عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

ملاذ دافئ داخل الأسوار يمنح الصغار فرصة حياة

«الخليج» تفتح نافذة على قصص إنسانية نابضة بالأمل، تجسد قيم الرحمة والتكافل في مجتمعنا، فنروي حكايات أولئك الذين يتعثرون في طريق الحياة، ثم يجدون أيادي العطاء تمتد إليهم، لتعيد إليهم معنى الانتماء، وليبقى الخير لغة مشتركة تجمعنا.
خلف الجدران العالية، حيث يختلط صدى الأبواب الحديدية بأنين الأرواح المكسورة، تنبض حياة صغيرة تبحث عن دفءٍ وإنسانية. هناك، في زوايا ناعمة داخل أسوار قاسية، يعيش أطفال لم يقترفوا ذنباً، وُلدوا في أحضان مغلولة بالقيود، لكنهم وجدوا في سجن النساء بدبي حضناً بديلاً للرحمة والأمان.
وجوه بريئة تحمل ملامح النقاء، وعيون تتلمّس العالم من خلف القضبان، لا تدرك أن القدر كتب لها أن تبدأ الحكاية من حيث تنتهي حكايات الآخرين.
إنهم أطفال السجينات اللاتي يقبعن خلف القضبان في إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية في دبي، ينفّذن أحكاماً قضائية جرّاء أخطاء ارتكبنها، غير أن الثمن يدفعه صغار لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا في هذا المكان.

عار لا يدركونه


أطفال وُصموا بعارٍ لا يدركونه، ومستقبل غامض تحكمه أقدار لم يختاروها، لكن إدارة السجن استطاعت أن تحوّل المكان ملاذاً إنسانياً رحيماً يحتضن هؤلاء الأبرياء منذ لحظة الميلاد وحتى بلوغهم الخامسة، في بيئة فاقت إنسانيتها حدود الزمان والمكان.


ولو أن الجدران نطقت، لروت قصصاً من الرحمة والرأفة والحنان. فهنا يعيش أطفال لا جريمة لهم ولا ملاذ سواها، وبين جنبات دار حضانة السجن تمتزج مشاعر الأمومة المكسورة مع الإصلاح والرعاية، لتمنح الصغار فرصة تنشئة قريبة من الطبيعية قدر الإمكان.
وتوضح إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية أن الهدف من الحضانة هو إبقاء الطفل قريباً من أمه لتتمكن من إرضاعه، والمشاركة في البرامج التأهيلية المعدّة لإصلاحها، فيما يتلقّى الأطفال خلال إقامتهم الرعاية الكاملة من مأكل وملبس ورعاية صحية واجتماعية وتربوية، مع الأنشطة الترفيهية التي تهيئ لهم بيئة آمنة تنبض بالحنان.

ألعاب ملوّنة


في داخل الحضانة تتوزع الألعاب الملوّنة، والرسوم الطفولية الزاهية التي تزيّن الجدران، وتعلو بين أرجائها أصوات البكاء والضحك معاً، في مشهد يلخّص الحياة بكل تناقضاتها. هناك غرف للعب، وأخرى للرعاية الطبية، وثالثة للنوم، تعمل فيها موظفات يعاملن الأطفال كأنهنّ أولادهنّ، يطعمنهم، ويهدهدنهم، ويرعينهم بكل حب ودفء، لتتجسّد الرحمة بأسمى معانيها خلف القضبان.
ولا تتوقف الجهود عند حدود الرعاية اليومية؛ بل تمتد إلى إعادة بناء العلاقة بين الأم وطفلها، عبر إشراك السجينات في برامج نفسية وتربوية تعزز دورهن الأمومي على الرغم من قسوة الأحوال.
وحين تنقضي مدة محكومية الأم، تتولى الشرطة إجراءات تسليم الطفل إليها بموجب محضر رسمي يثبت انتهاء العلاقة القانونية بالمؤسسة، وترافقها الجهات المختصة حتى المطار إذا كانت مشمولة بقرار التسفير. وفي حال نُقلت السجينة إلى سجن آخر لقضاء باقي الحكم، يحوّل الطفل رسمياً معها.

حكاية أمل


وهكذا، تظلّ دار حضانة السجن في دبي شاهداً على قصة إنسانية استثنائية، تكتبها أيادٍ مؤمنة بأن الرحمة لا تعرف الأسوار، وأن في قلب كل جدار قد يبدو صامتاً، تنبض حكاية أمل صغيرة، تحملها خطوات أطفال أبرياء نحو حياة أكثر إشراقاً.
لكن المعضلة تظهر حين يبلغ الطفل سن الخامسة، وهو الحد القانوني للبقاء في دار الحضانة. فبعضهم لا يجد من يتسلّمه أو يرعاه خارج الأسوار، وهنا تتجلى القصص الإنسانية التي تعكس روح العطاء في المجتمع الإماراتي.
فقد بادرت سيدة الأعمال سلمى خان، إلى رعاية خمسة من أبناء النزيلات ممن بلغوا سنّ الالتحاق بالمدرسة ولم يكن لهم مأوى.
وتقول سلمى: شعرت بمسؤولية إنسانية تجاههم، فهم أبرياء لا ذنب لهم. أردت أن أسهم في منحهم فرصة تعليم وحياة كريمة، وأن يحصلوا على حقوقهم التي كفلها لهم القانون.
وتضيف: أعطتني دولة الكثير، فقررت أن أُسهم ولو بجزء قليل في مبادراتها الإنسانية والمجتمعية، بدعم هؤلاء الأطفال وتمكينهم من التعليم والحياة الكريمة.
وتوضح سلمى، أن مبادرتها تهدف إلى ضمان التحاق الأطفال بالتعليم النظامي في مدارس دبي، وتهيئة بيئة تربوية وترفيهية ملائمة لهم. وحرصت على أن يحصلوا على شهادات دراسية معتمدة في كل مرحلة، ليتمكنوا من متابعة تعليمهم بعد عودتهم إلى أوطانهم.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا