تحتوي هذه المراجعة على حرق للحلقة الأخيرة من مسلسل The Penguin بعنوان “A Great or Little Thing”
استطاع The Penguin منذ حلقاته الأولى أن يقدم رؤية جديدة ومغايرة لعالم الجريمة في مدينة جوثام، مسلطًا الضوء على شخصية أوزوالد كوبلوت، المعروف بـ”البطريق”، بطريقة لم نشهدها سابقًا. اعتمد المسلسل على الأسلوب الدرامي العميق، متجنبًا التركيز على الأكشن السطحي ومتوجهًا نحو استكشاف تعقيدات شخصية البطريق وصراعاته الداخلية والنفسية، ليكون عملًا أقرب ما يكون إلى الدراسة النفسية لشخصية شريرة تحاول إثبات نفسها وسط عالم مليء بالفساد والعنف.
منذ البداية، قدم المسلسل عالمًا شديد الواقعية وداكنًا، حيث يتميز بأجواء سوداوية تنبض بروح مدينة جوثام الغارقة في الجريمة. طوال الحلقات، تمكن المخرجون من استحضار هذا العالم المظلم بكل تفاصيله، بدءًا من الإضاءة القاتمة التي تعكس الحالة النفسية للشخصيات، وصولًا إلى الخلفيات المتهالكة لشوارع المدينة والتي تجعلنا نشعر وكأننا نعيش في قلب هذا العالم المضطرب. أجواء جوثام كانت أكثر من مجرد خلفية؛ لقد أصبحت جزءًا أساسيًا من السرد، ما يعمق العلاقة بين المدينة وأبطال القصة، وعلى رأسهم البطريق.
على مدار الحلقات، تم تقديم البطريق كشخصية تواقة للسلطة والشهرة، ولكن ليس بطريقة نمطية. أوزوالد كوبلوت الذي يظهر في The Penguin هو شخصية معقدة، يعاني من صراعات داخلية وشكوك لا تفارقه. في البداية، نراه يحاول الصعود في عالم الجريمة ليعوض ضعفه الجسدي وسخريّة الآخرين منه، لكنه سرعان ما يكتشف أن الطريق نحو القمة ليس سهلًا كما كان يعتقد، وأن التحديات لا تتوقف عند مجرد السيطرة على الشوارع، بل تتطلب أيضًا مواجهة ماضيه وتجاوز آلامه الشخصية.
أحد الجوانب المميزة في المسلسل هو أداء كولين فاريل الذي أضفى عمقًا كبيرًا على شخصية البطريق. استطاع فاريل أن يقدم شخصية البطريق بطريقة بعيدة عن الكاريكاتيرية التقليدية، حيث أظهر تدرج الشخصية من شخص مهزوم إلى زعيم جريمة. يتميز أداؤه بتجسيد كل لحظة ضعف أو انتصار ببراعة، حيث يظهر ذلك في تعابير وجهه ونظراته القاسية التي تخفي مشاعر مختلطة من الطموح والخوف. قدم فاريل شخصية البطريق كشخصية إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بحيث نجد أنفسنا كمتابعين متعاطفين معه في لحظات معينة، رغم أفعاله القاسية.
من الناحية السردية، اختار المسلسل بناء قصة محكمة تتصاعد بتدرج، حيث كل حلقة تكشف جانبًا جديدًا من شخصية البطريق أو تعرض تحديًا جديدًا له. تبدأ الحبكة ببطء لتضع الأساس لعالم الجريمة في جوثام، وتبني الشخصيات الرئيسية بعمق وتفصيل. ومع تقدم الأحداث، يتضح أن البطريق ليس مجرد زعيم جريمة، بل هو شخص يحاول إثبات ذاته وملء الفراغ الذي يشعر به منذ طفولته. يواجه أعداءً وحلفاءً، ويتحالف مع من لا يثق بهم، مما يجعل القصة مليئة بالتوتر والتقلبات.
الحلقة الأخيرة كانت تتويجًا لكل تلك التحديات والتطورات، حيث بلغت الصراعات ذروتها. تُظهر الحلقة أوزوالد وقد اقترب من تحقيق هدفه، لكنه يجد نفسه في موقف لا يخلو من التناقضات، حيث تبدأ قراراته بالارتداد عليه. في هذه الحلقة، يكشف المسلسل عن ثمن الطموح وعن الكلفة النفسية التي يتحملها البطريق ليصل إلى القمة، مما يجعله أقرب إلى شخصية تراجيدية منه إلى شرير تقليدي. كل لحظة في الحلقة الأخيرة كانت مدروسة بعناية، بدءًا من اللحظات الهادئة التي تعبر عن تأملات البطريق، وصولًا إلى لحظات التوتر والانفجارات التي تظهر لنا القوة التي اكتسبها من هذه الرحلة الطويلة.
في هذه الخاتمة، نجح المسلسل في تصوير تحول البطريق إلى زعيم فعلي في جوثام، ولكن بثمن باهظ. لم يكن الأمر انتصارًا مجانيًا؛ فقد خسر البطريق أجزاءً من نفسه، وبات شخصية تتجسد فيها القوة والهشاشة معًا. النهاية لم تكن مجرد حلقة ختامية تقليدية، بل كانت مرآة لتطور البطريق، حيث نراه يحقق مبتغاه، لكنه يدرك الثمن الذي دفعه للوصول إلى ذلك، ما يضيف عمقًا دراميًا يتجاوز مجرد كونه “زعيم جريمة”.
بالإضافة إلى كل هذا، لعبت الموسيقى التصويرية دورًا كبيرًا في تعزيز أجواء المسلسل، حيث كانت الموسيقى تصاحب كل مشهد، وتضيف طبقة إضافية من التوتر أو الغموض. الإيقاعات العميقة والهادئة في بعض المشاهد زادت من إحساس الثقل الذي يحمله أوزوالد على كتفيه، وجعلتنا نعيش معه تلك اللحظات بكل تفاصيلها.
في النهاية، The Penguin ليس مجرد مسلسل جريمة عادي؛ إنه عمل فني يعكس رحلة نفسية معقدة لشخصية تبحث عن القوة والهوية في عالم لا يرحم. قدم المسلسل تحليلاً عميقًا لمفهوم السلطة والطموح، وعرض كيف يمكن لتلك الرحلة أن تستهلك الإنسان وتدفعه إلى التخلي عن مبادئه. بفضل الأداء الاستثنائي لكولين فاريل، والتصوير المتقن، والحبكة الذكية، تمكن The Penguin من وضع بصمة مميزة في عالم المسلسلات، وقدم لنا رؤية مختلفة لعالم دي سي وجوثام.
الحلقة الأخيرة من The Penguin قدمت نهاية مثالية لمسلسل استثنائي، حيث جمعت بين الصراع الداخلي للبطريق وذروات درامية محبوكة بعناية، مما جعلها خاتمة قوية ومؤثرة. بفضل الأداء الرائع لكولين فاريل والتصوير السينمائي الداكن الذي جسد أجواء جوثام ببراعة، استطاع المسلسل أن يسحبنا إلى عالم البطريق، ويجعلنا نشعر بوزن قراراته وثقل طموحه. The Penguin ليس مجرد قصة صعود زعيم جريمة، بل هو دراسة نفسية غنية تعكس كيف يمكن للطموح والجشع أن يستهلك الإنسان ويدمر أخلاقياته.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.