وجّه الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، رسالة صريحة إلى نظيره الأميركي، دونالد ترامب، أكد فيها أن لا تفاوض على الديمقراطية والسيادة، كما عبّر في الوقت نفسه عن رفض بلاده لفرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على السلع البرازيلية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة غير مبررة اقتصادياً، وتحمل دوافع سياسية بحتة. وقال دا سيلفا، في مقال مطول نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، إن بلاده راقبت عن كثب القرارات الاقتصادية الصادرة عن إدارة ترامب، موضحاً أن فرض الرسوم الجمركية لا يستند إلى عجز تجاري مع البرازيل، حيث حققت الولايات المتحدة فائضاً تجارياً قدره 410 مليارات دولار خلال الـ15 عاماً الماضية، في مجالي التجارة والخدمات. وفي ما يلي نص المقال: قررتُ كتابة هذا المقال بهدف تعزيز حوار صريح وشفاف مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، فمن خلال تجربتي الطويلة في عالم السياسة والمفاوضات، سواء حين كنت قائداً نقابياً، أو لاحقاً عندما توليت رئاسة البرازيل، أدركتُ أهمية الاستماع إلى جميع الأطراف، وأخذ مختلف المصالح بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار. من هذا المنطلق، تابعت عن كثب وباهتمام بالغ، التصريحات التي صدرت عن إدارة الرئيس ترامب، والمتعلقة بفرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على البضائع البرازيلية، وعلى الرغم من أن محاولات استعادة الوظائف الأميركية وتعزيز قطاع التصنيع تمثل أهدافاً مشروعة، فإن الوسائل المستخدمة لتحقيق تلك الأهداف تستحق التمحيص والتقييم. لطالما حذرت البرازيل من تبعات السياسات الليبرالية المطلقة التي رفعتها الولايات المتحدة في العقود الماضية، والتي تمثلت فيما يعرف بـ«إجماع واشنطن»، وهي حزمة من السياسات الاقتصادية تروج لخفض الحماية الاجتماعية، وتحرير التجارة، ورفع القيود التنظيمية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة بدأت أخيراً تعترف بحدود هذه السياسات، فإن العودة إلى النهج الأحادي في التعامل مع الشركاء التجاريين - كما في حالة البرازيل - لا يشكل حلاً ناجحاً، بل يعد خطوة غير منطقية تفتقر إلى الأسس الاقتصادية السليمة. غياب المبرر الاقتصادي في الواقع، فإن التعرفة الجمركية التي فرضت على البرازيل خلال هذا الصيف لا تستند إلى ميزان تجاري مختل أو خلاف اقتصادي واضح، فالولايات المتحدة لا تعاني عجزاً تجارياً تجاه البرازيل، بل على العكس، فقد حققت فائضاً تجارياً بقيمة 410 مليارات دولار على مدار الـ15 عاماً الماضية من التبادلات التجارية والخدمية بين بلدينا، ومن بين الصادرات الأميركية إلى البرازيل، تدخل نحو 75% منها دون أي تعرفة جمركية، وتشمل هذه المنتجات النفط، والطائرات، والغاز الطبيعي، والفحم. هذا الواقع يكشف غياب المبرر الاقتصادي للإجراءات التي اتخذها البيت الأبيض، ما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لها، والتي تبدو - وفق ما قاله نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو في لقاء جمعه برجال أعمال برازيليين أخيراً - ذات طابع سياسي بحت. الأمر الأكثر خطورة، أن حكومة الولايات المتحدة تستخدم هذه التعرفات إلى جانب أدوات سياسية أخرى، مثل قانون «ماغنتسكي»، وهو قانون أميركي يهدف إلى معاقبة منتهكي حقوق الإنسان، كورقة ضغط من أجل منح الحصانة للرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، المتورط في محاولة انقلاب فاشلة في يناير 2023، والتي كانت تهدف إلى تقويض إرادة الشعب المعبر عنها عبر صناديق الاقتراع. حكم تاريخي وأود أن أعرب عن فخري بالحكم التاريخي الذي أصدرته المحكمة العليا البرازيلية أخيراً، والذي كان بمثابة خطوة حاسمة في سبيل حماية مؤسسات الدولة، والديمقراطية، وسيادة القانون، هذا الحكم لم يكن اعتباطياً أو اندفاعياً، بل جاء استناداً إلى الدستور البرازيلي لعام 1988، والذي أُقر بعد عقود من الكفاح ضد الحكم العسكري، وقد جاءت هذه الخطوة بعد تحقيقات معمقة، كشفت عن مخططات لاغتيالي، واغتيال نائب الرئيس، ورئيس المحكمة العليا، إضافة إلى العثور على مسودة قرار يهدف إلى إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2022. اتهامات وفي خضم هذه التوترات، اتهمت إدارة ترامب النظام القضائي البرازيلي بممارسة رقابة على شركات التكنولوجيا الأميركية، وهي اتهامات لا أساس لها من الصحة، فجميع المنصات الرقمية، سواء كانت أجنبية أو محلية، تخضع للقوانين نفسها في البرازيل، ومن غير المقبول تصوير هذه القوانين كأداة للرقابة، لاسيما عندما يكون الهدف منها حماية المجتمع من خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، والجرائم الإلكترونية، بما فيها التحرش بالأطفال واستغلالهم، وهي تهديدات لا يمكن التغاضي عنها باسم «حرية الإنترنت». كذلك فإن الادعاءات الأميركية بأن البرازيل تتبنى ممارسات تجارية غير عادلة في ما يتعلق بالخدمات الرقمية والمدفوعات الإلكترونية، أو أنها مقصرة في حماية البيئة، لا تمت إلى الواقع بصلة، على العكس، نظام الدفع الإلكتروني البرازيلي «بيكس» هو نموذج ناجح وفعال للشمول المالي، حيث مكّن ملايين المواطنين من المشاركة في الاقتصاد الرقمي، ووفر وسيلة آمنة وسريعة لإتمام المعاملات، دون أن يشكل تهديداً لأي طرف خارجي. احترام وتعاون العلاقة بين الولايات المتحدة والبرازيل تعود إلى ما يقارب قرنين من الزمان، وهي علاقة يجب أن تُبنى على الاحترام والتعاون، لا على التهديدات والإجراءات الأحادية، وفي منطقة تزداد تحدياتها، يجب ألا تعيق الخلافات الأيديولوجية التعاون البنّاء بين حكومتينا، خصوصاً عندما تجمعنا أهداف مشتركة ومصالح استراتيجية. سيدي الرئيس، نحن على استعداد دائم للحوار والتفاوض حول أي موضوع يعود بالنفع على بلدينا، لكنْ هناك أمور لا يمكن أن تُطرح على طاولة التفاوض، مثل سيادة البرازيل ونظامها الديمقراطي، لقد قلت في خطابك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017: «الدول القوية ذات السيادة تسمح للدول الأخرى، باختلاف قيمها وثقافاتها، بأن تعيش وتعمل معاً على أساس الاحترام المتبادل»، وهذا بالضبط ما نطمح إليه: علاقة تقوم على الاحترام والتعاون بين دولتين عظيمتين، لما فيه خير البرازيليين والأميركيين معاً. الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفاعن «نيويورك تايمز» حماية الأمازون قال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن بلاده شهدت، خلال العامين الماضيين، انخفاضاً بنسبة 50% في معدلات قطع الأشجار في منطقة الأمازون، بعد سنوات من الاستغلال الجائر الذي كان مدفوعاً بمصالح مجموعات نافذة. وأضاف أنه في عام 2024 وحده، صادرت الشرطة البرازيلية أصولاً بقيمة مئات الملايين من الدولارات كانت تستخدم في جرائم بيئية، متابعاً: «ومع ذلك، فإن حماية الأمازون لن تكون ممكنة إذا لم تتعاون الدول جميعها من أجل خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي تهدد بتحويل الغابات المطيرة إلى أراضٍ جافة، ما يؤدي إلى اختلال أنماط المناخ على نطاق واسع، حتى في مناطق مثل الغرب الأوسط الأميركي». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App