تحوّل الفنانة الإماراتية، هند خالد، الجدران إلى لوحات تنبض بالجماليات وملامح التراث، إذ تستعيد من خلال الألوان حكايات الماضي، وتمنح زوايا المدن وحتى حوائط المزارع حياة جديدة. اختارت هند المساحات الكبيرة والجداريات لتكون مسرحاً لتجربتها الفنية، لتمزج عليها عناصر التراث والحاضر بأسلوب معاصر، تلامس فيه ثيمات الهوية والانتماء والأمل، وشكلت تجربة فنان الغرافيتي البريطاني الشهير بانكسي، الذي بقي متخفياً، إلهاماً للفنانة الشابة، إذ وجدت في ذلك التخفي حرية فنية ومساحة أوسع للتعبير، وسلكت طريق الفن المجهول، واختارت أن تبقى خلف أعمالها، وفي ظل الجدران، لتسمح للأخيرة بأن تنطق باسمها. عائلة محبة للإبداع استهلت هند خالد حوارها مع «الإمارات اليوم» بالتعريف بجزء من هويتها الفنية، وقالت: «تأثرت بتجربة فنان الغرافيتي بانكسي، لكنني درست الغرافيك، وعملت على تنمية موهبتي، لاسيما أنني نشأت في عائلة محبة للفنون، وحققت الفوز في العديد من الجوائز، ومنها جائزة (نون للفنون) في عام 2018». بدأت هند الرسم على الكانفاس، ولكنها انتقلت منها إلى الجداريات، وتستعيد بداياتها مع هذا اللون الإبداعي، مشيرة إلى أنها تلقت دعوة خلال جائحة «كورونا»، للمشاركة في مشروع سكني بمنطقة السمحة للرسم على جدران بيوت، لكن فنانين اعتذروا عن رسم اللوحات بسبب ظروف الجائحة، وخشيتهم من خطر العدوى، فكانت هي الفنانة الوحيدة التي رسمت اللوحات في الموقع. وأكدت أن ذلك كان العمل الفني الكبير الأول لها، وهو الذي شجعها على استكمال الرسم في الجداريات، لاسيما أن الأعمال لاقت إعجاباً كبيراً من الناس. مشاريع ومبادرة بعد مشروع السمحة، تلقت هند الدعوات من جهات حكومية، ومنها شرطة دبي، وبلدية أبوظبي، والإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب، ثم تلقت دعوة من مدير عام هيئة تنمية المجتمع بدبي حصة بوحميد، للرسم على أحد المباني، وقدمت فيه جداريتين كبيرتين، يصل ارتفاع كل منهما إلى 10 أمتار، بينما العرض 18 متراً. ومن المشاريع الرسمية إلى مبادرة فردية انطلقت من حب الفن، إذ رسمت هند على جدران مزارع لتحولها إلى قطع فنية مميزة، مضيفة: «لقد عملت على الكثير من المشاريع، وعلى الرغم من كوننا في فصل الصيف الذي أتوقف فيه عن رسم الجداريات بسبب الطقس، إلا أنني بادرت بالرسم على جدران قرب المزارع، وبدأت بحائط يتوسط شجرتين، بعد أن استأذنت أصحاب المكان». وأكملت: «لاقت المبادرة الكثير من الاستحسان والشكر، إذ اعتبرها الناس تجميلاً للمكان، ولم أندم على هذه المبادرة، لأنها غرست السعادة في قلوب كثيرين، وقدمت جداريتين، الأولى تحمل صورة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهو يحتضن خريطة الإمارات، فيما الجدارية الثانية كانت بمناسبة عهد الاتحاد، وتحمل صورة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وهو يحمل الكاميرا التي تخرج منها الفراشات للإيحاء بالفرح والأمل». يحمل رسم الجداريات صعوبات كثيرة، حسب هند، ويعد الطقس الحار التحدي الأول، لذا تتوقف غالباً خلال فصل الصيف، إضافة إلى أن المساحة الكبيرة، تتطلب من الفنان محاولة رؤية الرسومات من مسافة، فضلاً عن بعض الجداريات التي تتطلب استخدام الرافعة بسبب العلو الكبير، وهي تحمل تحديات من نوع خاص، ما يمدد وقت الرسم. ولفتت إلى أنها تستخدم ألواناً تقاوم الحرارة ولا تتأثر بالأمطار، كما أنها تحرص على تأسيس الجدران كي لا تتأثر بالألوان، ما يسمح ببقاء الجداريات فترات طويلة. وتلتزم الفنانة الإماراتية بثيمات تحرص من خلالها على إبراز العادات والتقاليد، ولكنها لا تميل إلى تقديم العمل الفني بعناصر التراث فقط، بل تحمّله ملامح معاصرة، منوهة بأنها تتجه إلى تقديم فن يحترم الثقافة والمكان الذي يوضع فيه، فضلاً عن كونها تأخذ في الحسبان طبيعة المبنى وشكله، وكذلك الألوان الخاصة بالمحيط، فالجدارية لابد أن تحاكي المكان، وكذلك الفئة العمرية في حال وجدت على مبنى خاص بفئة محددة، لأن الفن رسالة وهدف وليس مجرد جماليات. وذكرت هند أنها تحب البلدان التي تتمتع بمشاهد الفنون، ومن الأمكنة التي تطمح للرسم على جدرانها، العاصمة الإيطالية روما، نظراً لما تحمله من تاريخ ومعالم مميزة، فضلاً عن طبيعتها الخلابة. تقدير كبير أكدت الفنانة الإماراتية، هند خالد، أن فن الأماكن العامة، والغرافيتي على نحو خاص، بات يحظى بتقدير كبير في الإمارات، وهذا ما يمكن ملامسته على نحو مباشر في الفعاليات الفنية الكبيرة التي تقام في الدولة، ومنها مهرجان سكة للفنون والتصميم بدبي، وآرت دبي، وموسم الفن، وكذلك أبوظبي آرت، إذ بات هناك ارتباط بين المجتمع والفنون. واعتبرت أن هذا الاهتمام من قبل الجمهور بلاشك يشجع الفنانين على الاستمرار في تقديم المزيد من الفن الخاص بالأماكن العامة، لاسيما أننا نعيش في عصر الصورة والتصوير، والفن يضيف جماليات على الأماكن العامة، متمنية أن تترك بصماتها على مختلف المؤسسات الحكومية، لتقديم لوحات تعبّر عن ثقافة البلد. هند خالد: . الفن رسالة وهدف وليس مجرد جماليات، لذا فالجدارية لابد أن تحاكي المكان الذي تنتمي إليه. . مبادرتي بالرسم على جدران المزارع غرست السعادة في قلوب كثيرين، وقدمت عملين كبيرين. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App