انطلاقاً من العمى الذي اختاره عنواناً لمعرضه الجديد، يخوض الفنان الإماراتي محمد المزروعي تجربة فلسفية نحو استكشاف تجارب إنسانية أكثر عمقاً، متحدياً الأفكار السائدة والتصورات التقليدية حول الحياة والعالم والتجارب الإنسانية المختلفة، داعياً المتلقي إلى مواجهة معانٍ أعمق وانقسامات مجتمعية تتجاوز المظاهر السطحية في طريقها نحو البصيرة.
المعرض الذي تم افتتاحه أول من أمس في غاليري «زياد قنازع» في أبوظبي تحت عنوان «الأعمى»، ويضم 25 عملاً فنياً، اكتسب أهمية خاصة، وفق ما ذكر المزروعي لـ«الإمارات اليوم»، لأنه يعكس مدى اهتمام المؤسسات الثقافية في الدولة بالفن والفنانين في مختلف المجالات، موضحاً: «لولا جهود وزارة الثقافة الإماراتية لم يكن من الممكن إقامة هذا المعرض، نظراً لأن جزءاً كبيراً من اللوحات التي يتضمنها كانت معروضة في سويسرا خلال جائحة (كوفيد-19)، وتعذر استرجاعها لفترة طويلة نتيجة للظروف والإجراءات التي شهدها العالم في تلك الفترة، إلى أن تدخلت وزارة الثقافة وتم استرجاع هذه الأعمال بنجاح، وهو ما يعكس الاهتمام العميق بالإبداع والمبدعين والدعم غير المحدود الذي تقدمه الدولة لأبنائها».
العمى والبصيرة
عبر عيون متعة تحدق في المتلقي، ووجوه وأجساد مشوهة، تميز بها أسلوبه الفني، يعبر المزروعي عن العديد من المشاعر الإنسانية القوية كالغضب والانفعال والرغبة، تاركاً للمتلقي مساحة واسعة للتفاعل مع اللوحات وتأويلها وفقاً لهذا التفاعل. ويعلق: «في أعمالي أحرص على اختيار عناوين تقدم دلالات مفتوحة، وهو ما ينطبق كذلك على العنوان العام للمعرض، ففكرة المعرض تخصني كفنان يقدم أعماله ويتركها مفتوحة للتأويل بعد أن يمنحها صيغة عامة، وفي بعض الأحيان أشعر بأن وضع عنوان للعمل الفني يسجنه داخل قالب محدد ويقيد ما يقدمه للمشاهد من متعة بصرية، لذلك أفضل أن يستقبل المتلقي الأعمال وفقاً لذائقته، وهو ما يعد سمة رئيسة لفن ما بعد الحداثة الذي لا يفكر في المعنى المباشر، ولكن المعاني المتراوحة، كطريقة تفكير منفتحة على طرح الموضوعات دون شروط، ولا يقتصر فيه الاهتمام على العمل الفني فقط».
تعبيرية وبدائية
وأوضح المزروعي أن أعماله تجمع بين المدرسة التعبيرية وهي السائدة على نطاق واسع حول العالم في الفترة الحالية، وبين الفن البدائي، الذي يعرف أيضاً بفن الكهوف أو الفن الساذج، وتستلهم فكرة الإنسان بمنظور عابر للمكان ومفتوح على التأويل، كما تحمل طابعاً طفولياً، وتعتمد على بعدين فقط كما هي سمات فن الكهوف، إذ لم يكن الرسم ثلاثي الأبعاد معروفاً في ذلك الوقت، بالإضافة إلى تميز الأعمال بحرية التلوين بما يعكس فكرة الدهشة في التعبير وفي الفرجة أيضاً، مبيناً أن التأويل مسألة لا تنتهي وهو يختلف عن مفهوم التفسير الذي يرتبط بالحاجة إلى الشرح، بينما التأويل يؤدي للانفتاح تجاه أي تجارب وهي نقطة مركزية للفن الحديث.
وعما تحمله أعماله من مشاعر قوية، وموضوعات مختلفة مثل الفقد والأمومة والذاكرة وغيرها، ذكر أن الأعمال الإبداعية تحتاج إلى خلق مساحة من التوتر، مضيفاً: «التوتر هنا لا يعني الاضطراب، ولكنه مساحة لخلق نوع من الوعي والتواصل وهي المسافة التي يشتغل عليها المعرض بشكل عام، فالتوتر هنا كلمة اصطلاحية تنقلنا من شكلها الاجتماعي إلى مساحة فنية مختلفة يركز عليها العمل الإبداعي على اختلاف نوعه».
حضور لافت
شهد المعرض حضوراً لافتاً لنخبة من رواد الفن التشكيلي في الإمارات، والقيمين الفنيين والمثقفين، احتفاء بالمعرض، وتواجد الفنان محمد المزروعي بعد فترة غياب، وهو ما عكس مكانته كواحد من أهمّ مُساهمي المشهد الثقافي في أبوظبي، منذ ثمانينات القرن الماضي، حيث كان جزءاً لا يتجزأ من المجمع الثقافي، وساهم في تشكيل وإدارة اتحاد كتاب أبوظبي، وتنوع إنتاجه كشاعر وكاتب ورسام.
محمد المزروعي:
• في بعض الأحيان أشعر بأن وضع عنوان للعمل الفني يسجنه داخل قالب محدد، ويقيد ما يقدمه للمشاهد من متعة بصرية، لذلك أفضل أن يستقبل المتلقي الأعمال وفقاً لذائقته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.