو إعلامية أو إلكترونية غير مرخص بها، والتحرش، وتسريب أسئلة الامتحانات أو المشاركة في ذلك بأي شكل من الأشكال، ويخضع المتورطون في هذه المخالفات لبرنامج نسيج تحت إشراف شرطة دبي.
وأوضح أن هناك مصادر عدة لرصد سلوكيات الطلبة، منها المدرسة، ومنصات التواصل الاجتماعي، والأحياء السكنية، والأقارب والآباء، وأرقام الاتصال الساخن أو المنصات الذكية لشرطة دبي، فضلاً عن المراكز الصحية والعيادات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والشرطة المجتمعية.
ولفت المعمري إلى آليات لقياس نتائج برنامج نسيج داخل المدرسة وخارجها، تتضمن نسبة انخفاض بلاغات الأحداث، ونسبة العودة إلى ارتكاب السلوكيات المخالفة، وعدد الطلبة الذين تم تأهيلهم، ومستوى رضا الأسر والآباء.
وأكد أن جميع البلاغات والإجراءات التي تتم عبر برنامج نسيج تخضع لإطار محكم من السرية، خصوصاً ما يتعلق بهوية المبلغين، من خلال أنظمة تكنولوجية آمنة، كما يمثل البرنامج فرصة لإعادة التقويم واحتواء الطلبة الجانحين، بما يعزز حماية مستقبلهم.
سرقة من أجل التسلية
قال العميد الدكتور عبدالرحمن شرف المعمري إن الطلبة والأحداث في سن المراهقة يتصرفون أحياناً بطريقة مخالفة، لمجرد إثبات الذات والتسلية، مثل مجموعة سرقت سيارة من دبي وتوجهت بها إلى إمارة أخرى، لتناول العشاء، ثم تركتها هناك وعادت بمركبة أخرى، وأضاف أنه في ظل عدم تقدم أي طرف ببلاغ ضدهم، تم إخضاعهم لبرنامج «نسيج»، وأثبتت المتابعة الدورية التزامهم وانضباطهم لاحقاً.
. 68 حدثاً خضعوا للبرنامج.. وآباء يعدّونه «طوق نجاة».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.