هذه المراجعة خالية من الحرق للموسم 3 من مسلسل Squid Game، لكنها تحتوي على حرق لأول موسمين. للاطلاع على مراجعة الموسم الثاني الخالية من الحرق هنا. من النادر أن ينجح مسلسل حقق شهرة غير متوقعة في موسمه الأول في مواصلة التألق والإبهار في المواسم التالية، خاصة عندما نعرف أن صانع المسلسل نفسه "هوانغ دونغ-هيوك" لم يكن يضع باعتباره عند تأليف المسلسل سوى الموسم الأول، مما يعني أنه كان عليه أن يفكر كثيراً في كل خطوة ليتمكن من الحفاظ على نجاح المواسم التالية. ويمكن القول إنه نجح في تحقيق ذلك في الموسم الثاني، الذي حافظ على توتره وتشويقه حتى اللحظة الأخيرة، مختتماً إياه بلحظة حاسمة جعلتنا نترقب بفارغ الصبر ما سيأتي في الموسم الثالث والأخير. والآن بعد مشاهدتي لكامل حلقات الموسم الثالث والأخير، والذي جاء بست حلقات فقط مقارنةً بالمواسم السابقة، يمكنني القول إن المخرج نجح إلى حد كبير في الحفاظ على نفس المستوى من الإثارة والتماسك حتى اللحظات الأخيرة. ومع ذلك، لم يخلُ الموسم من بعض اللحظات التي شعرت فيها بشيء من الإحباط أو توقعت مجريات الأحداث قبل وقوعها. لكن عند النظر إلى المسلسل ككل، من بدايته وحتى نهايته، يمكنني القول إنه قدم خاتمة مناسبة لكل شخصية، سواء من الشخصيات الرئيسية أو حتى الجانبية التي تعود إلى الموسم الأول. نعم، نجح Squid Game في منح نهاية مرضية لكل شخصية تابعناها، بدءاً من البطل "غي هون سيونغ" (لي جانغ جاي)، مروراً بابنته، وصولاً إلى شقيق "كانغ ساي بيوك" ووالدة "تشو سانغ وو" من الموسم الأول. تبدأ الحلقة الأولى تماماً من حيث انتهى الموسم السابق، مع فشل الثورة التي قادها "غي هون" ومصرع معظم المشاركين فيها باستثنائه. هذا الحدث شكّل نقطة تحوّل حادة في شخصيته، إذ بدأ يغرق في شعور عميق بالذنب بعدما تسبب من وجهة نظره بموت عددٍ أكبر من أصدقائه أثناء محاولته إنقاذهم. لكن هذا الشعور لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما تحوّل اللوم الذي يحمله لنفسه إلى غضب موجه نحو "داي هو" (كانغ ها نيول) بعد أن اكتشف أنه كان السبب في عدم وصول الذخيرة إليهم، وبالتالي خسارتهم للمواجهة. في تلك اللحظة تحديداً، شعرت أن هذا التحوّل لا ينسجم مع المسار الطبيعي لتطور شخصية "غي هون"، الذي كان دافعه الأساسي دائماً إنقاذ من حوله. بدلاً من أن يواجه تبعات قراراته، رأيناه يصبّ تركيزه بالكامل على الانتقام من "داي هو". ربما لا أملك خلفية في علم النفس لأحكم بدقة على منطقية هذا التغير، لكن كمشاهِدة عادية، بدا لي الأمر وكأنني أتابع شخصية مختلفة تماماً عما اعتدته، وهو ما ولّد لدي شعوراً بخيبة أمل جزئية. ومع ذلك، وللإنصاف، لم يكن هذا كافياً ليُفقدني حماسي لمتابعة الأحداث المشوّقة والمتوترة التي استمرت في التصاعد على الشاشة. يمكن القول إن الموسم الثالث يمنحنا الإحساس نفسه الذي نشعر به عندما تصدر نتفليكس موسماً واحداً على جزئين، إذ يكمل القصة بسلاسة وبنفس صيغة الموسم الثاني. تُروى الأحداث مجدداً على مسارين متوازيين: الأول على الجزيرة حيث تجري الألعاب، والثاني في العالم الخارجي، حيث يواصل "هوانغ جون هو" (وي ها جون) بحثه المحموم عن الجزيرة وشقيقه "إين هو" (لي بيونغ هون)، المعروف أيضاً بـ"القائد". ويحافظ الموسم على وتيرته المشوّقة، حيث لا تقل أحداث العالم الخارجي إثارة وتوتراً عن تلك التي نشهدها داخل الألعاب، مما يُبقي المشاهد في حالة ترقّب مستمرة على كلا الجانبين. وهذا الامتداد في السرد يلعب دوراً مهماً في تعميق ارتباطنا بشخصيات المسلسل أكثر من الموسم الأول، وذلك لأننا قضينا معها وقتاً أطول على مدار موسمين. وبالإضافة إلى الشخصيات الرئيسية التي أحببناها وتابعنا تطورها، يبرز هذا الموسم عدد من الشخصيات الجديدة التي تركت أثراً واضحاً، من بينها "كانغ أي سيم" في دور الأم "جانغ جيوم جا"، و"بارك سانغ هون" في دور "تشو هيون جو"، وهما من الشخصيات الإيجابية التي تضيف توازناً إنسانياً وسط كل هذا الشر المحيط بالألعاب. وجودهما يذكّرنا دائماً بأنه، رغم قسوة الظروف وشدة الألم، يمكن للإنسان أن يختار الخير، حتى عندما يكون القرار صعباً ومكلفاً. وهذا ينطبق أيضاً على شخصية القناصة في الألعاب "كانغ نو يول" (للممثلة "بارك غيو يونغ") التي من دون أن أحرق عليكم شيئاً، إلا أنها تفاجئنا هذا الموسم بالتصرف عكس التوقعات. لكن في المقابل، لم تخلُ التجربة من بعض الشخصيات المزعجة، مثل "ثانوس" (يؤدي دوره "تشوي سو بونغ") و"سيون نيو"، التي تطلق على نفسها لقب "الشامان" (تؤديها "غوك هي تشاي"). إذ يشعر المشاهد أن الهدف من وجودهما هو مجرد لعب دور تهريجي للتخفيف من حدة التوتر والضغط في الأحداث، لكن هذا الجانب لم يُنفّذ كما ينبغي، وغالباً ما شعرت بالانزعاج كلما ظهرت إحدى هاتين الشخصيتين على الشاشة. أما على صعيد الأحداث التي تجري في العالم الحقيقي، فالفريق هذه المرة أكبر حجماً، والمخاطر أعلى بكثير، خصوصاً مع استمرار وجود خائن في صفوفهم كما كُشف في الموسم السابق. ومن بين الشخصيات التي تتألق في هذا الموسم حقاً "جيون سيوك هو" في دور "تشوي وو سيوك"، رجل العصابات الذي يقدّم الدعم لـ"هوانغ جون هو" و"غي هون" في محاولتهما العثور على موقع الجزيرة. يحصل "وو سيوك" على مساحة أكبر للظهور هذا الموسم، ويلعب دوراً محورياً في دفع الأحداث إلى الأمام، ويقدّم من خلاله الممثل أداءً لافتاً جعل شخصيته واحدة من الشخصيات التي لا تنتسى في المسلسل. بالطبع، لا يمكننا الحديث عن مسلسل "لعبة الحبار" دون التطرّق إلى الألعاب نفسها. يقدم هذا الموسم الثالث ثلاث ألعاب جديدة كلياً، جميعها كانت مليئة بالإثارة والتشويق. (إذا كنت تفضل تجنّب الحرق حول الألعاب، يمكنك التوقف هنا والانتقال إلى المقطع التالي، لكن لا يوجد حرق للأحداث بحد ذاتها، لذا يمكنك متابعة القراءة لمعرفة تفاصيل الألعاب!). اللعبة الأولى كانت الغميضة، لكنها جاءت مع لمسة جديدة ترفع من مستوى الوحشية. ففي هذه اللعبة ينقسم الفريق إلى قسمين: فريق يجب عليه الاختباء، وآخر مكلف بالعثور عليهم. والفرق هذه المرة أنه يجب على اللاعبين المهاجمين نفسهم قتل شخص واحد على الأقل ممن يعثرون عليهم، في حين يمكن لفريق المدافعين الاستمرار بالبحث بين الأبواب الكثيرة في المتاهات متعددة الطوابق بحثاً عن أحد المخارج للفوز. هذا التغيير يفتح المجال لكثير من الأحداث المثيرة التي تجعلنا في حالة ترقب وتوتر على مصير شخصياتنا المفضلة. أما اللعبة الثانية فكانت القفز على الحبل، لكن هذه المرة بمقاس لعبة "ضوء أحمر، ضوء أخضر" العملاق. حيث يجب على اللاعبين عبور مسار ضيق جداً مع الحفاظ على توازنهم أثناء القفز على الحبل، وكانت الحلقة المخصصة لهذه اللعبة مليئة بالتوتر والإثارة، حيث استمرت الشخصيات في مفاجأتنا بقرارات غير المتوقعة. أما اللعبة الثالثة والأخيرة، فكانت لعبة الحبار نفسها لكن بشكل جديد، حيث ترتفع ثلاثة أعمدة شاهقة تحمل رموز اللعبة، ويجب على اللاعبين التنقل بينها، مع ضرورة قتل شخص واحد على الأقل من بينهم قبل الوصول إلى خط النهاية. لطالما كان مسلسل "لعبة الحبار" يهدف لتقديم صورة مجازية للرأسمالية وتأثيرها العميق على الشعوب بطريقته الخاصة، وهذا التغيير الجذري بالألعاب يجسد لنا تماماً كيف أن الطمع البشري يمكن أن يدفع شخصاً عادياً للقتل بمتعة فقط لأنه سيحصل على المزيد من المال من دون أي محاسبة، وبالمقابل لا يزال هناك أشخاص يرفضون ويقاومون هذا ويحاولون مساعدة الآخرين بتصرفات تخلو من أية أنانية. وذلك في وقت تعود الشخصيات الكبرى أو الـ "VIPs" إلى المشهد في الحلقات الأخيرة بعد غيابهم في الموسم الثاني لتجسيد وجه الرأسمالية، من خلال الأثرياء ذوي الميول القاتلة، وأؤكد لكم أنهم لا زالوا مزعجين ومثيرين للتوتر والاشمئزاز كما كانوا بالموسم الأول خاصة مع تلك الأقنعة. ورغم ظهورهم هذه المرة بمشهد مليء بالأكشن يضيف بعداً جديداً لهم، إلا أن الأداء التمثيلي لهؤلاء الممثلين كان مصطنعاً إلى حد كبير، مما جعلهم يبدون غير واقعيين ومنفصلين عن بقية الأحداث داخل المسلسل مما يخفف من تأثير رسالتهم النقدية ويجعل حضورهم يبدو أحياناً كعناصر خارجية لا تنتمي إلى الجو العام للعمل، بل وكأنهم أقرب إلى كاريكاتيرٍ مبالغ فيه بدلاً من أن يعكسوا عمق الفساد والشر الذي يُفترض أن يمثلوه. صحيح أنني تناولت العديد من النقاط السلبية في هذا الموسم، إلا أنني لا بد أن أعترف بأن ذلك لم يقلل من متعتي أثناء المشاهدة، ولا من تأثري ببعض اللحظات الصادمة، أو من ترقبي لمعرفة كيف ستتطور الأحداث وتنتهي. ترافقنا الموسيقى التصويرية الحماسية في كل اللحظات المثيرة، مما يزيد من توتر المشاهد ويعمّق إحساسنا بالتشويق. كما أن الإخراج لا يتوانى في إيصال المشاعر التي تختلج في نفوس الشخصيات، حتى من دون الحاجة إلى كلمة واحدة. هناك مشهد بعينه كنت أنتظره منذ الموسم الثاني، وقد تم تنفيذه بطريقة رائعة، حيث استطاع أن يعبر عن عمق ما يدور في قلب شخصيتين محددتين، ولن أذكر هويتهما تفادياً لأي حرق، لكن كل من تابع المسلسل سيعرف تماماً المشهد الذي أعنيه. أما من حيث ختام القصة للشخصيتين الرئيسيتين، فيمكنني القول إن "غي هون" يحصل على النهاية التي تليق بمسار شخصيته الممتد عبر المواسم الثلاثة، رغم أن بعض لحظاتها كانت متوقعة في النهاية. هذه الخاتمة تجعل من "غي هون" شخصية أيقونية تستحق مكانتها في تاريخ التلفاز. والأهم من ذلك شخصية "القائد" التي نحصل على فرصة لمعرفة المزيد حوله من خلال لقطات فلاشباك تعيدنا إلى ماضيه وكيفية انضمامه إلى هذه المنظمة وبعض الخيارات التي اتخذها في الماضي. يضفي ذلك عمقاً أكبر على شخصيته المعقدة التي تفاجئنا في بعض اللحظات من خلال تصرفات غير متوقعة في نهاية المطاف. تقدم الحلقة الأخيرة خاتمة مرضية تتركنا نشعر بأننا حصلنا على نهاية متكاملة لهذه القصة، لكنها في الوقت ذاته تثير لدينا رغبة قوية في المزيد من هذا العالم الغني. لحسن الحظ، تترك النهاية الباب مفتوحاً أمام استكشافات مستقبلية، ربما عبر مسلسلات فرعية مشتقة من العمل الأصلي. وبصراحة، أشعر بحماس كبير لمعرفة إلى أي دول جديدة قد يأخذنا المسلسل تالياً، وما هي الألعاب التي سنتعرف عليها في المستقبل.يقدم الموسم الثالث من Squid Game خاتمة متكاملة لقصة المسلسل، حيث تنال الشخصيات الرئيسية والثانوية الخاتمة التي تستحقها، مصحوبة بأداء تمثيلي متميز يعزز عمق المشاعر والأحداث. يظهر الموسم مجموعة من الشخصيات الجديدة التي تضيف أبعاداً مثيرة للعمل، مما يثري التجربة الدرامية. رغم وجود بعض العيوب الطفيفة، إلا أنها لا تؤثر بشكل كبير على متعة المشاهدة، بل على العكس، تبقى الحماسة والترقب قائمين، ويتركنا المسلسل بشغف لاستكشاف المزيد من هذا العالم الغني والغامض.