مبادرة مجتمعية مميّزة، أطلقتها بجهود شخصية وسواعد فريق من المتطوعين، طبيبة التطور والنمو العصبي، الدكتورة سارة المهيري، التي تثبت قدرة المرأة الإماراتية على وضع بصمتها وتكريس حضورها في تأسيس مجتمع متوازن تقوده أجيال واعية، إذ لم تكتفِ بدورها طبيبةً، فلطالما تشبثت بحلم وضع بصمة فارقة في حياة الناس، مع فكرة مشروع «غرس»، مؤكدة أن تخصيص الأهل 10 دقائق من وقتهم لأبنائهم لمشاركتهم تجارب اللعب والتعلم والترفيه في أجواء عائلية دافئة، قادرة على صنع الفارق. وقالت الدكتورة سارة لـ«الإمارات اليوم»: «لم أؤمن يوماً بأن دور طبيب النمو والتطور مقتصر على العيادة أو المستشفى، بل يمتد إلى المجتمع الذي أتوق من خلال اختصاصي لتوعية بعض فئاته، ليس عبر طرح طبي بحت وإنما من خلال المشاركة والتفاعل. من هنا ولدت فكرة (غرس)، المبادرة المجتمعية غير الربحية التي أطلقتها منذ نحو عام، بهدف توعية أولياء الأمور بمبادئ وقيم تطور ونمو أطفالهم وصحتهم النفسية، وقد كرّسنا هذه الأهداف من خلال سلسلة من الأنشطة المجتمعية المتنوعة التي تخدم أهداف رؤيتنا وتستقطب أولياء الأمور وأطفالهم وعدداً من أفراد أسرهم، بما في ذلك الأجداد».
وحول اختصاصها الطبي «النادر» الذي سلكت فيه طريقاً قد يبدو مجهولاً للكثيرين، أوضحت الدكتورة سارة: «أي طفل من أبنائنا ليكون طبيعياً، يمرّ بمراحل تطور معينة، أبرزها التطور الحركي واللغوي والإدراكي والمهارات الاجتماعية وغيرها من التطورات التي قد لا يوقنها عموماً أغلب الأشخاص، ما يجعل الكثير من أولياء الأمور أحياناً، غير مدركين لهذا التخصص أو كاشفين النقاب عنه إلا عند بروز بوادر مشكلات لدى أبنائهم، مثل تحديات في بعض مهارات التواصل الاجتماعي أو التطور الحركي أو غيرهما من المشكلات». وتابعت: «بسبب ندرة هذا الاختصاص، توكل لنا حالياً مهمة متابعة الأطفال الذين يعانون مشكلات في التطور، مثل التأخر الحركي أو في بعض المهارات الحسية مثل الكتابة أو في تعلم بعض المهارات الحياتية كعدم القدرة على لبس الثياب، علاوة على عدد من المشكلات السلوكية المختلفة التي تظهر على الطفل في مراحل عمرية مبكرة، فنتدخل لتداركها عن طريق حلول علاجية سلوكية لا تختص بالدواء».
أكبر التحديات
وعن أكبر التحديات التي تواجه أولياء الأمور في مرحلة مبكرة من طفولة أبنائهم، لفتت الدكتورة سارة إلى خطورة بعض الوسائط المرئية على نموهم، مثل التلفزيون والأجهزة اللوحية التي يقضون أمامها ساعات طويلة، موضحة: «لمسنا الكثير من نتائج هذه الوسائل المرئية السلبية على تطور ونمو الأطفال وفقدانهم - بشكل كلي أحياناً - أي مهارة تواصل اجتماعي، بسبب تعرضه في سن صغيرة، لتأثير الشاشة ظناً من أولياء أمورهم بأنها مصدر تعليم، في وقت يكون فيه الطفل بحاجة ماسة إلى التواصل والحوار مع الوالدين، وبسبب هذه العوامل وعوامل أخرى كثيرة تؤثر في قدرتهم على التواصل، بدأنا نشهد اليوم وبشكل متزايد، ارتفاعاً كبيراً في نسب طيف التوحّد التي وصلت إلى طفل مصاب من كل 33».
ودعت إلى تكثيف حملات التوعية لتشمل جميع فئات أولياء الأمور والمقدمين منهم على الإنجاب: «أتمنى بصدق إدماج هذا النوع من الحملات في برامج عيادات المرأة الحامل التوعوية، لتعريف الأمهات بمدى خطورتها على وعي وإدراك وقدرات تواصل أبنائهن مع الآخرين، ودفعهن مع الآباء في المقابل، نحو تخصيص حيز دائم للأبناء لمشاركتهم تجارب اللعب والتعلم والترفيه في إطار أسري دافئ من المرح والتواصل الذي يُمكّنهم من التفاعل واكتساب المزيد من المهارات، و10 دقائق من وقتنا مع أبنائنا في هذا الإطار، قادرة على صناعة الفرق».
لمّ الشمل
وأكملت الدكتور سارة حول فكرة مبادرتها: «نتشبث في (غرس) بأهدافنا المجتمعية وقيمنا الإنسانية في لمّ شمل جميع شرائح المجتمع، وأفراد الأسرة وأبنائهم في مساحة موحّدة، للعب والتفاعل واقتسام المرح وتجارب الاكتشاف وحتى التعلم من المساحة التي نخصصها كل مرة للمتخصصين لمناقشة موضوعات مختلفة تهمهم، الأمر الذي يسهم في تعليم أولياء الأمور مبادئ جديدة، وتوجيههم، ومن جهة أخرى توطيد علاقاتهم وتواصلهم المثمر مع أبنائهم وصنع فارق واضح في شخصيتهم ونموهم».
وتعتمد «غرس» على الجهود الشخصية الحثيثة لمؤسستها الدكتورة سارة وسواعد فريق من المتطوعين الذي آمن برسالتها ورؤيتها وتوقها إلى صنع فرق في حياة الناس، ومنهم الإماراتي عمار زين، مدير العلاقات العامة لـ«غرس» الذي صادفته «الإمارات اليوم» مبتسماً وفخوراً برواية إنجازات «غرس» في تنظيم ست فعاليات مجتمعية فريدة منذ انطلاقها قبل عام واحد.
توسيع النطاق
بدأت مبادرة «غرس» في توسيع صداها من بوابة عدد من الشراكات الناجحة مع مؤسسات وهيئات مثل «دبي الصحية» التي استقطبت هذا الصيف تجربة ورشة غنية بالحواس للأطفال، وأخرى مع «بيبي إكسبو» وتجربة قادمة قريبة مع «هيئة تنمية المجتمع»، في الوقت الذي تطمح الدكتورة سارة المهيري ليس فقط في الوصول إلى المجتمع عن طريق أنشطة «غرس» التوعوية فحسب، بل بتوسيع هذا الدور ليمتد إلى المدارس من خلال «نظام متكامل» تتكاتف فيه جهود المؤسسات الصحية والمؤسسات التعليمية مع المجتمع لخدمة هدف موحد وهو توسيع نطاق التوعية بالقيم الأسرية الأصيلة لتشمل كل أفراد المجتمع.
• 6 فعاليات مجتمعية فريدة نظمتها «غرس» منذ انطلاقها قبل عام واحد.
حلول علاجية سلوكية لا تختص بالدواء تلجأ إليها الدكتورة سارة المهيري.
الدكتورة سارة المهيري:
• دور طبيب النمو والتطور لا يقتصر على العيادة أو المستشفى، بل يمتد إلى المجتمع.
• بسبب فقدان التواصل بدأنا نشهد بشكل متزايد ارتفاعاً كبيراً في نسب طيف التوحّد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.