الشارقة: محمود الكوميلم تكن الحياة سهلة لتلك الأم، التي وجدت نفسها فجأة في مواجهة المجهول، بعد أن فقدت زوجها، كانت تستيقظ كل صباح وهي تجهل كيف ستؤمّن لأطفالها الثلاثة لقمة العيش، وكيف ستسدد إيجار البيت المتأخر، أو كيف ستواجه نظرات المدرسة التي تنتظر أقساط الدراسة المتراكمة، في كل زاوية من بيتها الصغير كانت هناك قصة ألم، وفي كل مساء كانت تنام على سؤال واحد يؤرقها ماذا ينتظر أولادي إن عجزت عن الاستمرار هنا؟.بعد وفاة الزوج، لم يعد هناك من يعيل الأسرة، ولا من يشاركها همها، حاولت قدر المستطاع أن تحافظ على استقرار بيتها بكرامة، تعيش على القليل الذي يأتي من بعض المعارف أو النفقة البسيطة التي بالكاد تكفي أسبوعاً، لكن مع مرور الوقت، تراكمت الفواتير، وازدادت المصاريف، حتى أصبحت العودة إلى الوطن حلماً صعب المنال، وأصبح البقاء هنا عبئاً لا يُحتمل.في تلك اللحظة، حين بلغت المعاناة ذروتها، كانت يد الخير تمتد من جمعية الشارقة الخيرية، فتمت دراسة الحالة بشكل دقيق من قبل فريق المساعدات، لم تكن مجرد أرقام أو أوراق، بل حالة إنسانية تمس كرامة أم وأمان أطفالها.يقول عبدالله سلطان بن خادم، المدير التنفيذي لجمعية الشارقة الخيرية، إن الفريق الميداني وقف على تفاصيل حياتها ليتأكد من حاجتها الحقيقية، وبعد تقييم شامل، بادرت الجمعية إلى سداد الرسوم الدراسية المتأخرة للأبناء، لتسوية أوضاعهم التعليمية، حتى لا يغادروا وهم يحملون شعور الحرمان من التعليم، ثم تكفلت الجمعية بتوفير تذاكر السفر للأسرة لتتمكن من العودة إلى وطنها بكرامة، بعيداً عن الضغوط والديون التي أنهكتها.ويضيف بن خادم أن هذا التدخل الإنساني لم يكن مجرد حل مالي، بل خطة عبور نحو حياة أكثر استقراراً، لأن الجمعية لا ترى في المساعدة دعماً مؤقتاً، بل بداية جديدة للأسرة.ويتابع قائلاً، هذه الأسرة كانت على وشك الانكسار، لكن بفضل الله ثم بدعم المحسنين، عادت لتبدأ فصلاً جديداً في وطنها بين أهلها وأحبائها.بعد أيام قليلة، كانت الأم تودع منزلها الصغير، وهي تمسح دموعها بيد وترفع الأخرى بالدعاء، لم تعد تحمل خوف الغد، بل امتنان لقلوب لم تعرفها شخصياً لكنها كانت سبباً في إنقاذها والأطفال، فقد كانت ضحكاتهم في المطار أبلغ دليل على معنى كلمة «أمل».