حوار: محمد أبو السمن أكد الدكتور عبدالله المندوس، المدير العام للمركز الوطني للأرصاد، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن الزيارة التفقدية لسموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، إلى المركز، خطوة مهمة تعكس اهتمام القيادة الرشيدة، بتعزيز جاهزية مؤسسات الدولة، لاسيما في المناخ والإنذار المبكّر، لما لها من أثر مباشر في الحياة وسلامة البنية التحتية والاقتصاد.وقال في حوار مع «الخليج»، عقب الزيارة: تؤكد هذه الزيارة حرص سموّه على الاطلاع الميداني على سير العمل، والتقنيات المستخدمة، ومستوى الكفاءات الوطنية العاملة في هذا القطاع الحيوي.. وهذا نص الحوار:كيف تنظرون إلى الزيارة التفقدية لسموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، إلى مقر المركز؟- زيارة سموّ الشيخ منصور بن زايد، إلى المركز خطوة مهمة تعكس اهتمام القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بتعزيز جاهزية مؤسسات الدولة، لاسيما في الطقس والمناخ والإنذار المبكّر، لما لها من أثر مباشر في حياة المواطنين والمقيمين وسلامة البنية التحتية والاقتصاد.كما تؤكد حرص سموّه على الاطلاع الميداني على سير العمل، والتقنيات المستخدمة، ومستوى الكفاءات الوطنية العاملة في هذا القطاع الحيوي، ما يُبرز التوجه الاستراتيجي لدولة الإمارات في دعم البحث العلمي، والابتكار، وتطوير القدرات الوطنية في الأرصاد الجوية.كما أن مثل هذه الزيارات تُسهم في رفع الروح المعنوية للعاملين، وتشجع على المزيد من التميز والتطوير، خاصةً في ظل التحديات المناخية المتزايدة إقليمياً وعالمياً.ونؤكد أننا ماضون بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، في تطوير البنية التحتية وتعزيز الكفاءات الوطنية، بما يرسخ مكانة دولة الإمارات مركزاً إقليمياً وعالمياً رائداً في الأرصاد الجوية. خطط تطويرية في ضوء زيارة سموّه، هل لنا أن نتعرف إلى الخطط التطويرية للمركز خلال المرحلة المقبلة على المدى القريب والمتوسط؟- في ضوء توجيهات القيادة الرشيدة واهتمام سموّ الشيخ منصور بن زايد، يواصل المركز تنفيذ خطة تطويرية طموحة ترتكز على التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتحسين دقة النماذج العددية للتنبؤات الجوية، وتعزيز قدرات الإنذار المبكر ورفع جاهزية منظومات الرصد في الدولة.كما تشمل الخطط المستقبلية بتوجيهات سموّه، تطوير عمليات الاستمطار باستخدام أحدث التقنيات في تحفيز السحب لتعزيز هطل الأمطار، والمساهمة في إدارة الموارد المائية باستدامة، وتطوير البنية التحتية التقنية، وزيادة عدد المحطات البرية والبحرية، وتوسيع نطاق الشراكات الدولية، والاستثمار في الكفاءات الوطنية بالتدريب وبناء القدرات، لتطوير أجهزة الأرصاد المحلية. ووجه سموّه بالبدء بعمل دراسات وأفلام توعية عن كيفية تكوّن السحب في دولة الإمارات، وكل هذه الخطط تهدف لضمان استدامة التميز وتعزيز مكانة الدولة مركزاً إقليمياً وعالمياً في الأرصاد الجوية. تقنيات حديثة هل تحدثنا عن أهم التقنيات الحديثة في الأرصاد الجوية المتوافرة التي اطلع عليها سموّه؟- من أبرز التقنيات الحديثة لدى المركز التي اطلع عليها سموّه: الكمبيوتر فائق السرعة «Atmosphere»، حيث يعدّ من الحواسيب الفائقة التي يستخدمها المركز لدعم العمليات الحسابية للنماذج العددية المتقدمة، ويسهم في تقليص زمن تشغيل النماذج العددية بشكل كبير، ما يؤدي إلى تحسين سرعة التنبّؤات ودقة مخرجات الأرصاد الجوية، يدمج تقنيات تحليل البيانات الضخمة في مجالات التنبؤ، المناخ، والبحث العلمي.واطلع على الشبكة الوطنية للأرصاد الجوية، وتشمل مجموعة متكاملة من محطات الرصد المنتشرة في مختلف مناطق الدولة، وتغطي: محطات الرصد الجوي السطح، وجودة الهواء، وشبكة رادارات الطقس الحديثة، واستقبال صور الأقمار الاصطناعية، ورصد الصواعق، والأوزون، ورصد طبقات الجو العليا (الراديوساوند) وتوفر هذه الشبكة بيانات عالية التواتر والدقة، بحيث تدعم التنبّؤات والتحليل المناخي الطويل الأمد. الرصد الزلزالي كما اطلع على الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي وبرنامج الإنذار المبكّر لتسونامي، وتغطي مختلف مناطق الدولة لمراقبة النشاط الزلزالي لحظياً، وتدعم برنامج الإنذار المبكّر لتسونامي، ما يعزز الاستعداد والاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الجيولوجية.واطلع سموّه، على برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار وعمليات تعزيز هطل الأمطار، والمنصات الرقمية والتطبيقات الذكية، وعلى مجموعة من المواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية التي توفر معلومات لحظية عن الطقس والأحوال الجوية، وتدعم تجربة المستخدم عبر واجهات سهلة وتفاعلية وتشمل خدمات تنبيه آلي، خرائط تفاعلية، وبيانات مخصصة للمستخدمين وفق الموقع الجغرافي.واطلع أيضاً على منصة «الإنذار المبكّر للجميع» التي طوّرت بالتعاون مع وزارة الخارجية، بهدف تنبيه مواطني الدولة الموجودين خارج البلاد في حال حدوث كوارث طبيعية أو أحوال جوية طارئة. تحليل البيانات ما مزايا الكمبيوتر فائق السرعة الذي يستخدم في منظومة النماذج العددية للتنبؤات الجوية، ودوره في تحليل البيانات لتعزيز دقة التوقعات ورفع مستوى الاستعداد المبكر؟- قدرة حوسبية تصل إلى 2.8 بيتافلوبس (2.8 PetaFLOPS)، وتُمكّن من تنفيذ بلايين العمليات الحسابية المعقدة في الثانية، ما يسمح بتشغيل نماذج عددية عالية الدقة في أوقات زمنية قصيرة، وسعة معالجة تصل إلى 64,000 نواة معالجة مركزية (CPU Cores) و32 وحدة معالجة رسومية (NVIDIA A100 GPUs)، تتيح تشغيل نماذج تنبؤية معقدة ومتعددة السيناريوهات (Ensemble Forecasting) بالتزامن، وذاكرة رئيسية (RAM) بسعة 131 تيرابايت (TB)، وتوفر بيئة مثالية للتعامل مع كميات ضخمة من البيانات في الوقت الفعلي (Real-Time Data Processing)، وسعة تخزينية ضخمة تصل إلى 5.7 بيتابايت (PB) بنظام ملفات موازي (Lustre Parallel File System)، وتتيح تخزين وإدارة بيانات النماذج العددية الضخمة ومخرجاتها بكفاءة عالية، وشبكة ربط عالية السرعة (Slingshot 11 Interconnect) بسرعة 200 غيغابت في الثانية (Gbps)وبفضل هذه الإمكانيات، يُعد الكمبيوتر الفائق السرعة (ATMOSPHERE) حجر الأساس في منظومة التنبؤات العددية للمركز، حيث يُعزز دقة التنبّؤات الجوية وتحديثها بوتيرة أسرع، ما يرفع كفاءة منظومة الإنذار المبكّر لاتخاذ قرارات استباقية. الرصد البحري ما إجمالي محطات الرصد البحري ودورها في عملية الرصد، وعدد محطات التنبّؤات الجوية المتخصصة بالطاقة المتجددة؟- إجمالي محطات الرصد البحري التابعة للمركز الوطني للأرصاد 21، منها: 10 عوامات بحرية في إمارة أبوظبي، و11 بحرية ساحلية، وترصد هذه المحطات سرعة الرياح، درجة الحرارة، درجة حرارة المياه، ارتفاع الموج، الضغط، الرطوبة النسبية.أما بالنسبة للطاقة المتجددة، فإن المركز حالياً يعتمد على نماذج التنبّؤات العددية المبنية على البيانات المناخية التي يجمعها من محطات الرصد الجوي، لدعم التنبّؤات الخاصة بقطاع الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.ومحلياً، يمتلك المركز منظومة متقدمة تضم 140 جهازاً موزعاً على مختلف مناطق الدولة لقياس سرعة واتجاه الرياح، و140 جهازاً مخصصاً لمراقبة الإشعاع الشمسي، وتُستخدم البيانات من هذه الأجهزة بشكل مباشر في نماذج التنبؤات العددية الخاصة بالطاقة المتجددة.أما عالمياً، فتجمع البيانات من 11 ألف محطة رصد جوي في العالم، ما يعزز دقة النماذج التنبّؤية ويُسهم في تقديم خدمات داعمة لقطاع الطاقة وفق أعلى المعايير العالمية. القبة العلمية كيف تسهم القبة العلمية التابعة للمركز في نشر الوعي البيئي والمناخي لطلبة المدارس والجامعات؟- الهدف من إنشاء القبة العلمية التي بنيت بأفضل المواصفات وزوّدت بأحدث المعدات والأجهزة، هو تثقيف وتوعية طلبة الجامعات والمدارس بأهمية مجالات الأرصاد الجوية والزلازل وعلوم الاستمطار والمناخ، وذلك من خلال تقديم عروض مرئية مصحوبة بمؤثرات رباعية الأبعاد تحاكي الظواهر الطبيعية مثل الحرارة والرياح والضباب والاهتزازات الأرضية بطريقة علمية سهلة ومبسطة، وتسهم في تعزيز الفهم لدى الطلبة وتسهيل استيعاب المعلومات المقدمة التي تتماشى مع المقررات والمشاريع الدراسية، وجذب الطلاب والطالبات لدراسة هذه المجالات العلمية مستقبلاً. دقة التنبّؤات الجوية أعلى من 90% قال الدكتور عبدالله المندوس، المدير العام للمركز الوطني للأرصاد، في رد على سؤال حول نسبة دقة التوقعات الجوية التي حققها المركز خلال العام الجاري؟ وهل زادت مقارنة بالعام الماضي؟إن نسبة دقة توقعات المركز في تحسن مستمر، حيث تجاوزت نسبة دقة التنبّؤات الجوية أعلى من 90%، بفضل التطوير المستمر في أنظمة الرصد والتحليل، واعتماد أحدث التقنيات والنماذج العددية العالمية والمحلية المتقدمة، وتُعدّ هذه النسبة مؤشراً إيجابياً على كفاءة المركز في تقديم معلومات دقيقة وموثوقة تسهم في دعم مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك قطاع الطيران والقطاع البحري والنقل والطاقة، ما يعكس جودة الخدمات المقدمة، ويعمل المركز بشكل دائم على تحديث نماذجه التنبؤية ومراجعة الأداء بشكل دوري، بما يضمن استباقية أعلى في التنبّؤ بالظواهر الجوية وتوفير الوقت الكافي للتعامل معها بكفاءة، حفاظاً على الأرواح والممتلكات، وتحقيقاً لرؤية وطنية طموحة في مجال الأرصاد. «الإنذار المبكّر» تعزز منظومة الحماية والجاهزية اكد الدكتور عبدالله المندوس، رداً على سؤال حول الإنجازات التي حققتها منصة «الإنذار المبكر للجميع»، التي طورها المركز بالتعاون مع وزارة الخارجية، أن منصة «الإنذار المبكّر للجميع» إحدى المبادرات الرائدة التي طورها المركز بالتعاون مع وزارة الخارجية، وتعدّ خطوة متقدمة في تعزيز منظومة الحماية والجاهزية الدولية، حيث تهدف إلى تنبيه مواطني الدولة الموجودين خارج البلاد عبر رسائل نصية دقيقة وفورية بشأن الحالات الجوية الطارئة والكوارث الطبيعية مثل: الأعاصير، والفيضانات، والعواصف الرملية، أو التقلبات الجوية الحادة التي قد تهدد سلامتهم، وحققت المنصة خلال المرحلة الماضية نجاحات ملموسة، تمثلت في تفعيل التنبيهات في العالم، شملت مناطق معرّضة لمخاطر مناخية حادة، الوصول الفوري إلى آلاف المواطنين في لحظات حاسمة، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة أو التواصل مع بعثات الدولة في الخارج، ودعم جهود وزارة الخارجية في الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، عبر توفير معلومات لحظية وموثوقة، ما يسهم في الحفاظ على أمن المواطنين خارج الدولة، ودمج المنصة مع قواعد بيانات مواقع الطقس العالمية. «الاستمطار» يدعم الأمن المائي أكد الدكتور عبدالله المندوس، أن جهود دولة الإمارات مستمرة في تعزيز استدامة الموارد المائية، وتُعدّ منظومة الاستمطار أحد المحاور الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى دعم الأمن المائي على المدى البعيد، وتُولي الدولة هذه المنظومة أولوية قصوى لما لها من دور كبير في زيادة الحصاد السنوي من مياه الأمطار واستدرار أكبر قدر ممكن من مياه السحب، بما يواكب احتياجات التوسع السكاني والعمراني والزراعي.وتهدف هذه العمليات إلى تعزيز معدلات شحن وتغذية المخزون الجوفي من المياه، في ظل محدودية الموارد الطبيعية وارتفاع الطلب، حيث أصبحت تقنيات الاستمطار الحديثة عنصراً أساسياً في المنظومة، باستخدام مواد مبتكرة وأنظمة ذكية لرصد وتحليل السحب، ما يسهم في رفع كفاءة العمليات وزيادة فرص سقوط الأمطار على مناطق مختلفة من الدولة.وبلغ عدد رحلات الاستمطار المنفذة 388 خلال عام 2024، و175 رحلة منذ بداية عام 2025.