أكدت هيئة البيئة في أبوظبي أن ملوحة التربة تمثل أحد التحديات البيئية المهمة في إمارة أبوظبي، حيث تتأثر بمجموعة من العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية، مشيرة إلى أن المنطقة تشهد معدلات تبخر مرتفعة إلى جانب هطول مطري سنوي منخفض لا يتجاوز 100 ملم، ما يجعل التربة بطبيعتها عرضة لتراكم الأملاح، ومن المتوقع أن تسهم التغيرات المناخية في تفاقم هذه الظروف، مما قد يؤدي إلى ارتفاع إضافي في مستويات الملوحة.أشارت الهيئة في تقرير «خطة التكيف مع التغير المناخي في إمارة أبوظبي ـ قطاع البيئة 2025 ـ 2050 نحو مستقبل مرن» إلى أنه تسهم بعض الممارسات الزراعية السائدة في تعزيز تملح التربة، مثل استخدام المياه الجوفية المالحة في الري، واعتماد أنظمة ري تقليدية مثل الري بالغمر، خاصة في منطقة الظفرة،. موضحة أنه بحسب بيانات برنامج مراقبة جودة التربة في أبوظبي، تظهر ملوحة التربة تفاوتاً واضحاً بين المناطق، ففي المناطق الزراعية مثل الظفرة، بيّنت النتائج أن نحو 60% من عيّنات التربة السطحية تُصنّف ضمن مستويات الملوحة المرتفعة جداً (الناقلية الكهربائية ECe > 40 ديسيسيمنس/متر).وأوضح التقرير أنه يُعزى هذا الوضع إلى عوامل عدة، أبرزها ارتفاع منسوب المياه الجوفية واستخدام مصادر مائية عالية الملوحة في الري، ورغم الجهود المبذولة لتقليل هذه التأثيرات بدمج المياه المحلّاة جزئياً في شبكات الري، ما تزال بعض المناطق تعاني ارتفاعاً ملحوظاً في ملوحة التربة، ما ينعكس سلباً على خصوبة التربة وإنتاجية المحاصيل الزراعية، وهذه النتائج تشير إلى الحاجة الملحّة لتطوير استراتيجية متكاملة لإدارة ملوحة التربة، تشمل تبني تقنيات ري أكثر كفاءة، وتحسين نوعية مصادر المياه المستخدمة في الزراعة، من أجل دعم استدامة الأراضي الزراعية وضمان إنتاجيتها على المدى الطويل في إمارة أبوظبي.وجاء في التقرير أن التربة في إمارة أبوظبي تتكون أساساً من قوام رملي غني بمعادن مثل كربونات الكالسيوم، وتنتمي هذه التربة إلى فئتين ضمن نظام تصنيف التربة: الجافة (الأرديصول) والحديثة (الأنتيصول)، وتنقسم على نحو عام إلى رملية، ورملية كلسية، وجبسية، وملحية، وملحية جبسية، وتربة صلبة. وتُعد التربة الحديثة الأكثر انتشاراً بنسبة 81.68%، وتبلغ نسبة الجافة 14.38%، ويكشف هذا التصنيف الأوضاع القاحلة التي تهيمن على المنطقة.وذكر التقرير أنه نظراً لطبيعة المناخ الحار والجاف في إمارة أبوظبي، فإن التربة تحتوي على نسبة منخفضة من المواد العضوية (أقل من 1%)، وهو أمر طبيعي في البيئات الصحراوية، كما أن قدرتها على الاحتفاظ بالمياه محدودة، ويُظهر محتوى الكربون العضوي الكلي ويُعد مؤشراً أساسياً لجودة التربة انخفاض في قيمته.وأشار إلى أن بيانات مدينة العين، التي سُجلت فيها أعلى نسبة للكربون العضوي الكلي (0.57%، أي ما يعادل 20.1 طن/هكتار)، تشير إلى أن الأنشطة الزراعية هناك قد تسهم في رفع محتوى المادة العضوية في التربة عبر بقايا المحاصيل واستخدام الأسمدة.كما تشير المستويات المرتفعة للكربون العضوي الكلي في مواقع محددة مثل مزارع الحيوانات في أبوظبي وواحات النخيل في العين، إلى أن بعض الممارسات الزراعية قد تُحدث تأثيراً ملحوظاً في محتوى المادة العضوية في التربة، وتمثل متابعة التباينات في محتوى الكربون العضوي بين المواقع والطبقات أحد العناصر الأساسية لإدارة استدامة التربة وتعزيز قدرتها على الاحتفاظ بالمياه في البيئات القاحلة.وأكد التقرير أن جهود إعادة تأهيل الأراضي أدت إلى زيادة ملحوظة في المساحات المستصلحة من 133.46 إلى 378.22 كلم مربع.مشيراً إلى أن الممارسات الزراعية ركزت تاريخياً على زراعة النخيل والمحاصيل المقاومة للجفاف، وتتجه الجهود الأخيرة نحو تنويع الممارسات الزراعية، ومن ذلك الإدارة المستدامة للمياه والابتكارات التكنولوجية.