تحقيق: ميرة الراشدي
الغش في الامتحانات يعتبر أحد أبرز التحديات التي تهدد نزاهة العملية التعليمية، إذ لا يقتصر أثره على إضعاف التحصيل الأكاديمي فحسب، بل يتعداه إلى الإضرار بسمعة المؤسسات التعليمية ومصداقيتها، فالتعليم ليس مجرد وسيلة لنيل الشهادات، بل هو ركيزة أساسية في بناء الفرد والمجتمع، ومحور رئيسي في مسيرة التنمية الشاملة – فكرياً وأخلاقياً واجتماعياً.
ومع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتعدد البرامج التعليمية الإلكترونية، أصبح من السهل على بعض الطلاب الوصول إلى وسائل وتقنيات تُستخدم في الغش، مثل تطبيقات حل الأسئلة الفورية، هذا الواقع فرض تحدياً جديداً على الإدارات المدرسية، التي تعمل جاهدة لرصد هذه المحاولات، ومراقبة لجان الامتحانات بشكل دقيق، مع تنبيه الطلاب باستمرار بخطورة هذه السلوكيات وعواقبها على مستقبلهم الأكاديمي، ومع أنها تعد ظاهرة عالمية، إلا أنها تعتبر تحت سيطرة الميدان التربوي في الدولة.
«الخليج» التقت مع عدد من مديري المدارس الخاصة، والمعلمين، وأولياء الأمور، والطلاب، للوقوف على أسباب انتشار الغش أثناء الامتحانات، والإجراءات التي تتخذها المدارس لمكافحته، إلى جانب رصد آراء الطلبة حول الضغوط الدراسية والدوافع التي قد تدفعهم للغش، ومع اقتراب نهاية العام الدراسي والاستعدادات لامتحانات نهاية العام، كثفت بعض المدارس جهودها للتعريف بعواقب الغش في الامتحانات، كما تبذل جهوداً متواصلة لنشر ثقافة الأمانة التعليمية، من خلال تنظيم اجتماعات ولقاءات توعية للطلبة وأولياء أمورهم، وتوزيع «تعاميم» واضحة قبل كل امتحان، إلى جانب تدريب المعلمين على متابعة الطلبة داخل اللجان ورصد أي مخالفات قد تحدث.
رقابة مشددة
هالة مصطفى، مساعدة مديرة في إحدى المدارس الخاصة قالت: إن إدارة المدرسة تتبع نهجاً تربوياً وتوعوياً في التعامل مع حالات الغش، يرتكز على التوجيه المبكر للطلبة وأولياء أمورهم بأهمية الامتحانات وضرورة الالتزام بالأمانة الأكاديمية.
وأوضحت أن المدرسة تعقد اجتماعات فردية مع الطلبة وأولياء أمورهم قبل الامتحانات، لشرح عواقب الغش والإجراءات المتبعة في حال حدوثه، مشيرة إلى أن التواصل لا يقتصر على الاجتماعات فقط، بل يشمل نشر تعاميم رسمية عبر مجموعات «التليغرام» الخاصة بالطلبة، مرفقة بشعار المدرسة، لتصل الرسالة إلى جميع الطلاب المعنيين.
وبيّنت أن العقوبة المتبعة في حال ضبط حالة غش، تشمل حصول الطالب على درجة «صفر» في المادة، وحرمانه من المشاركة في فعاليات العام الدراسي، إلى جانب منعه من إعادة الامتحان، وذلك بهدف تعزيز الوعي وتحقيق الالتزام الأخلاقي، مشيرة إلى أن المدرسة تحتفظ بسجلات رسمية توثّق فيها أي حالة غش يتم رصدها، وتُرفع مباشرة إلى وزارة التربية والتعليم مع تسجيل اسم الطالب المعني، مؤكدة في الوقت ذاته أن حالات الغش في المدرسة «نادرة جدًا»، بل تكاد تكون معدومة، نظراً للجهود الوقائية المكثفة، التي تركز على التوعية أكثر من التشديد.
وقالت هالة مصطفى إن الإدارة تنظم اجتماعات دورية للمعلمين قبل الامتحانات، يتم خلالها التأكيد على أهمية الرقابة الدقيقة داخل اللجان، إذ يُطلب من المعلمين الوقوف والتحرك بين الطلاب طوال فترة الامتحان، لضمان الانتباه التام لأي سلوك غير سليم، مؤكدة على أهمية دعم الطلاب داخل اللجنة، موضحة أنه في حال وُجد سؤال غير واضح في ورقة الامتحان، يتم استدعاء معلم المادة لشرح السؤال وتوضيحه بشكل لا يُخلّ بنزاهة الامتحان، وذلك حرصاً على توفير بيئة عادلة ومحفزة للطلبة على أداء امتحاناتهم بأفضل شكل.
ضغوط دراسية
من جانبها، أوضحت المعلمة نيفين رائد محمد، معلمة لغة عربية، أن أغلب حالات الغش التي يتم رصدها بين الطلبة تعود في الغالب إلى الضغوط الدراسية التي يواجهونها، والتي تدفع بعضهم إلى اللجوء لوسائل غير صحيحة مثل «البراشيم» أو الوسائل التقنية الحديثة.
وقالت: «أنا من المعلمين الذين يحرصون على تيسير الامتحانات للطلبة، وأحرص على أن تكون الأسئلة واضحة وبعيدة عن التعقيد، غالبًا ما أستخدم نمط الاختيار من متعدد، بحيث تكون الإجابة أمام الطالب ويستطيع تذكرها بسهولة، كما أنني أحدد عدد أسئلة التعبير الكتابي بثلاثة فقط، لتخفيف العبء الذهني وعدم إشعار الطالب بأن الامتحان صعب أو مرهق»، مشيرة إلى أن المرونة في إعداد ورقة الامتحان لا تعني التهاون، بل تهدف إلى تحقيق العدالة وتحفيز الطلبة على الاعتماد على أنفسهم بعيدًا عن الغش.
جهد وتركيز
قال ولي الأمر جوزيف جمال لبيب، والد لثلاثة أبناء، أنه خلال فترة الامتحانات يحرص على متابعة أبنائه بشكل يومي، حيث يقوم بمراجعة المواد الدراسية التي تتطلب تركيزًا أكبر، ويعدّ لهم نماذج أسئلة اختبارات في المنزل، كما يعتمد أسلوباً تعليمياً صارماً يشجعهم على بذل المزيد من الجهد والتركيز، وأكون معهم خطوة بخطوة، وأسعى لتحفيزهم دائماً، وأمنحهم مكافأة بعد ظهور النتائج حتى وإن كانت النتيجة متوسطة، لأنني أؤمن بأن كل طالب له قدرات مختلفة، وما دام بذل جهده، فإنه يستحق التقدير.
وأوضح، أنه يضع ضوابط واضحة لاستخدام الهواتف الذكية، إذ يُسمح لهم باستخدام الهاتف لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، لتقليل عوامل التشتت خلال المذاكرة.
غش ذكي
وقال الطالب محمد نعمان أحمد، من الصف الحادي عشر، إنه في أحد امتحانات مادة الرياضيات، رصد معلم طالباً أثناء محاولته الغش باستخدام سماعة لاسلكية صغيرة، كانت مزروعة داخل الأذن بطريقة يصعب اكتشافها، وكان الطالب يتلقى الإجابات من شخص آخر خارج المدرسة، على الأرجح من المنزل، من خلال هذه الوسيلة التقنية.
وأضاف، لاحظ المعلم تكرار وضع الطالب يده على أذنه، مما أثار الشكوك، وعند التحقق تبيّن وجود السماعة، فتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، من بينها استدعاء ولي الأمر وحرمانه من أداء الامتحان.
إهمال دراسي
وأوضح الطالب عيسى فيصل، من الصف السابع، أن حالات الغش في الامتحانات تعتبر نادرة في مدرسته، موضحاً أن بعض الطلبة يعتمدون على وسائل وأساليب متعددة، أبرزها استخدام «البراشيم» وتبادل الأوراق بين الزملاء.
وأشار إلى أن بعض الطلاب المهملين يتعمدون الجلوس خلف الطلبة المتفوقين داخل قاعة الامتحان، بهدف نقل الإجابات من أوراقهم دون علمهم، لافتًا إلى أن هناك من يتواصل مع الطلبة المجتهدين قبل الامتحان، طالبين المساعدة خلال وقت الاختبار. وقال إن السبب الرئيسي وراء هذه التصرفات يعود إلى عدم التركيز في الحصص الدراسية والانشغال باللعب، ما يؤدي إلى الشعور بالارتباك والتخبط عند اقتراب موعد الامتحانات، مشيراً إلى أن الطالب المهمل يتهاون طول الفصل، ومن الطبيعي سيحاول ينجح بأي طريقة، حتى لو بالغش.
وأكد أهمية المتابعة من قبل المعلمين وأولياء الأمور، وتشجيع الطلبة على الاعتماد على أنفسهم، حتى لا يصبح الغش وسيلة للهروب من مسؤولية التحصيل الدراسي.
انضباط ذاتي
وأكد الطالب عبد الله حمدان المنهالي، من الصف الثاني عشر، أنه يحرص على الاستعداد المبكر والدقيق قبل فترة الامتحانات، لتفادي الوقوع في أي ممارسات غير أخلاقية مثل الغش، موضحاً أنه يقوم بإعادة تنظيم نومه، ويخصص وقتاً كافياً للمذاكرة والمراجعة الذاتية.
وأشار إلى أنه يباشر مراجعة المنهج مع معلم المادة قبل موعد الامتحان بأسبوع على الأقل، حيث يحرص على فهم النقاط الأساسية والتركيز على المحاور المهمة، مما يعزز ثقته بنفسه أثناء تأدية الاختبارات.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.