عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

دول في «الجنوب العالمي» تتحسب للتقارب الأميركي الروسي الصيني المحتمل

يبدو أن هناك «إرهاصات» لتحسن وشيك في العلاقات بين الولايات المتحدة ومنافسيها من القوى العظمى، روسيا والصين، إذ تتفاوض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مباشرة مع الكرملين في محاولة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقد يلتقي ترامب بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وربما يعيد الاثنان ضبط العلاقة الثنائية بالكامل. وبالمثل، قال ترامب إنه يرغب في لقاء الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ربما في الولايات المتحدة، لاستئناف المفاوضات بشأن مجالات الاحتكاك الشديد المتمثلة في الخلل التجاري الكبير. كما قال ترامب في الأسابيع الأخيرة إنه يتمتع بـ«علاقة رائعة» مع شي جين بينغ، ويتطلع إلى «التوافق مع ».

وفي الوقت الراهن، لايزال العالم يتصارع ويتكيف مع هذا التحول الجيوسياسي المحتمل، ففي منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من المرجح أن تكون الاستجابات مختلطة.

وقد يعرب حلفاء الولايات المتحدة وشركاؤها المقربون عن مخاوفهم العميقة، لكن الغالبية العظمى من البلدان ربما تشعر بتفاؤل حذر في الوقت الذي يحاول فيه المنافسون، المسلحون نووياً، حل خلافاتهم سلمياً.

وينطبق هذا بشكل خاص على دول المحيطين الهندي والهادئ، التي تشعر بالقلق الدائم بشأن الوقوع في المنتصف.

لكن في الوقت نفسه، قد تشعر هذه الدول غير المنحازة، والواقعة في الجنوب العالمي، بالقلق من أن احتمالات استراتيجياتها التحوطية، باعتبار أنها تجني فوائد كثيرة من احتكاك القوى العظمى مع بعضها، قد تتضاءل بشكل كبير.

ومن المرجح أن يعرب حلفاء الولايات المتحدة في شمال شرق آسيا، وكوريا الجنوبية، عن تحفظات عميقة بشأن ما يبدو أنها استراتيجية أميركية جديدة.

فمنذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، دعمت طوكيو بقوة موقف إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو ، من خلال التوقيع على العقوبات التي تفرضها وتنفذها الولايات المتحدة ضد موسكو.

كما ظلت اليابان قلقة بشأن الشراكة الاستراتيجية «بلا حدود» بين روسيا والصين، التي قد تضاعف التوتر، وتخلق صراعات مستقبلية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، سواء بشأن جزر «الكوريل»، أو جزر سينكاكو (المعروفة باسم جزر دياويو في الصين)، أو تايوان، أو كوريا الجنوبية، أو بحر الصين الجنوبي.

وعلى سبيل المثال، شعرت طوكيو بالتوتر في نوفمبر الماضي، عندما نشرت الصين وروسيا قاذفات استراتيجية في دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان.

لكن اليابان قلقة في المقام الأول بشأن العلاقات المتجددة بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تشجع بكين على الاستيلاء على الجزر المتنازع عليها، مثل جزر سينكاكو، أو مهاجمة تايوان، الأمر الذي قد يتطلب تدخل اليابان لضمان أمن جزر «ريوكيو» مع جزيرة أخرى تقع في أقصى الغرب على بعد 68 ميلاً فقط من ساحل تايوان.

عواقب استراتيجية

وتركز كوريا الجنوبية بشكل شبه حصري على التهديد الآتي من كوريا الشمالية، وقد تواجه عواقب استراتيجية هائلة إذا حسّنت واشنطن العلاقات مع بكين أو موسكو أو كلتيهما.

وإذا أعطت واشنطن الأولوية للتنسيق مع هاتين الدولتين بدلاً من سيؤول، فقد تفقد الأخيرة نفوذاً كبيراً عند التعامل مع النظام الكوري الشمالي.

وقد تغض الولايات المتحدة الطرف أيضاً عن المساعدات العسكرية الكورية الشمالية لروسيا في حربها مع أوكرانيا، ما يمكن بيونغ يانغ من تعزيز قدرات قواتها في مواجهة حرب محتملة في شبه الجزيرة الكورية.

إضافة إلى ذلك، لن تشعر بكين ولا موسكو بالقدر نفسه من الضغوط لمواصلة نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، حيث سيتم تخفيف عقوبات الأمم المتحدة بموافقة الولايات المتحدة.

والدولة الآسيوية التي ربما تكون الأكثر خسارة هي تايوان، وباعتبارها شريكاً استراتيجياً قديماً لأميركا، كانت تايبيه، تأمل دائماً، وربما تتوقع، أن تتدخل واشنطن عسكرياً إذا هاجمت بكين الجزيرة.

وفي الواقع، أشار بايدن علناً في أربع مناسبات منفصلة إلى أن الجيش الأميركي سيساعد تايبيه، في مثل هذا السيناريو، ما أدى فعلياً إلى تحول واشنطن عن موقفها المتمثل في «الغموض الاستراتيجي» إلى موقف الوضوح الاستراتيجي، وإذا تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فإن تايوان ستتساءل عما إذا كانت التزامات بايدن لاتزال قائمة. وبطبيعة الحال، فإن أي تسوية أميركية مع الكرملين بشأن أوكرانيا، تحتفظ روسيا بموجبها بأراضٍ أوكرانية، من شأنها بالتأكيد أن تخلق حالة من الذعر في تايوان التي ستشعر بأن واشنطن فرطّت في أمنها وسيادتها المستمرة.

وفي جنوب شرق آسيا، من المحتمل أن يكون رد الفعل على أي انفراج أميركي مع الصين وروسيا إيجابياً بشكل ساحق، حيث تسعى كل هذه الدول تقريباً إلى تجنب الوقوع في فخ المنافسة بين القوى العظمى، وربما الحرب في منطقتها، حيث إن الشركاء الاستراتيجيين الرئيسين للولايات المتحدة، إندونيسيا وسنغافورة وفيتنام، يحافظون بالفعل على سياسات خارجية غير منحازة بشكل صارم، تتجنب اختيار قوة عظمى على أخرى. وعلى العكس من ذلك، كانت استراتيجيتهم تتمثل في التحوط مع القوى العظمى لحماية أنفسهم.

على سبيل المثال، فيتنام هي الدولة الوحيدة في العالم، منذ اندلاع حرب روسيا وأوكرانيا، التي رحّبت ببايدن، وشي جين بينغ، وفلاديمير بوتين، في القمم. وبالمثل، سترّحب دول أخرى في المنطقة، مثل بروناي وماليزيا، بهذا التحول الاستراتيجي.

كما أن كمبوديا ولاوس راسختان بالفعل في المدار الاستراتيجي للصين، وقد تتوقعان فوائد أعظم إذا ما تفاهمت واشنطن وبكين.

ويحافظ المجلس العسكري في ميانمار، التي تشهد حرباً أهلية مستمرة، على علاقات أمنية وثيقة مع كل من الصين وروسيا، لذا فمن المرجح أن يتم تبني التحول الاستراتيجي الأميركي هناك أيضاً.

وحتى تايلاند، حليفة الولايات المتحدة بموجب معاهدة، من المرجح أن تؤيد تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لأن بانكوك لا تشارك واشنطن في إلحاحها على معالجة التهديد الصيني.

ومن بين كل دول جنوب شرق آسيا، فإن الفلبين، الحليف الأمني للولايات المتحدة، ستخسر بالتأكيد من التحول الكبير في الاستراتيجية الأميركية تجاه الصين وروسيا. فعلى مدى عقود من الزمان، اضطرت مانيلا إلى مواجهة تعديات بكين على منطقتها الاقتصادية الخالصة في بحر الصين الجنوبي، وأبرزها في جزر «سبراتلي» وفي جزر «سكاربورو».

ولقد أدى تجاهل بكين للقانون الدولي والأعراف إلى العديد من الحوادث الخطرة في البحر، والتي تنطوي على تكتيكات المنطقة الرمادية من قبل سفن خفر السواحل الصينية وأسطول الصيد العسكري. وكان هذا هو الحال بشكل خاص عندما حاولت مانيلا، بشكل دوري، إعادة إمداد قواتها على متن سفينة إنزال الدبابات (سييرا مادري) التي تعود لحقبة الحرب العالمية الثانية في جزر «توماس شول» الثانية.

ورداً على ذلك، اتخذت الولايات المتحدة والفلبين العديد من الخطوات لتعزيز تحالفهما لتعزيز الردع، من خلال توسيع عدد القواعد الفلبينية التي يمكن للجيش الأميركي نشرها. فإذا أصبحت واشنطن وبكين على علاقة أوثق، فمن الطبيعي أن تشعر مانيلا بالقلق.

تحقيق التوازن

وفي الوقت نفسه، في جنوب آسيا، من المؤكد أن شريكاً استراتيجياً رئيساً آخر للولايات المتحدة، وهو الهند، سيقبل بالعلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة وروسيا، على الرغم من أنه قد يشعر بالقلق إزاء العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والصين، حيث إن أحد مصادر الاحتكاك القليلة المستمرة في العلاقات بين الولايات المتحدة والهند، خصوصاً منذ بداية حرب روسيا وأوكرانيا، هو إصرار الهند على الشراكة الاستراتيجية بينها وبين وروسيا، بما في ذلك الترتيبات الأمنية الجديدة التي وقعها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وبوتين في موسكو، العام الماضي.

ومن شأن تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أن يجعل هذا الاحتكاك يختفي.

وفيما يتصل بالصين، فإن الهند أكثر حذراً. ففي أكتوبر، نجحت نيودلهي وبكين في حل المواجهة الحدودية البرية بينهما سلمياً، وبدأت عملية تهدئة العلاقات، ولكن التركيز الشديد على التعاون الدفاعي خلال زيارة مودي للبيت الأبيض في منتصف فبراير، يشير بقوة إلى أن الهند ترى الولايات المتحدة باعتبارها القوة الأساسية لمساعدتها على تحقيق التوازن في مواجهة الصين، وبالتالي، فإن العلاقات الأميركية الصينية الوثيقة سينظر إليها بريبة في نيودلهي.

ومن المرجح جداً أن تشيد جميع الدول الأخرى في جنوب آسيا: أفغانستان، وبنغلاديش، وبوتان، وجزر المالديف، ونيبال، وباكستان، وسريلانكا، بحماسة بالعلاقات المتحسنة بين القوى العظمى، ولكن في جنوب شرق آسيا، تبحث هذه الدول ببساطة عن بيئة أكثر سلمية واستقراراً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. عن «الفورين بوليسي»

. في جنوب شرق آسيا، تبحث الدول ببساطة عن بيئة أكثر سلمية واستقراراً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

. الدول غير المنحازة والواقعة في الجنوب العالمي تشعر بالقلق من أن احتمالات استراتيجياتها التحوطية، باعتبار أنها تجني فوائد كثيرة من احتكاك القوى العظمى مع بعضها، قد تتضاءل بشكل كبير.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا