في دراسة رائدة نشرتها مجلة «ساينس»، إحدى أبرز المجلات العلمية في العالم، كشف فريق بحثي دولي عن أن المجتمعات الميكروبية الكامنة تحت سطح التربة الصحراوية، قد تمثل مفتاحاً لتحول جذري في مستقبل الزراعة المستدامة، بدءاً من دولة الإمارات العربية المتحدة.
فعلى الرغم من أن التربة الجافة والمتدهورة قد تبدو خاملة، فإن ما يجري في أعماقها يروي قصة مغايرة، قصة تبادل حيوي مستمر بين جذور النباتات والميكروبات المحيطة بها، تتشكل عبره علاقة تفاعلية تؤثر في الطرفين بطرائق دقيقة، لكنها ذات أثر بالغ.
تفاعل معقد
وتتناول الورقة العلمية الجديدة، التي شارك في إعدادها باحثون من «الجامعة الأمريكية» في الشارقة، هذا التفاعل المعقد، وتقترح نموذجاً زراعياً جديداً قائماً على علم البيئة ومدعوماً بأبحاث امتدت لعقود.
وقد جاءت الدراسة ثمرة تعاون علمي استمر عاماً كاملاً، وضم الدكتور جون كليرونوموس، أستاذ الأحياء والكيمياء والعلوم البيئية، ونائب عميد البحث العلمي والابتكار في كلية الآداب والعلوم، في الجامعة الأمريكية، وقوانغتشو وانغ، وفوسو زانغ، وجونلينغ زانغ، من «جامعة الزراعة» الصينية، وويم فان دير بوتن، من المعهد الهولندي لعلم البيئة و«جامعة فاخينينغن».
تركز الدراسة على مفهوم «التغذية الراجعة بين النبات والتربة»، الذي يوضح كيف تسهم النباتات، بجذورها وإفرازاتها الكيميائية، في تشكيل المجتمعات الميكروبية في التربة، التي تؤثر في قدرة النباتات على امتصاص المغذيات والمياه، ومقاومة الأمراض. وتعتمد فعالية هذه الحلقة التفاعلية على كيفية إدارتها، ما قد يُضعف النظام الزراعي أو يعززه.
وبالنسبة لدولة الإمارات، حيث تُواجه الزراعة تحديات مثل ملوحة التربة، وانخفاض نسبة المواد العضوية، وندرة المياه العذبة، فإن هذا النموذج يوفر مساراً عملياً نحو زراعة أكثر استدامة.
ويعمل الدكتور كليرونوموس، وفريقه في الجامعة، حالياً على تطبيق هذا النموذج في تجارب ميدانية، تُستخدم فيها لقاحات ميكروبية، وهي فطريات أو بكتيريا نافعة تُضاف إلى التربة لدعم صحة النبات، إلى جانب محفّزات حيوية طبيعية تساعد النباتات على النموّ وتحسين مقاومتها للحرارة والتربة الفقيرة.
وتُجرى حالياً تجارب على محاصيل صحراوية مثل القمح ونخيل التمر، لقياس أدائها تحت أحوال بيئية قاسية عند دعمها يالميكروبات المناسبة.
عنصر حيوي
وقال الدكتور كليرونوموس «لطالما شكّلت العلاقة بين النباتات والميكروبات عنصراً حيوياً في النظم البيئية، لكن الفارق الحقيقي يكمن في كيفية إدارة هذه العلاقة، خصوصاً في البيئات الهشة، هذا البحث يدفعنا لإعادة التركيز من الإنتاج السريع إلى استدامة وظائف التربة على المدى الطويل».
وتُعيد الدراسة الإضاءة على تقنيات الزراعة التقليدية، مثل تدوير المحاصيل، والزراعة المختلطة، والحراثة المحدودة، بوصفها ممارسات مدروسة بيئياً تُسهم في تعزيز الحياة الميكروبية داخل التربة. وعند تنفيذها بناءً على فهم علمي للتفاعلات الحيوية، تُسهم هذه الأساليب في استعادة خصوبة التربة، والحد من الاعتماد على الأسمدة والمواد الكيميائية، وتهيئة بيئة زراعية أكثر استقراراً على المدى الطويل.
وقالت الدكتورة جونلينغ زانغ «الحياة الميكروبية مورد غير مُستغل بكفاية في الزراعة. وعندما نُعزز العمليات الحيوية في التربة، فإننا نُنشئ أنظمة أكثر استدامة وتكيفاً، وأكثر توافقاً مع منطق عمل النظم البيئية في الطبيعة».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.