العنف السياسي ليس جديداً على أميركا، فمنذ نشأة البلاد شكّل المسلحون المشهد السياسي، من الحرب الأهلية وعصابات «كو كلوكس كلان»، إلى الاغتيالات البارزة وتفجير المباني الفيدرالية، ومع ذلك تعمّق خطر العنف السياسي في السنوات الأخيرة، واشتدت حدته خلال دورة الانتخابات لعام 2024.
فقد تم الإبلاغ عن نحو 400 حادث منفصل من العنف السياسي في الربعين الأول والثاني من هذا العام، بزيادة قدرها 80% تقريباً على عام 2022.
وأكدت وزارة الأمن الداخلي، مراراً، التهديد المتزايد للعنف السياسي، حيث حددت المتطرفين اليمينيين، كونهم يُعدون التهديد المحلي الأكثر خطورة على الأمن الأميركي.
ويتجمع عدد صغير من هذه المجموعات في الشوارع، على الرغم من أن العديد من هذه المجموعات نشط على الإنترنت. وفي النصف الأول من عام 2024 وحده، أبلغ واحد من كل خمسة مسؤولين محليين منتخبين عن تلقي تهديدات. وهذا الشهر وصفت وزارة الأمن الداخلي تهديد العنف، المرتبط بدورة الانتخابات لعام 2024، بأنه «مرتفع».
إنقاذ البلاد
وعادة ما يتم تعريف العنف السياسي على أنه استخدام القوة البدنية لإيذاء شخص من أجل تحقيق هدف سياسي. وفي عام 2022، شعر واحد من كل ثلاثة بالغين أميركيين أن العنف السياسي كان مبرراً دائماً «لحماية الديمقراطية الأميركية»، أو «إنقاذ أسلوب الحياة الأميركي»، أو «إنقاذ البلاد».
ومن المثير للقلق أن واحداً من كل سبعة أميركيين وافق بقوة على العبارة القائلة إنه «في السنوات القليلة المقبلة، ستكون هناك حرب أهلية في الولايات المتحدة». وعلى الرغم من انخفاض هذه الأرقام قليلاً بحلول عام 2023، فإن مبرر العنف السياسي منتشر على نطاق واسع بشكل مقلق.
وداخل الولايات المتحدة، قد يؤدي التيار المستمر من التفكير في المؤامرة، إلى زيادة خطر العنف السياسي. وفي دراسة أجريت عام 2024 تبين أن نحو 9% من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع في الفترة من 2022 إل 2023، لديهم اعتقاد راسخ في الروايات المشابهة لروايات «كيو أنون» (تيار يميني يروّج لنظرية المؤامرة)، أن المؤسسات الأميركية «تخضع لسيطرة مجموعة من الأشخاص غير الأسوياء الذين يقومون بأعمال مشبوهة».
وذكر 20% من الأميركيين أنهم «يعيشون ما يسميه الكتاب المقدس (نهاية الزمان)». ومع اكتساب الأفكار العنيفة والتآمرية زخماً، تزداد أيضاً مخاطر تنفيذها على المستوى المحلي للغاية.
مسلحون جاهزون
ويتضاعف خطر العنف السياسي، بسبب توافر الأسلحة النارية، والولايات المتحدة حالة شاذة عندما يتعلق الأمر بالأسلحة النارية، فهناك ما لا يقل عن 370 مليون قطعة منها متداولة. ويقول ما بين 30 و40% من الأميركيين، إنهم يمتلكون سلاحاً نارياً واحداً على الأقل.
وارتفعت ملكية الأسلحة النارية في العقد الماضي، حيث أظهرت الدراسات الاستقصائية أن أكثر من نصف البالغين في الولايات المتحدة يعيشون في أسرة بها سلاح ناري في عام 2023، بزيادة 42% على عام 2013.
ومن المثير للاهتمام أن أكبر زيادة في ملكية الأسلحة النارية بين عامي 2020 و2021 كانت بين المواطنين الليبراليين والديمقراطيين.
وسواء كانوا مشترين حديثاً أو مالكين منذ فترة طويلة، فإن مالكي الأسلحة النارية يعبّرون عادة عن دعم أكثر للعنف السياسي، مقارنة بغير مالكي الأسلحة النارية، حيث ينظر الكثيرون إلى الأسلحة النارية كأدوات يمكن استخدامها للدفاع عن «القيم الأميركية».
علاوة على ذلك، فإن مالكي البنادق الهجومية والأشخاص الذين يبدو أنهم أكثر ميلاً لرؤية العنف السياسي على أنه مبرَّر، هم أكثر استعداداً للانخراط فيه، وأكثر استعداداً للقتل، لتحقيق أهداف سياسية، وتنظيم مجموعات عنيفة.
ووجد الاستطلاع نفسه لعام 2024، أن أنصار حملة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، لديهم معتقدات - في ما يخص احتمال نشوب صراع أهلي، والاستعداد لحمل السلاح في مثل هذا السيناريو - مرتفعة بشكل ملحوظ.
ويعتقد نحو 30% من الجمهوريين من أنصار حملة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» بقوة، أن الحرب الأهلية مرجحة في السنوات القادمة، ثلاثة أضعاف المعدل بين الجمهوريين غير المنتمين إلى الحملة، وهذا يختلف عن العنف السياسي خلال الستينات والسبعينات، حيث في الأغلب تم تحديد الجماعات اليسارية المتطرفة، كونها تُعدُّ الجهات الفاعلة الأساسية.
استياء سياسي
من ناحية أخرى، أصبحت الميليشيات الخاصة أكثر جرأة، ويقدر عدد المجموعات النشطة اليوم بنحو 169 مجموعة، وتمتلك تاريخاً طويلاً ومضطرباً، وبلغت مكانتها البارزة في الثمانينات والتسعينات. وبحلول منتصف تسعينات القرن الـ20 كان هناك نحو 859 من الميليشيات النشطة، على الرغم من انخفاض أعدادها في أعقاب حملات القمع الحكومية.
ومع ذلك، فمنذ عام 2016 استعادت الميليشيات، مثل «ثري برسنترز» و«حراس القسم»، الزخم، مدفوعة بالاستياء السياسي، والخطاب المناهض للهجرة، وتأييد الشخصيات السياسية اليمينية المتطرفة. وشارك العديد منها في مسيرة «توحيد اليمين» في «شارلوتسفيل» عام 2017، وأنشطة «أوقفوا السرقة» التي أعقبت انتخابات عام 2020، بما في ذلك أعمال الشغب في «الكابيتول»، بينما يواصل آخرون التعبئة حول قضايا أمن الحدود.
ويحظر القانون الفيدرالي، النشاط شبه العسكري في جميع الولايات الـ50، ومع ذلك فإن تطبيقه غير متسق، وبينما تم توجيه الاتهام إلى بعض الأفراد المنتمين إلى مجموعات الميليشيات في السنوات الأخيرة، فإن الملاحقات القضائية نادرة.
ومزيج المشاعر المناهضة للحكومة، والانتشار الرقمي للأيديولوجيات اليمينية المتطرفة، يُعقّدان عملية تنفيذ القانون، خصوصاً في المناطق المشحونة سياسياً أو الريفية. وتبنت إدارة الرئيس جو بايدن، أول استراتيجية وطنية للبلاد لمكافحة الإرهاب المحلي في عام 2021.
وفي ظل الأدلة المتزايدة على تهديدها، اقترح أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، قانون منع الأنشطة شبه العسكرية الخاصة عام 2024، الذي يهدف إلى حظر «التدريبات والدوريات أو الانخراط في التكتيكات شبه العسكرية»، على الرغم من أن مشروع القانون لم يتم تمريره بعد.
وإلى جانب المواجهات الجسدية، فإن فضاء الإنترنت هو جبهة أخرى في انتشار العنف السياسي. وأحدثت وسائل التواصل الاجتماعي، ثورة في التجنيد والتطرف، حيث تعمل المنصات على تعزيز العنف، إذ تنتشر التهديدات والترهيب والتعليمات بالعنف مع الإفلات من العقاب تقريباً.
وفي عام 2023، حققت شرطة «الكابيتول» في أكثر من 8000 تهديد ضد أعضاء الكونغرس، وهو ما يعكس زيادة بنحو 50%، على عام 2018. وفي الوقت نفسه ارتفعت التهديدات للقضاة الفيدراليين بنسبة 150%، من عام 2019 إلى عام 2023. وتعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تحفيز الإثارة والغضب، ما يجعل النساء والأقليات في الأغلب عرضة للتحرش بشكل خاص.
وتقوم بعض الميليشيات والجماعات المتطرفة بإخفاء الدعاية تحت أسماء غير ضارة، وبناء شبكات سرية لتدريب المستخدمين وتنظيمهم. عن «ذي كونفرسيشن»
نهج متعدد
يؤكد صراع أميركا مع العنف السياسي والتطرف المحلي، الحاجة إلى نهج متعدد، بدءاً من إنفاذ أكثر وضوحاً لقوانين الميليشيات، وقوانين الأسلحة الفاعلة، بما في ذلك التحقق من خلفية المالكين، وحظر البنادق الهجومية، وفرض قيود أقوى على وسائل التواصل الاجتماعي، ومساءلة المنصات التي تسمح بتداول المحتوى المتطرف، ومع ذلك تتطلب هذه التدابير الإرادة السياسية والدعم العام، وكلها نادرة في المشهد السياسي المستقطب في الولايات المتحدة.
• المنصات تعمل على تعزيز العنف، حيث تنتشر التهديدات والترهيب مع الإفلات من العقاب تقريباً.
• القانون الفيدرالي يحظر النشاط شبه العسكري، ومع ذلك فإن تطبيقه «غير متسق».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.