في هذا الجزء الذي نتابع فيه هذه السيرة الباذخة العطاء من كتاب «علّمتني الحياة» للقائد الملهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يسرد تاريخاً حافلاً بالإنجازات على كل المستويات، ويركّز فيه على المسيرة التنموية للإمارات التي تتصدّر كثراً من مؤشرات التنمية على كل المستويات الاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية، وهذه الأرقام والإنجازات ليست للتفاخر، بل جزء من معركة الوجود على الصعد كافة. حيث يؤكد في لقاء جمعه بعدد من مثقفي العالم العربي، أن عملنا الروتيني في متابعة مؤشراتنا جزء من معركة كبرى للبقاء الحضاري، لحماية وجودنا، وتأكيد ضرورتنا للعالم.يقول صاحب السمو: في لقاء جمعني مع نخبة من مثقفي العالم العربي سألني أحدهم عن سرّ غرامنا بالتقارير الدولية والمؤشرات التنموية، مؤشرات البنية التحتية وترتيبنا فيها، ومؤشرات بيئة الأعمال، ومؤشرات الجودة الرقمية، ومؤشرات التجارة الخارجية، والسياحة والاقتصاد، وحتى مؤشرات نظافة المدن وترتيبنا العام فيها. دفاع عن الوجود وأضاف سموه: لعلي أضع إجابتي في هذه السطور:الأمر أعظم من ذلك يا صديقي، هل رأيت في المستشفى، عندما يضعون للإنسان أجهزة قياس مؤشراته الحيوية ومدى تطورها أو تدهورها؟ هل تعتقد بأنها موجودة للمباهاة أو لرفع معنوياته، أم تنظر لها بأنها ضرورة وجودية للتأكد من صحته وحيويته وصموده، وبقائه؟هكذا هي مؤشراتنا التنموية، ليست أرقاماً للتفاخر، بل ننظر لها كجزء من معركة وجودنا، جزء من قياس أثرنا في هذا العالم، وجزء من حيوية مشروعنا التاريخي والحضاري وصحته.الأمر أعظم من ذلك، كم من المدن والدول مرت على تاريخ البشرية؟ وكم واحدة نذكر منها اليوم؟ كم مدينة وضعت بصمتها في التاريخ؟ يا صديقي هناك دول في عالمنا العربي لو اختفت غداً من الوجود فلن يتغير شيء في العالم، ولن يفتقد وجودها أحد، للأسف. معركة كبرى للبقاء يا صديقي إن عملنا الروتيني في متابعة مؤشراتنا هو جزء من معركة كبرى للبقاء الحضاري، لحماية وجودنا، وتأكيد ضرورتنا للعالم.لقد اتّهم العقل العربي والشعوب العربية بجمود الفكر، وغياب المشروع التنموي والجمود الاجتماعي والثقافي.لقد اتهمونا بأننا قابلون للاستعمار، وبأننا شعوب مستهلكة، لا تنتج شيئاً ولا تفيد أحداً، وبأننا نعيش في الماضي ونرتبط بإفراط بالتاريخ، لأن ليس لدينا ما نقدمه اليوم. لقد اتهمونا بالانفصال عن الواقع، وبأننا مصدر صداع دائم للعالم.نحن لسنا كذلك يا صديقي، ولن نكون. ومشروعنا اليوم الذي نتابع مؤشراته باهتمام هو مشروع للدفاع عن وجودنا التاريخي والمستقبلي.نحن نؤمن بأن هُويتنا ليست ما ورثناه من التاريخ فقط، بل ما نصنعه اليوم وما نقدمه اليوم للعالم.نحن نؤمن بأن المشاريع التي نتابعها والمدن التي نبنيها والاقتصاد الذي نصنعه ليست مباني وعمراناً ومؤشرات، بل رسائل سياسية وحضارية للعالم وللأجيال بأننا قادرون.نحن نؤمن بأننا لسنا ضحايا تخلّف واستعمار، بل نحن صناع نهضة وحضارةنحن نؤمن بأننا نعمل على مشروع صامت، لكنه عميق لاستئناف الحضارة بطريقة مختلفة. نعم نحن نحب الماضي لكن لا نعيش فيه. وننجز في الحاضر لكن من دون أن نستسلم له. دفاع عن الهُوية يا صديقي، الطرق والمباني والجسور والمطارات والبنوك والأعمال والتجارة والسياحة والعقار ليست مظاهر، بل دفاع عن الهُوية وبناء لها بطريقة جديدة. هي ليست ترفاً، بل الترف الحقيقي أن تعيش بلا مشروع.. وبلا فكرة.. وبلا حلم جماعي ومشروع حضاري.يا صديقي من لا يملك مشروعه سيكون جزءاً من مشاريع الآخرين. ومن لا يملك حلمه، سيكون جزءاً من أحلام الآخرين.ومن لا يملك أجندة حضارية واضحة سيكون جزءاً من أجندات الآخرين.مشاريعنا التي نتابعها هي الخط الفاصل بين أن تكون دولة قادرة.. أو دولة قابلة للزوال.ومن لا يخوض معركة البناء اليوم ويتابع مؤشراتها بشكل يومي، سيخوض معركة البقاء غداً. لأننا نؤمن بأن الدولة التي لا تبني مشروعها الوجودي في عالم اليوم، تحفر قبرها التاريخي والحضاري. وراء كل قائد عظيم فريق عظيم عندما يسألني الناس عن الإنجازات التي تحققت، أقول دائماً: إنها ليست إنجازاتي أنا وحدي، بل إنجازات فريق كامل كان ورائي يعمل معي ويؤمن برؤيتي ويكمل مسيرتي.فالنجاح لا يُصنع بيد واحدة، بل بأيدٍ كثيرة تعمل بتناغم، وبعقول وقلوب تشترك في الهدف ذاته.علمتني الحياة أن القيادة ليست منصباً ولا لقباً، بل مسؤولية يومية تُترجم في كيفية اختيار الفريق وتمكينه وإطلاق طاقاته. القائد الحقيقي القائد الحقيقي لا يُقاس بما أنجزه بمفرده.. بل بما أنجزه مع فريقه. صناعة الفريق هي الاستثمار الأعظم الذي يمكن أن تقدمه لوطنك ومؤسستك، فالفريق القوي لا يحافظ على النجاح فحسب، بل يخلق دورة مستمرة من النمو، ويضمن أن الرؤية لن تنتهي برحيل القائد.. بل ستكبر وتزدهر مع الأجيال التي تليه.علمتني الحياة أن السؤال اليومي الأهم للقائد ليس ما هو أفضل عمل أنجزه اليوم، بل من أختار لإنجاز العمل الأفضل.القائد الحقيقي شغفه اليومي بناء الفريق القيادي، لأننا قبل أن نبني مؤسسات نبني أشخاصاً تقوم عليهم المؤسسات والمجتمعات والأوطان. الأخلاقيات والمهارات علمتني الحياة عند اختياري الفريق التركيز على الأخلاقيات والمهارات معاً. والأخلاقيات هي الأهم. لأنه لا يوجد أسوأ من الموهوب عديم الأخلاق.وأهم من ذلك الأخلاق التي نغرسها في بيئة العمل، لأن الفريق المميز قد تجذبه في البداية المزايا الوظيفية، لكن ما يُبقي جذوة نشاطه وشغفه مشتعلة هي القيم التي نرسخها في بيئة العمل.علمتني الحياة أن أختار فريق عملي لا لحلّ التحديات الحالية فقط، وإنما لتصميم وبناء الإنجازات المستقبلية، أحددّ لهم الوجهة فقط، ويكونون من الذكاء والحنكة ليخبروني ماذا سيفعلون لكي نصل.علمتني الحياة أن كل إنجازاتنا الحالية نتيجة قراراتنا السابقة الخاصة بتشكيل فرق عملنا، الخطأ في اختيار الفريق قد يكلفنا سنوات من التأخر والآلاف من الفرص الضائعة. القاتل الصامت يقول الأطباء إن ارتفاع ضغط الدم هو القاتل الصامت للإنسان. لأن الجسم لا يحسّ به في البداية، بل يألفه حتى يؤدي مع الوقت إلى ضعف في القلب أو سكتة في الدماغ أو فشل كلّي أو عجز دائم.وأقول: القاتل الصامت للدول هو الفساد، لأن المجتمعات تألفه في البداية واقعاً مُسَلّماً به تحت مسميات الإكراميات والهدايا والمحسوبيات والوساطة، حتى يصبح ثقافة عامة. ومع الوقت يؤدي إلى فشل في إدارة المشاريع، أو عجز عن تقديم الخدمات، أو شلل في تلبية تطلعات الشباب، ثم فشل حكومي عام يؤدي إلى احتجاجات شعبية أو صراعات مهلكة.يقال إن الفساد يكلّف العالم 5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.. ما يزيد على 5 تريليونات دولار. وأقول: أخطر من الكلفة السنوية هو القضاء على أحلام وإمكانيات وقدرات ومواهب أجيال كاملة.. ليستفيد عدد قليل من المفسدين في الأرض.تقول الإحصاءات أيضاً إن مقابل كل دولار ينفق كمساعدات تنموية للدول الفقيرة، تضيع 10 دولارات من اقتصاد هذه الدول في الفساد وكأننا حكمنا على هذه الدول باستحالة النهوض، لأن الفجوة أكبر بكثير من أي مساعدات.عندما تكون لديك طرق متهالكة، أو جسور غير آمنة، اعلم بأن هناك مقاولاً قدّم «هدية» للمشرف.وعندما تعاني المستشفيات في الكثير من الدول نقصاً حاداً في الأدوية، فاعلم أن هناك من دفع إكرامية لمسؤولي الصحة.وعندما يبقى آلاف الأطفال من دون مقاعد دراسية بسبب تأخر بناء مدارسهم، فاعلم أن هناك من استفاد من منصبه في وزارات التعليم.علمتني الحياة أن الفساد كالسرطان، يبدأ بخلايا صغيرة هنا وهناك.. ثم تتكون عقد سرطانية، ثم تنتشر، حتى تقضي على أعضاء كاملة.. وينهار جسم الإنسان بالكامل.عندما يتعلم الشاب بأن النجاح ليس نتيجة الاجتهاد والكفاءة.. بل الواسطة، تتكاثر خلايا السرطان.وعندما يرى التاجر الشريف زميله يفوز بالمناقصات والصفقات بسبب الهدايا والإكراميات، يفسد الشريف وتتكون عقد سرطانية أكثر. عدم الإحساس بالخطورة وعندما يرى القاضي النزيه زميله المرتشي يعيش في رغد ورخاء ويفلت من العقاب، يبدأ بالتنازل وتقليده، ويزداد السرطان انتشاراً ويترسخ الظلم وتنهار العدالة.نعم الفساد ثقافة عامة، قد تبدأ من رأس الهرم، لكن في النهاية يصبح الجميع جزءاً منها ومسؤولاً عنها.أخطر من الفساد.. عدم إحساس المجتمع بخطورته.حاربت الفساد عبر ستة عقود، وأغلقت منافذه، وعاقبت من يتجرأ عليه. ورسخنا مبادئ المحاسبة والرقابة على الجميع، واليوم نحمد الله أننا نتصدر المنطقة في مؤشرات النزاهة ومؤشرات الثقة. لا تتهاون مع القاتل نعم، اليوم يستفيد المجتمع من موارده بشكل كامل غير منقوص، ويجتهد الشباب لإثبات جدارته، ويتنافس التجار بنزاهة وشفافية وعدالة لتقديم الأفضل للمجتمع.. وسنستمر في مكافحة الفساد، لأن نفوس البشر ضعيفة، وكوامن الشرّ موجودة فيهم. كل إنسان يحمل الكثير من الخير، ويحمل أيضاً استعداداً للشرّ إذا رأى مجتمعاً يتقبل ذلك، بل يعدّه ذكاء وشطارة.ووصيتي لمن يأتي من بعدي: لا تتهاون مع السرطان.. لا تتهاون مع القاتل الصامت.. لا تتسامح أبداً مع الفساد والمفسدين. ليس مسؤولاً يقولون فلان «مسؤول كبير».. وأقول ليس كل مسؤول كبيراً..لأن المسؤولية شجاعة وقيادة وأمانة.ليس مسؤولاً من يهرب من تحمل النتائج..وليس مسؤولاً من يخاف التغيير ولا يملك شجاعة القرار.وليس مسؤولاً من يحمّل الآخرين مسؤوليات لا يستطيع هو تحمّلها.المسؤولية قوة عظمى لا يحملها إلا الكبار..يخلط البعض بين المنصب والمسؤولية.وأقول: ليس كل صاحب منصب مسؤولاً، المسؤول الحقيقي هو القائد الذي يتشرف المنصب به.القيادة هي القدرة على تحمل المسؤولية، والقائد الحقيقي هو من يتحمل المسؤولية حتى لو تهرب منها الناس.المسؤولية الحقيقية هي أن تفعل ما يجب أن تفعله حتى إن لم يرَك أحد.المسؤولية الحقيقية هي أن تكون مسؤولاً ليس فقط عمّا فعلته.. ولكن عمّا لم تفعله أيضاً.المسؤولية الحقيقية هي أن لا تكون مسؤولاً عن نجاحك فقط.. ولكن عن نجاح غيرك أيضاً.علمتني الحياة أن أولى خطوات النضج عندما يبدأ الإنسان بتحمل مسؤولياته، حتى يصبح قائداً حقيقياً يستطيع حمل مسؤولية أسرته، وهذه مسؤولية كبرى، أو حمل مسؤولية مجتمعه.. ووطنه.. وأمته..وهذه الأمانة الحقيقية التي أبت السماوات والأرض والجبال أن تحملها. الحاكم لا يكون تاجراً علمتني الحياة أن الحاكم لا يكون تاجراً. وكما يقولون: إذا دخلت التجارة على الحكم، فسد الحكم وفسدت التجارة. ولي بيت شعر أتغنى به أحياناً:ونحن مب تجار نبغي نستفيدنحن أهل المجد وشموس النهارالتاجر يبني ثروة، والحاكم يبني دولة. التاجر يرفع رصيده البنكي، والحاكم يرفع رصيده الشعبي.التجارة تقوم على المدافعة والمنافسة، والحكم يقوم على العدل والمساواة.قد يكون الحاكم غنياً ولديه ثروة وأملاك، وهذا أفضل، حتى لا يمدّ عينيه لمال غيره، ولا يضعف أمام إغراءات المادة فتفسد الدولة، لكنه لا يكون تاجراً.رأيت الكثير من تجارب الدول، ورأيت كيف انتشر الفساد وانهارت الأنظمة عندما ترك الحكام الحكم وترسيخ الدولة وبناء المؤسسات ونزلوا لجمع الأموال ومنافسة التجار.لو كان الحكم يصلح مع التجارة لكان زايد وراشد من أكبر التجار، ولكنها تفسده. الحاكم هو خليفة الله في أرضه وبين عباده، يقوم على مراعاة مصالحهم، ورعاية ضعفائهم، وإقامة العدل بينهم، وتطوير اقتصادهم، وحماية حدودهم، وبناء مستقبل أجيالهم، وترسيخ مكانتهم واحترامهم بين شعوب الأرض.كيف يصلح ذلك مع من همّه التجارة وشاغله الأكبر زيادة أمواله؟الحاكم إرثه دولة مجيدة، وشعب قوي، وأمة عزيزة، والتاجر إرثه المال، والذي يريد جمع المجد من أطرافه، لا ينزل السوق لجمع الأموال من الناس. السؤال في بداية تأسيس طيران الإمارات.. ومع بدايات انطلاقتها كانت اجتماعاتنا دائمة ومكثفة، بدأ أحد الاجتماعات بسؤال مهم: كيف يمكن أن تنجح الشركة خلال السنوات المقبلة؟طلبت منهم إعادة صياغة السؤال.. كيف يمكن أن تسهم الشركة في تعزيز نجاح دبي؟لأن إجابة كل سؤال ستكون مختلفة تماماً، والانطلاقة ستكون في اتجاه آخر.إجابة السؤال الأول ستركز على زيادة عدد الوجهات، وتقليل المنافسين عبر الحماية، وزيادة حصة الشركة ضمن مطار دبي، واستفادة الشركة من الحركة الاقتصادية في الإمارة لزيادة حصتها من المسافرين الدوليين.إجابة السؤال الثاني عن مساهمة الشركة في نجاح الإمارة ستركز على المساهمة في استقطاب شركات طيران جديدة لمطار دبي عبر تغيير سياسات الحكومة، واستخدام الشركة للتسويق السياحي لإمارة دبي في الوجهات الجديدة، وتعزيز الحركة الاقتصادية للإمارة عبر دعوة المسافرين الدوليين الترانزيت لدخول الإمارة وتجربة مرافقها، وغيرها من الإجابات التي تخدم الإمارة وليس فقط الشركة.السؤال الصحيح هو الذي يصنع إطار التفكير الذي تريده في فريق عملك. السؤال الصحيح السؤال الصحيح يحدد الأولويات، ويوجه الانتباه، ويحفز الفهم العميق لما نريد وكيف نصل.والسؤال أيضاً يمكن أن يعزز الثقة في الفريق أو يهدمها.هناك قائد يسأل: لماذا لم تنجحوا في هذه السياسة؟ وكأنه يفتح باب الاتهام والمساءلة واللوم.وقائد آخر يسأل: أين الخلل في هذه السياسة؟ وكيف يمكن تجنبه في المستقبل؟ وكأنه يفتح باب التحسين والتطوير.يمكنك الحكم على ذكاء القائد وحكمته من أسئلته التي يطرحها.يقولون السؤال بداية الحكمة، وأقول السؤال مفتاح التنمية أيضاً. لا تسأل كيف يمكن أن أنافس المدينة الفلانية أو الشركة الفلانية وأتفوق عليها، لأن ذلك يضعك في أفق ضيق، ويضع لك إطار عمل غير صحيح.السؤال: كيف يمكن أن أستثمر مواردي وإمكاناتي لأكون متميزاً ومتفوقاً ومتفرداً عالمياً؟هنا لا يكون الهدف هزيمة منافس، وبناء تحالفات ضده. واتخاذ قرارات لسحب البساط منه، بل يكون الهدف التكامل مع الجميع والتعاون مع الكل، لاستغلال المميزات والموارد التي أملكها لتحقيق أقصى الأهداف والطموحات.في بداية رئاستي للحكومة الاتحادية كانت الكثير من الأسئلة تدور حول تحسين الخدمات وإغلاق الفجوات.طرحت سؤالاً مختلفاً: كيف يمكن أن تكون كل وزارة هي الأولى عالمياً في أحد المؤشرات الخاصة بعملها؟ هنا تغيرت النظرة، واتسع الأفق، وارتفع السقف، وزاد الإحساس بالتحدي، فقط بسبب سؤال مختلف.واليوم الحكومة تتصدر دولياً في 260 مؤشراً تنموياً حسب التقارير العالمية.لا يوجد أقوى من سؤال صحيح في الوقت المناسب.علوم بأكملها قامت على سؤال واحد، كالفلسفة التي قامت على «لماذا» والفيزياء التي قامت على «ما هي قوانين الطبيعة»، وعلم النفس الذي حاول أن يجيب عن السؤال: كيف نفهم النفس البشرية؟لماذا تسقط التفاحة للأسفل وليس للأعلى؟ سؤال غيّر فهمنا للكون وأحدث ثورة علمية ما زلنا لم نصل لحدودها الكاملة بعد اكتشاف إحدى أهم قوى الكون.. الجاذبية..كل ابتكار بشري قائم على تساؤل، وكل إبداع إنساني أيضاً قائم على تساؤل وفضول.وليس القائد الذي يستعجل الإجابة، بل القائد الحقيقي الذي يبحث عن السؤال الصحيح، لأن الوصول للسؤال الصحيح هو نصف الإجابة.السؤال الصحيح هو أفضل أداة للتطوير، وأفضل وسيلة لغرس الثقة في الفريق، وأسرع وسيلة للتعلم والفهم العميق.يمكنك أن تحكم على ذكاء الإنسان من جودة أسئلته، وعلى حكمته من عدم تسرّعه في الإجابة، لأن العقول الكبرى تتمعن في الأسئلة، والعقول الصغيرة تندفع لتقديم إجابات سطحية.علمتني الحياة أن الحكمة تتطلب تساؤلات أكثر من إجابات، لأن التساؤلات بداية الفضول الذي يقوده للمعرفة، والمعرفة هي مفتاح القوة.