مريم تستعد لإنقاذ شقيقها عبدالله بعد أن أنقذت مهرة جسّدت الطفلة الإماراتية مهرة سعيد البلوشي (7 أعوام) قصة إنسانية ملهمة لأسرة إماراتية، بعد أن تمكنت من التغلب على مرض جيني وراثي نادر، بفضل عملية زراعة ناجحة لنخاع العظم في مستشفى ياس كلينك – مدينة خليفة بالتعاون مع مركز أبوظبي للخلايا الجذعية، فقد عاشت مهرة عاماً كاملاً في عزلة بعيداً عن مدرستها، لتعود بعد رحلة علاج طويلة إلى صفوفها وأصدقائها، ومعها مشروع عائلي صغير أطلقته بمساندة أمها وإخوتها ليكون عنواناً للإصرار والأمل.«الخليج» زارت الأسرة الإماراتية في منزلها بمنطقة الفلاح في أبوظبي للتعرف الى تفاصيل قصتها، حيث أكدت الأم بدور البلوشي، والدة مهرة، أن العائلة المكونة من ثلاثة أبناء، واجهت تجربة مؤلمة مع مرض جيني متوارث يعانيه اثنان من أفراد الأسرة، عُرفوا بعد إجراء فحوصات جينية دقيقة، مشيرة إلى أنهم مرّوا بمرحلة علاجية مكثفة تضمنت عزلاً طويلاً وزراعة نخاع.وأوضحت أن مهرة عانت أمراضاً صدرية متكررة، قبل أن يُكتشف إصابتها بفيروس «إي بي في» الذي أدخلها المستشفى أكثر من شهر من دون أن يتضح السبب في البداية، ليضطروا لعزلها عاماً كاملاً بعيداً عن المدرسة، حيث كانت تتوجه فقط لتقديم الامتحانات في غرفة معزولة، مضيفة أن مرحلة العلاج فرضت عليها العزلة لستة أشهر متواصلة، قبل أن تكمل ثمانية أشهر بعد الزراعة وتعود أخيراً إلى المدرسة، مؤكدة أن هذه المحنة ولّدت لدى الأسرة دافعاً لإطلاق مشروعها الصغير «كلاود ناين»، كمبادرة اجتماعية تهدف إلى تعليم الأطفال أساسيات العمل والاندماج في المجتمع.وأشارت إلى أن فكرة المشروع بدأت بشكل بسيط أثناء فترة العلاج، حين كانت طفلتها تحب الماتشا وتُحضّرها بنفسها داخل المنزل لتقضي بها أوقات العزلة الطويلة، ومن هنا وُلدت الرغبة في تحويل هذه التجربة الصغيرة إلى مبادرة حقيقية، تمنح الأطفال شعوراً بالإنجاز، وتساعدهم على استعادة ثقتهم بأنفسهم بعد رحلة مرضية مرهقة.وأضافت أن المشروع لم يقتصر على الماتشا فقط، بل توسع ليشمل صناعة آيس كريم طبيعي 100% من الفاكهة، يتم تقديمه في مبادرات وفعاليات مجتمعية مختلفة. وأكدت أن الهدف الأساس هو إشراك الأطفال في عمل جماعي، يغرس فيهم قيمة العطاء، ويؤكد لهم أن المرض لا يمنعهم من الإبداع أو المشاركة في خدمة المجتمع، بل يمكن أن يكون دافعاً لتحويل المحنة إلى طاقة إيجابية وأمل جديد. وأشارت الطفلة مهرة إلى أنها لم تحب فترات وجودها الطويلة في المستشفى، حيث بقيت لعام كامل تقريباً، وتعرضت لعزلة صعبة استمرت أشهراً، لكنها اعتبرت أن العملية التي خضعت لها كانت لحظة حاسمة أعادت إليها الحياة.وقالت إنها «شعرت بالخوف عند دخول غرفة العمليات، لكني قاومت بقوة، ونجحت في تجاوز المرحلة الحرجة، لأعود إلى مقاعد الدراسة التي كنت افتقدها كثيرًا، لافتة إلى أنها بعد شفائها وجدت في مشروع «كلاود ناين» مساحة جديدة للإبداع، إذ تحضر بنفسها مشروبات الماتشا وتبتكر وصفات مختلفة من البرغر والحلويات، مؤكدة أنها تتطلع لأن يصبح مشروعها مقهى متكاملاً يحمل لمستها الخاصة، ويمنحها فرصة لخدمة مجتمعها».أما شقيقتها الكبرى مريم، التي تبرعت لها بالنخاع العظمي، فأكدت أنها شعرت بالخوف في البداية عند إبلاغها بضرورة التبرع، لكنها بادرت فوراً بالموافقة، قائلة: «لأنها أختي، كان طبيعياً أن أنقذ حياتها».وأشارت إلى أنها شعرت بالفخر بعد نجاح العملية، وأنها مستعدة لتكرار التجربة من جديد لإنقاذ شقيقها عبدالله الذي يستعد للخضوع لزراعة النخاع الشوكي قريباً، مضيفة أنها جزء من المشروع الأسري، حيث تساعد في تحضير المنتجات وبيعها مع إخوتها، معتبرة أن «كلاود ناين» لم يعد مجرد مشروع صغير، بل أصبح مساحة لتجسيد وحدة الأسرة وتكاتفها.وأوضح عبدالله، الشقيق الأكبر، أنه يعيش الآن مرحلة التحضير لعملية زراعة نخاع العظم، بعد أن أكد الأطباء تطابقه مع شقيقته مريم أيضاً، مبيناً أنه يتلقى علاجات دورية ويتابع مع الفريق الطبي بشكل مستمر، لكنه رغم التحديات الصحية يواصل دراسته بانتظام ويحقق معدلات مرتفعة، مؤكداً أنه يتطلع لدراسة هندسة البرمجيات والذكاء الاصطناعي مستقبلاً، وأنه يخطط لتوسيع مشروع الأسرة عبر منصات رقمية، وتحويل «كلاود ناين» إلى علامة تجارية إماراتية مميزة.وبين أن هذه القصة تعكس رحلة صمود وإنجاز، إذ تحولت تجربة المرض القاسية إلى انطلاقة جديدة جمعتنا الثلاثة حول مشروع مجتمعي يحمل رسائل أمل، ويجسد قيم التعاون والتحدي التي يرسخها المجتمع الإماراتي.