تصدر أول حلقتين من Murderbot في 16 مايو على Apple TV+. مع صدور حلقات جديدة كل يوم جمعة حتى 11 يوليو. لا تدع العنوان يخدعك: "Murderbot" (أو ما يترجم بـ: "روبوت القتل") ليس مسلسلاً عن روبوت يحب القتل. حسناً، الروبوت نوعاً ما يحب القتل: يرتكب جريمة قتل أو اثنتين خلال الموسم الأول، ويطلق على نفسه اسم "Murderbot" لأسباب لا يوضحها هذا الاقتباس شديد الوفاء لرواية All Systems Red من تأليف مارثا ويلز بشكل مباشر، بل يلمّح إليها. لكن هذا ليس الموضوع. في الواقع، الفكرة الأساسية معاكسة تماماً: هذا مسلسل عن أهمية تكوين الروابط مع الآخرين، حتى وإن كان ذلك مزعجاً. والمفتاح لفهم هذا هو شخصية ترفض حتى اعتبار نفسها "شخصاً". المزيد عن هذا الموضوعالعرض الرسمي لمسلسل Murderbot تدور أحداث هذه الحلقات العشر حول وحدة سايبورغ أمني (أو ما يختصر بـ "SecUnit") مُعيّن لمرافقة بعثة علمية غامضة على كوكب يبدو مملاً وخالياً من الحياة. ما لا يعرفه أي أحد من المعنيين هو أن "Murderbot" (الذي يؤدي صوته ألكسندر سكارسغارد) اخترق برمجته الخاصة ليحصل على الإرادة الحرة. لكن ممارسته لتلك الإرادة يمكن أن تفضح أمره وتؤدي إلى تعطيله، لذلك يقضي وقته في تنفيذ مهام أمنية مملة على مضض، بينما يشاهد ساعات وساعات من المسلسلات الرتيبة خصوصاً "The Rise and Fall of Sanctuary Moon"، وهو دراما "فاخرة" مليئة بظهور ضيوف مميزين ومعقدة في حبكتها. يؤدي سكارسغارد شخصية "Murderbot" بقدر من السخرية الساحرة، لا سيما في تعليقه الصوتي الصادق والصريح، لكنه يجسد أيضاً ببراعة انزعاج الشخصية من التفاعلات البشرية العادية. قد يلاحظ المشاهد (قبل الشخصيات الأخرى) أن نجم True Blood لا ينظر أبداً في عيون زملائه الممثلين، حيث أن "Murderbot" يشعر براحة أكبر عندما يرتدي زيه القتالي وخوذته التي تخفي وجهه. هناك لحظة بارزة عندما يفشل في إخفاء التعاسة الشديدة على وجهه حين يشير أحد العلماء إلى أنه يمكنه البقاء معهم بدلاً من العزلة في وحدة الأمن الخاصة، وهي المكان الذي يستطيع فيه مشاهدة مسلسلاته بهدوء. وكما تتوقع، تمت برمجة "Murderbot" بوضوح ككيان يفكر بشكل مختلف عن البشر العاديين، ويكافح لفهم السلوك البشري المتقلب وغير المنطقي، ويجد صعوبة في التعبير عن مشاعره من دون أن يُساء فهمه. يتعامل في بادئ الأمر مع البشر من خلال سلوكيات اكتسبها من مشاهدته للتلفزيون، مثل أحد المشاهد حيث يلهي عميلة مصابة عبر سؤالها عن حياتها الشخصية، ليس لأنه يهتم فعلياً بل لأنه يعرف أن هذا ما يفعله الناس في التلفزيون. في ابتعاد مرحّب به عن الصورة النمطية التي نراها بالأعمال التي تتناول شخصيات ذات أسلوب تفكير مختلف، لا يتم تصوير سمات "Murderbot" التي تجعله مختلفاً عمن حوله كقوة خارقة أو شيئاً يحتاج إلى "تغيير". لحسن الحظ فإن الفيلم لا يقدم ذاك النوع من القصص المزعجة التي تدور حول "علينا مساعدتهم على الخروج من قوقعتهم"، بل هو عمل يعترف بأن تلك القوقعة هي ببساطة جزء من شخصية "Murderbot". وعندما يخرج منها، فهو يفعل ذلك بإرادته الكاملة. ويعود الفضل في هذا التعامل الإنساني مع "Murderbot" إلى العلماء، وهم مجموعة من الفضائيين الشبيهين بالهيبيين والذين يمتلكون مستوى مضحكاً من الذكاء العاطفي. الشخصية الأبرز بينها هو "غوراثين" الذي يجسده ديفيد داستمالشيان، وهو أكثر من يشكك في نوايا "Murderbot". باعتباره عضواً جديداً في هذه المجموعة التي تعلمت أن تقدّر تميز كل فرد فيها، يستطيع "غوراثين" رؤية محاولات "Murderbot" الفاشلة ليبدو طبيعياً. هناك مشهد مثير للتوتر وغير متوقع حين يأمره "غوراثين" بالحفاظ على التواصل البصري معه، وهو أمر لا يستطيع "Murderbot" رفضه دون أن يفضح سره، ما يمنح داستمالشيان فرصة لإبراز طاقته التمثيلية الغريبة (ونقصد ذلك كمديح). وبحلول النهاية تنشأ رابطة بين الاثنين، ورغم أن هذا تطور متوقع في قصة من هذا النوع، إلا أن وقعها العاطفي هنا أقوى من نظيرها في الرواية. المفارقة المضحكة هي أن الأمور التي تجعل من Murderbot مسلسلاً ممتعاً من المحتمل أن تكون الأسباب نفسها التي تجعل "Murderbot" يكره مسلسله الخاص. أما مع بقية الطاقم فيمكن حل كل شيء بعناق، وأي قرار يُتخذ دون إجماع كامل يُعد فضيحة. يأتي هؤلاء العلماء من مجتمع يُعامَل فيه الأشخاص الاصطناعيون مثل "Murderbot" كمواطنين عاديين، لكن من الواضح أن هذا يعتبر نوعاً من الوعي الفكري أكثر من كونه شيئاً اعتادوا ممارسته، وهو ما يتضح في مشهد لشخصية تهنئ نفسها على مدى "روعتها" لكونها تملك صديقاً من الوحدات الأمنية. المشهد مضحك ويسخر بمحبة من الليبرالية الأخلاقية المتطورة، ليس لأن هؤلاء الأشخاص غريبو الأطوار تحديداً، بل لأنهم من نوعية الناس الذين يراهم "Murderbot" على أنهم غريبو الأطوار. يتحدثون عن مشاعرهم بصراحة دائمة، وهو أمر لا يتوافق أبداً مع تصوّر "Murderbot" للسلوك البشري (أي ليس ما يرى الناس يفعلونه على التلفزيون). قد يكون المسلسل نفسه متأثراً أكثر من اللازم بالعناصر التي تعتبر "مناسبة للتلفزيون": تكمن مشكلته الحقيقية الوحيدة في أن حلقاته تصبح نمطية بعض الشيء مع مرور الوقت. الكثير منها ينتهي بتطور كبير في الحبكة يُحلّ خلال الحلقة التالية، ثم يتكرر الأمر من جديد. ويمكن إلقاء اللوم جزئياً على مدة الحلقة التي لا تتجاوز نصف ساعة، وهو ما يجعل الأحداث أخف وأسرع (وهو أمر إيجابي، لأن قوة "Murderbot" تكمن في الكوميديا أكثر من كونه مسلسل إثارة وخيال علمي)، لكنه أيضاً يُجبر القصة على أن تكون مكتظة ومركّزة. ومع ذلك فإن مسارات الشخصيات والعلاقات المتبدلة بين العلماء و "Murderbot" هي الجاذب الحقيقي هنا، أكثر من الغموض حول ما يحدث على هذا الكوكب الذي ليس خالياً كما يبدو. وربما لا يهم كثيراً أن الحبكة ما هي إلا وسيلة لنقل هذه الشخصيات من موقف ضغط نفسي إلى آخر، لتوفير مبررات كافية لإجراء "محادثات كبيرة" حول عقود العلاقات ومدى انفتاح عقليات الجميع. المفارقة المضحكة هي أن الأمور التي تجعل من Murderbot مسلسلاً ممتعاً من المحتمل أن تكون الأسباب نفسها التي تجعل "Murderbot" يكره مسلسله الخاص. فهو يدور حول أناس... وروبوت، يهتمون ببعضهم البعض ويقررون أن يُقدّروا بعضهم، حتى عندما يكون ذلك مزعجاً أو غير مريح. وهذا لا يبدو ممتعاً تماماً من منظور "Murderbot" الذي يفضل مشاهدة "كابتن الفضاء جون تشو وهو يعلّم الروبوت دي واندا وايز معنى الحب" في مسلسل The Rise and Fall of Sanctuary Moon، لكن ما نراه من هذا المسلسل داخل المسلسل يوحي بأنه ممل أو سيئ في كل الأحوال. مثل شخصيته الرئيسية، يتظاهر مسلسل Murderbot بأنه أكثر سوداوية وجدية مما هو عليه في الحقيقة. ورغم أن الحبكة تعاني أحياناً من بنية نمطية ومتكررة، إلا أن المسلسل يظل خفيفاً ومنعشاً ويحب الحياة، خصوصاً للمشاهدين الذين قد يجدون شيئاً من أنفسهم في برود "Murderbot" تجاه البشرية. إنه مسلسل خيال علمي ساخر ولطيف عن روبوت يحاول فهم البشر، حتى وإن كان من الأسهل عليه أن يقتلهم جميعاً بدلاً من ذلك.