حدد أطباء ومتخصصون ستة أسباب رئيسة وراء تشوهات الأجنة والعيوب الخلقية، تشمل العوامل الوراثية، والعدوى الفيروسية، وسوء التغذية، والتعرض للمواد الضارة مثل الكحول والتدخين، وتناول أدوية من دون استشارة طبية، إضافة إلى الأمراض المزمنة غير المسيطر عليها، مثل السكري وضغط الدم، وحذروا من خطورة تجاهل إجراء ثلاثة فحوص رئيسة خلال الحمل تشمل فحص الثلث الأول منه، عبر السونار وتحاليل الدم، وفحص الحمض النووي غير الغازي (NIPT)، والفحوص التشخيصية الدقيقة مثل عينة الزغابات المشيمية أو بزل السائل الأمنيوسي، وأكدوا أن التشخيص المبكر يلعب دوراً محورياً في تقليل المضاعفات، واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب. وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن زواج الأقارب لايزال من أبرز عوامل خطر الإصابة بالأمراض الوراثية المتنحية، نتيجة احتمالية حمل الزوجين للطفرة الجينية ذاتها من دون علمهما، ما قد يؤدي إلى ولادة أطفال يعانون أمراضاً وراثية خطرة، وأكدوا أهمية الفحص الجيني قبل الزواج، خصوصاً في حال وجود تاريخ عائلي أو الانتماء إلى مجموعات عرقية ينتشر فيها بعض الاضطرابات الوراثية، ولفتوا إلى أن إدراج هذا الفحص ضمن برامج ما قبل الزواج خطوة وقائية مهمة، تتيح للأزواج تقييم المخاطر واتخاذ قرارات مدروسة بشأن الإنجاب. دور الذكاء الاصطناعي وأكدوا أن الذكاء الاصطناعي بات يلعب دوراً متزايداً في مجال الكشف عن التشوهات الخلقية، من خلال تحليل صور الموجات فوق الصوتية باستخدام خوارزميات التعلم العميق، بدقة قد تصل إلى 96%، إلى جانب تحليل البيانات الجينية للكشف المبكر عن الاختلالات الصبغية مثل متلازمة داون، وأعربوا عن تفاؤلهم بمستقبل الذكاء الاصطناعي في تعزيز برامج الرعاية الروتينية للحوامل، عبر تطوير أدوات تقييم مخصصة للمخاطر، وتوجيه التدخلات الوقائية بناءً على تحليل البيانات الصحية والاجتماعية لكل حالة. وتفصيلاً، أكد أخصائي أمراض النساء والولادة، الدكتور بيتر نوار، أن تشوهات الأجنة غالباً ما تبدأ بالتكوّن في مراحل مبكرة جداً من الحمل، وغالباً قبل أن تدرك الأم أنها حامل، وتحديداً ما بين الأسبوعين الثالث والثامن، وهي فترة حساسة تشهد تطور الأعضاء الأساسية لدى الجنين، مثل القلب والدماغ والحبل الشوكي. وأوضح أن هناك ستة أسباب مؤدية إلى هذه التشوهات، تشمل «المشكلات الجينية»، حيث قد يرث الجنين بعض الحالات الوراثية، مثل متلازمة داون وغيرها، نتيجة تغيرات في الحمض النووي، و«العدوى الفيروسية» خلال الحمل مثل الحصبة الألمانية أو التوكسوبلازما أو فيروس زيكا، و«التعرض للمواد الضارة» مثل تعاطي الكحول والتدخين، و«سوء التغذية»، خصوصاً نقص حمض الفوليك، و«تناول بعض الأدوية» دون استشارة طبية، و«الحالات الصحية غير المسيطر عليها لدى الأم» مثل السكري وضغط الدم، قد ترفع أيضاً من خطر الإصابة بتشوّهات خلقية. وعن وسائل الكشف المبكر عن أي مشكلات محتملة لدى الجنين، شدّد نوار على أهمية إجراء ثلاثة فحوص أساسية، تشمل فحص الثلث الأول من الحمل (من الأسبوع 11 إلى 13)، ويتضمن فحص (السونار) لقياس سمك رقبة الجنين، وفحص دم الأم، وفحص الحمض النووي غير الغازي (NIPT) بدءاً من الأسبوع العاشر، ويُعد من أكثر الفحوص دقة للكشف عن اضطرابات وراثية، من خلال أخذ عينة دم من الأم، وتحليل أجزاء دقيقة من الحمض النووي للجنين الموجودة في دمها، والفحوص الخاصة عند الحاجة، في حال أظهرت الفحوص المبكرة مؤشرات مقلقة، وتشمل عينة الزغابات المشيمية (CVS) بين الأسبوعين 10 و13، وفحص بزل السائل الأمنيوسي (Amniocentesis) بين الأسبوعين 15 و20. فحص السونار وأشار إلى أنه رغم أن فحص السونار أداة أساسية في مراقبة الحمل، وأداة فعّالة لرصد العديد من المشكلات الجسدية، مثل العيوب القلبية أو مشكلات في العمود الفقري أو الدماغ، إلا أنه لا يكفي وحده لتشخيص جميع أنواع التشوهات، خصوصاً الوراثية منها، وغالباً ما يتم بإجراء فحوص إضافية إذا لزم الأمر. وأكد استشاري طب الأعصاب للأطفال، الدكتور فيفيك موندادا، أن زواج الأقارب من العوامل التي تزيد بشكل ملحوظ خطر إصابة الأبناء بالأمراض الوراثية المتنحية، نظراً إلى احتمالية أن يكون كلا الوالدين حاملاً للطفرة الجينية ذاتها من دون أن تظهر عليهما أعراض، وهي حالة يُطلق عليها طبياً «الناقلون». وأوضح أن الإنسان يرث نسختين من كل جين، الأولى من الأب والثانية من الأم، وتحدث الأمراض الوراثية المتنحية، مثل التليّف الكيسي وضمور العضلات الشوكي، عندما يرث الطفل نسختين معيبتين من الجين نفسه، وفي حال وجود صلة قرابة بين الزوجين، تزداد احتمالات تشابه الطفرات الجينية لديهما، مقارنة بالزواج من خارج العائلة، ما يرفع خطر انتقال هذه الطفرات إلى الجنين، ويزيد احتمالية إصابته بأمراض وراثية خطرة، قد تؤثر سلباً في نموه وصحته وجودة حياته. وأشار إلى أهمية إجراء فحص حاملي الأمراض الوراثية (Carrier Screening) قبل الحمل، خصوصاً للأزواج الذين لديهم تاريخ عائلي، أو ينتمون إلى مجموعات عرقية معروفة بانتشار أمراض معينة، مثل فقر الدم المنجلي أو الثلاسيميا. اختبار الحمض النووي وفي ما يتعلق بالفحوص المتاحة خلال الحمل، أوضح أن اختبار الحمض النووي غير التدخلي (NIPT) وسيلة دقيقة نسبياً للكشف عن اضطرابات صبغية مثل متلازمة داون، لكنه لا يقدم تشخيصاً نهائياً، بل يقدّر مستوى الخطر، قائلاً «رغم أن دقة NIPT قد تصل إلى 99% في بعض الحالات، إلا أن نتائجه تظل بحاجة إلى التأكيد عبر فحوص تشخيصية أدق، خصوصاً في حالات الحمل بالتوائم». وأشار إلى أن الأزواج الذين يحملون طفرات جينية معروفة يمكنهم اللجوء إلى تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع (PGD) في حال اعتماد التلقيح الاصطناعي، لاختيار أجنّة سليمة، ما يقلل مخاطر انتقال الأمراض إلى الجيل المقبل. وأكد أهمية الاختبار الجيني الذي أدرج ضمن فحوص ما قبل الزواج، حيث يتيح للمقبلين على الزواج الخضوع لفحوص جينية لتحديد فيما إذا كانوا يحملون طفرات جينية مشتركة، وقد ينقلونها لذريتهم مستقبلاً، وقد تتسبب لأطفالهم بأمراض وراثية يمكن الوقاية منها، ويغطي الاختبار الجيني 570 جيناً لأكثر من 840 حالة طبية، لافتاً إلى أنه يعتبر إجراءً مهماً، كونه يساعد المقبلين على الزواج في تقييم مخاطر إنجابهم أطفالاً مصابين بأمراض وراثية، ويدعمهم لاتخاذ قرارات مدروسة واعية عند التخطيط لتأسيس الأسرة. ومن جانبها، أكدت استشارية طب أمراض النساء والولادة، الدكتورة كولشان محمد جميل مصطفى، أن خطر التشوهات الخلقية التي تصيب الأجنة يزداد مع تقدم عمر الأم، لاسيما بعد سن الـ35، وأشارت إلى أن احتمالية حدوث بعض التشوهات الجينية، مثل «متلازمة داون» و«متلازمة إدوارد» و«متلازمة باتو»، تصبح أعلى في هذه المرحلة العمرية. التشوهات الخلقية الشائعة وأوضحت أن أبرز التشوهات الخلقية الشائعة تشمل التشوهات الجينية أو الاختلالات الصبغية، وتعد متلازمة داون الأكثر شيوعاً، إضافة إلى أمراض القلب، وتغير أماكن وجود الأوعية الدموية الكبيرة، وتشوهات الجهاز العصبي مثل استسقاء الدماغ أو انعدام عظم الجمجمة. وحول دور الذكاء الاصطناعي في تشخيص التشوهات الخلقية، قالت إن هذه التقنيات دخلت بقوة في مجال تحليل صور الموجات فوق الصوتية، حيث أظهرت خوارزميات التعلم العميق قدرة على اكتشاف تشوهات الدماغ بنسبة تصل إلى 96%، فضلاً عن استخدامها في تحليل البيانات الجينية ضمن اختبارات ما قبل الولادة، للكشف عن اختلالات الكروموسومات مثل متلازمة داون. وعن مستقبل الذكاء الاصطناعي في التنبؤ المبكر بمخاطر التشوهات الخلقية، أعربت عن تفاؤلها الكبير بالتقدم التكنولوجي، وأكدت أن للذكاء الاصطناعي دوراً محورياً مرتقباً في تحليل البيانات الصحية والاجتماعية، لتحديد النساء الأكثر عرضة لمضاعفات الحمل، وأشارت إلى إمكانية دمج هذه التقنيات في برامج الرعاية الروتينية للحوامل، من خلال توفير تقييمات مخاطر مخصصة، وتوجيه التدخلات الوقائية والإجراءات اللازمة للحد من تلك التشوهات. التغذية السليمة وشدّدت أخصائية التغذية السريرية، رهف محمد الطويرقي، على أن التغذية السليمة خلال فترة الحمل تُعد عاملاً أساسياً في دعم نمو الجنين، ومنع حدوث العيوب الخلقية، قائلة: «الغذاء المتوازن لا يغذي الأم فقط، بل يوفّر للجنين العناصر الحيوية التي يحتاج إليها لبناء جهازه العصبي، ونمو أعضائه بشكل سليم». وحذّرت من مخاطر سوء التغذية أو اتباع حميات قاسية خلال الحمل، كونها قد تؤدي إلى انخفاض وزن المولود، أو تأخر النمو، أو حتى تشوهات خلقية، وأشارت إلى أن التغذية غير المتوازنة تُضعف أيضاً الجهاز المناعي للرضيع بعد الولادة. وأكدت أهمية تناول الأم حمض الفوليك تحديداً، إذ يُعد من أهم العناصر التي تقي من العيوب الخلقية في الأنبوب العصبي، مثل السنسنة المشقوقة والأنينسيفالي، ونصحت النساء بتناوله بجرعة يومية تراوح بين 400 و800 ميكروغرام، ويفضل أن يبدأ ذلك قبل الحمل بشهر على الأقل، ويستمر خلال الثلث الأول. وبيّنت أن العناصر الأخرى مثل الحديد، والكالسيوم، وفيتامين D، اليود وDHA تلعب أدواراً متكاملة في تكوين العظام، ونمو الدماغ، وتعزيز مناعة الأم والجنين، وشددت على ضرورة التزام المكملات الغذائية تحت إشراف طبي.