هذه المراجعة خالية من الحرق للموسم 2 من مسلسل Squid Game، والذي يُعرض حالياً على Netflix.
يحمل الموسم الثاني من Squid Game على عاتقه إرثاً ثقيلاً بعد النجاح المذهل للموسم الأول، وهو نجاح تجاوز حدود التوقعات وترك بصمة عميقة في عالم الدراما. ومع هذا الضغط الكبير، ينجح المخرج والمؤلف "هوانغ دونغ هيونك" في إعادة إشعال الحماسة من جديد، من خلال تقديم موسم أكثر كثافة مع 7 حلقات فقط بدلاً من 9. يحتفظ الموسم بجوهر المسلسل القاتم والمثير الذي جذبنا منذ البداية، لكنه يضيف أبعاداً جديدة تعمق القصة وتوسع عوالم الشخصيات، مما يجعله استحقاقاً جديراً لهذا الإرث المميز. لكن لا يكتفي الموسم الثاني بالسير على نفس الطريق، حيث يخبئ لنا الكثير من المفاجآت والتقلبات غير المتوقعة على طول الطريق.
يكمل الموسم الثاني تماماً حيث توقفنا، حيث يتخذ "غي هون سيونغ" (لي جانغ جاي) قراراً مصيرياً بعدم السفر إلى ابنته، مكرساً جهوده وموارده لمطاردة مبتكري الألعاب والقضاء عليهم. هذه المهمة تأخذ طابعاً ملحاً ومكثفاً، ومع قفزة زمنية سريعة، نجد أنه أمضى ثلاث سنوات في مطاردة موزع البطاقات الذي التقاه سابقاً في نفق المترو، في محاولة للوصول إلى الشخصية الغامضة وراء القناع الأسود.
في خطوة جريئة ومغايرة لتوقعات المشاهدين، يبتعد الموسم الثاني عن الألعاب في البداية، مخصصاً أول حلقتين لاستكشاف العالم الخارجي بدلاً من الغوص المباشر في الألعاب كما كان الحال بالموسم الأول. هذا التغيير لم يكن مجرد حشو للأحداث، بل قدم لحظات مليئة بالتشويق والتوتر، وحتى الدماء، مما يجعلها لا تقل إثارة عن الأحداث داخل الألعاب. خلال هاتين الحلقتين، يتم الكشف عن المزيد من تفاصيل الشخصيات التي عرفناها في الموسم الأول، بما في ذلك مصير الشخصيات القليلة التي بقيت على قيد الحياة مثل شقيق "كانغ ساي بيوك" ووالدة "تشو سانغ وو". كما يحصل المشاهدون على فرصة لمعرفة المزيد عن شخصيات كانت ثانوية في الموسم الأول، مما يضيف أبعاداً جديدة إلى القصة.
أحد نقاط القوة في هذا الموسم، الدور الأعمق الذي يلعبه موزع البطاقات "غونغ يو". بعد أن كان ظهوره محدوداً في الموسم الأول، يحصل هنا على مساحة أكبر للتألق، مع الكشف عن خلفيته المعقدة التي تعكس قسوة الأشخاص الذين يعمل لديهم. حضوره القوي وأداؤه المتقن يرفعان مستوى التوتر في الحلقات الأولى إلى درجات جديدة. على الرغم من غياب الألعاب في البداية، إلا أن بناء العالم والتفاصيل الدقيقة التي يقدمها الموسم يجعلان المشاهد متلهفاً لمعرفة المزيد، دون أن يشعر بغياب عنصر الألعاب.
ومن الشخصيات الأخرى العائدة من جديد كان الشرطي "هوانغ جون هو" (بأداء رائع من وي ها جون)، والذي يتعامل مع العواقب النفسية والجسدية للأحداث الصادمة التي مر بها في الموسم الأول، خصوصاً اكتشافه أن شقيقه الذي كان يبحث عنه، هو نفسه صاحب القناع الأسود المخيف والمسؤول عن الألعاب. هذا الكشف الصاعق انتهى بمواجهة مأساوية، حيث أطلق عليه شقيقه النار وألقاه في البحر. على الرغم من أنني كنت أتمنى لو حصل "هوانغ جون هو" على دور أكثر تأثيراً في دفع الأحداث الرئيسية، إلا أن الموسم يمنحه وقتاً أطول على الشاشة مقارنة بالموسم الأول، خاصة دون القناع. يستمر "جون هو" في البحث عن الجزيرة المشؤومة أملاً بالعثور على شقيقه. هذا البحث يقوده في نهاية المطاف إلى "غي هون"، حيث يتعاون الاثنان سوياً لوضع خطة محكمة للوصول إلى الألعاب مرة أخرى ومواجهة صاحب القناع الأسود.
على الرغم من أن "جون هو" يظل حذراً بشأن الكشف عن علاقته بصاحب القناع الأسود لـ "غي هون"، إلا أن تعاونهما يولد ديناميكية مثيرة تعزز من توتر الأحداث. أمضى كلاهما السنوات الماضية في مطاردة أشباح هذه المنظمة السرية، وكل منهما يحمل أسبابه الشخصية التي تقود جهوده. هذا التعاون يضيف بُعداً جديداً إلى القصة، حيث يربط الشخصيتين اللتين عانتا من خسارات شخصية في السعي وراء هدف مشترك، مما يمنح الأحداث شعوراً بالتشابك والاندفاع نحو تصعيد قوي.
التعاون بين "جون هو" و "غي هون" لا يقتصر على التخطيط والتسلل، بل يأخذ القصة إلى مستوى جديد تماماً من الإثارة. مع تقدم الأحداث، ينجح المسلسل في رفع مستوى الأكشن بشكل ملحوظ من خلال إدخال عناصر جديدة مثل مشاركة أفراد من مشاة البحرية في معارك إطلاق نار الذين يصبحون جزءاً من المواجهات. المشاهد النارية والمعارك التي تتخلل الأحداث مصممة بشكل رائع، مع لحظات مكثفة ومذهلة تزيد من توتر القصة وتعقيدها.
أحد الاختلافات الملحوظة في الموسم الثاني من Squid Game هو التركيز على بعض الشخصيات التي كانت تُعتبر سابقاً مجرد أدوات تنفيذية في اللعبة: القناصون. هؤلاء الأشخاص، الذين عهدناهم في الموسم الأول كأفراد مقنعين ينفذون عمليات الإعدام ببرود ودون تردد، يحصلون على فرصة لاستعراض قصصهم الخلفية في هذا الموسم. دون كشف التفاصيل لتجنب الحرق، يقدم المسلسل لمحة عن حياة أحد القناصين خارج الألعاب، مسلطاً الضوء على ظروفه التي قادته إلى الانضمام لهذا النظام الوحشي. هذا الاستكشاف يضفي طابعاً إنسانياً على شخصيات كانت تبدو في البداية وكأنها آلات قتل بلا مشاعر، مما يدفع المشاهدين للتعاطف معها ولو للحظات. هذا البُعد الجديد يجعل الموسم الثاني أكثر تعقيداً وإثارة للتفكير، حيث يتحدى الجمهور لفهم الشخصيات من زوايا مختلفة، ويطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الخيارات التي قد يضطر الأفراد لاتخاذها في ظل ظروف قاسية.
قبل أن ننتقل إلى أحداث الألعاب نفسها، يجدر الإشارة إلى الأداء الرائع الذي يقدمه "لي جانغ جاي" في دور "غي هون سيونغ"، حيث نشهد تحولاً عميقاً وجذرياً في شخصية البطل مقارنة بالموسم الأول. في البداية، كان "غي هون" شخصية هامشية تعاني من الفشل، غارقاً في الديون ومفتقراً للمسؤولية، بالكاد يستطيع الاحتفاظ بثمن هدية عيد ميلاد ابنته دون اللجوء إلى المقامرة والخسارة. لكن في الموسم الثاني، يظهر "غي هون" بشخصية مغايرة تماماً: رجل حازم ومصمم، تخلى عن كل مظاهر المرح والابتسامة التي عرفناها عنه، ليصبح شخصاً مهووساً بهدفه الوحيد: القضاء على مبتكري الألعاب والانتقام منهم. هذا التحول ليس مجرد تغيير سطحي، بل يعكس عمقاً نفسياً كبيراً، حيث يدفعه شعوره بالذنب والخسارة لتجاهل حتى ابنته التي لم يتواصل معها طوال هذه السنوات. يبرع "لي جانغ جاي" في تجسيد هذا التحول بكل إتقان، مستخدماً تعابير وجهه وصوته وجسده لنقل الصراع الداخلي الذي يعيشه "غي هون"، بين ألمه من الماضي وتصميمه على المستقبل. أداؤه المقنع يجعل من شخصيته حجر الزاوية في الموسم. أداء "لي جانغ جاي" في هذا الموسم ليس فقط رفيع المستوى، بل يستحق كل التقدير والجوائز التي قد تأتي في طريقه.
مع عودة الألعاب في الموسم الثاني، يتعرف المشاهدون على مجموعة جديدة من الشخصيات التي تضيف تنوعاً وثراءً إلى القصة. وبينما تقتصر الشخصيات العائدة داخل الألعاب على صديق "غي هون"، "بارك جانغ باي" (الذي يجسده لي سيو هوان)، حيث نجد أنه انضم إلى الألعاب بعد أن فقد زوجته وبات في حاجة ماسة إلى المال لإعادة بناء حياته، لكن هناك الكثير من الشخصيات الجديدة المختلفة، مما يخلق ديناميكية رائعة داخل الألعاب. من أبرز هؤلاء: "داي هو"، جندي البحرية السابق الذي يصبح أحد الشخصيات الأساسية في المواجهات. و "إيم سي وان"، يوتيوبر سابق يواجه أزمة مالية خانقة بعد خسائره في تداول العملات المشفرة. و "جو يو ري"، الحبيبة السابقة لـ "إيم سي وان"، وهي حامل تجد نفسها مضطرة للانضمام للألعاب بحثاً عن مخرج من وضعها الصعب. و "ثانوس"، مغني راب فاشل ومدمن (يؤديه مغني الراب الشهير في كوريا T.O.P)، يقدم مزيجاً بين الكوميديا والدراما. والأم وابنها (تؤديهما كانغ آي شيم ويانغ دونغ غيون)، اللذان ينضمان للألعاب سعياً لسداد ديون المقامرة ويلتقيان هناك بالصدفة.
كل شخصية من هؤلاء تضيف طبقة جديدة من التعقيد للعلاقات داخل الألعاب، حيث تتقاطع دوافعهم وخلفياتهم لتخلق مزيجاً من الصراع، التحالف، والخيانة. التنوع في شخصيات الموسم الثاني يعكس مرة أخرى قدرة Squid Game على تقديم قصص إنسانية عميقة خلف إطار العنف والإثارة، مما يجعل كل لحظة داخل الألعاب مليئة بالتشويق والترقب.
من الإضافات اللافتة في الموسم الثاني هو الدور الموسع للنجم الشهير "لي بيونغ هون"، الذي ظهر في الموسم الأول للحظات معدودة كصاحب القناع الأسود: "أين هو"، شقيق الشرطي "هوانغ جون هو". في هذا الموسم، يأخذ دوره مساحة أكبر بكثير، مما يسمح لنا بالتعمق في شخصيته المعقدة والمثيرة للفضول. دون الخوض في التفاصيل تجنباً للحرق، يمكن القول أن المخرج والمؤلف "هوانغ دونغ هيونك" نجح ببراعة في تقديم هذه الشخصية بطريقة تُبرز قدرات "لي بيونغ هون" التمثيلية العالية، مع استخدام محكم للإثارة والتشويق. كل مرة يظهر فيها على الشاشة تكون محملة بالتوتر، حيث ينتظر المشاهدون أي تلميح أو إشارة عما يدور في ذهنه، سواء من خلال حركته أو تعابير وجهه الدقيقة.
الحضور الطاغي لـ "لي بيونغ هون" يضفي عمقاً نفسياً للشخصية، ويثير تساؤلات عديدة حول دوافعه وأهدافه الحقيقية. هذا الدور الموسع يجعل صاحب القناع الأسود ليس فقط خصماً غامضاً، بل شخصية تمتلك أبعاداً إنسانية ومعقدة تزيد من التشويق والحماس مع كل ظهور له.
وكما يعرف جميع من تابع العروض الترويجية للموسم الثاني، يركز هذا الجزء على عودة "غي هون" إلى الألعاب في سبيله للقضاء عليها. كيف يصل إلى الألعاب مرة أخرى؟ هذا ما نتركه لتكتشفوه بأنفسكم دون حرق التفاصيل. لكن ما يمكننا قوله هو أن المسلسل يحافظ على الشعور بالتجدد من خلال تقديم ألعاب جديدة كلياً. وبالرغم من أن الألعاب مثيرة وتتركنا في حالة من الترقب والخوف على شخصياتنا المحبوبة من الموت، إلا أنها في هذا الموسم تأخذ خطوة للخلف لكي تترك المجال لتسليط الضوء بشكل أكبر على الصراعات البشرية والنفس الإنسانية، مع إضفاء عنصر جديد غير متوقع على الألعاب هذه المرة: الديمقراطية!
يُمنح اللاعبون هذه المرة خيار التصويت قبل كل لعبة جديدة، حيث يمكنهم الاختيار بين الاستمرار أو التوقف. في حال قرروا التوقف، يتم تقسيم المال المكتسب حتى تلك اللحظة بالتساوي بين الناجين، مما يثير صراعات جديدة وغير مسبوقة. هذه الإضافة تُبرز الجانب الجشع في النفس البشرية، حيث يطرح الموسم أسئلة وجودية: متى يكون المال كافياً؟ هل يستحق المخاطرة بحياتك للحصول على المزيد، أم تكتفي بما لديك؟ هل نغادر جميعاً الآن بأمان، أم نجازف، متجاهلين حقيقة أن كل شخص عرضة للموت مثل الآخرين؟ هذا الخيار يخلق انقساماً داخلياً بين اللاعبين: أولئك الذين يرغبون في المغادرة، وأولئك الذين يسعون للاستمرار مهما كان الثمن. هذا الانقسام يولد كراهية وصراعات جديدة، حيث يُنظر إلى الآخرين من منظور "مع أو ضد"، مما يزيد من حدة التوترات النفسية.
يتعمق الموسم الثاني في استكشاف دوافع الشخصيات: كيف يتصرف الإنسان عندما تُزال جميع الضوابط الاجتماعية، ولا يعود هناك عقاب على الجرائم؟ هذا التحليل العميق يعكس التوتر الذي يعيشه أفراد يائسون خسروا كل شيء وأصبحوا على حافة الانهيار، وهي الفئة المستهدفة من قِبل منظمي الألعاب منذ البداية.
في النهاية، يُعيد الموسم الثاني طرح السؤال الأخلاقي الكبير: إلى أي مدى يمكن أن تذهب للحصول على المال؟ هل تُضحّي بغيرك أم حتى بنفسك لتحقيق حلم اليأس الأخير؟ هذه الأسئلة تجعل من الموسم الثاني رحلة نفسية مكثفة، بقدر ما هي رحلة مليئة بالإثارة والمخاطر. وينتهي الموسم بنهاية غير متوقعة تمهد الطريق للموسم الثالث والأخير القادم في 2025.
ينجح الموسم الثاني من Squid Game في تقديم تجربة عميقة ومثيرة مثل سابقه، لكن لا يكتفي بإعادة تدوير أفكار الموسم الأول، بل يبني عليها ويوسع العالم بطرق مبتكرة ومثيرة. من التوتر الذي لا يتوقف داخل الألعاب الجديدة إلى التركيز الأكبر على العالم الخارجي والصراعات النفسية العميقة، يثبت المسلسل مرة أخرى قدرته على مزج التشويق مع استكشاف الجوانب المظلمة للطبيعة البشرية. وبفضل الأداءات الرائعة، الإخراج المتقن، والمفاجآت غير المتوقعة، يقدم الموسم الثاني تجربة لا تُنسى تحمل في طياتها الكثير من الإثارة والرسائل العميقة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.