بعد النجاح الكبير الذي حققه الموسم الأول من Peacemaker على مستوى الكوميديا السوداء، الشخصيات الفريدة، والمشاهد المليئة بالطاقة، يأتي الموسم الثاني بخطوات أكثر جدية وأعمق في الجانب الدرامي، لكنه في المقابل يخسر بعضًا من تلك الروح الجريئة التي صنعت سحره الأول. العمل يعود إلينا عبر خمس حلقات أولى تمهيدية نسبيًا، تمزج بين الإثارة، الأكوان الموازية، والتطور الشخصي لشخصياته، لكنها لا تحمل دومًا نفس الزخم الذي جعل الموسم الأول أحد أبرز إنتاجات عالم دي سي على الشاشة الصغيرة.
أحداث الموسم الثاني تستكمل قصة كريستفور سميث، أو بيسميكر، بعد الأحداث العنيفة والفوضوية التي أنهت الموسم الأول. هذه المرة، يدخل العمل في مسار أكثر جدية، حيث يجد البطل نفسه في مواجهة صراع داخلي حقيقي حول هويته، قراراته، وإمكانية التغيير. عبر الأكوان الموازية وما تحمله من احتمالات بديلة، يضع العمل شخصياته في مواقف تتطلب التفكير والتأمل، بدلًا من الاكتفاء بالنكات والجنون المعتاد. الافتتاحية كانت واحدة من أقوى حلقات الموسم حتى الآن، مقدمة تفسيرًا منطقيًا لربط أحداث الموسم الأول بالموسم الجديد، مع شرح واضح لمصير العالم السابق. كان هذا الربط خطوة موفقة، خصوصًا لعشاق التفاصيل الذين يهتمون بتماسك السرد بين المواسم.
كما هو متوقع من أعمال جيمس قن، الجانب الموسيقي يظل من أبرز نقاط القوة. الموسيقى التصويرية هنا ليست مجرد خلفية، بل أداة فعالة في بناء الأجواء وإضفاء هوية مميزة للمشاهد. الإخراج البصري كذلك يقدم لحظات بصرية ممتعة، سواء في تصميم المعارك أو التفاصيل الصغيرة التي تُثري المشهد. القتالات، وهي عنصر محوري في العمل، جاءت مكثفة ومليئة بالإثارة، مقدمة لحظات حركة عالية الجودة لا تقل في مستواها عن الموسم الأول، بل تتفوق عليه أحيانًا في التنسيق والحركة.
إيميليا هاركورت وأدابايو تحصلان على مساحة أكبر للتطور، خصوصًا شخصية هاركورت التي تقدم أداءً لافتًا، يعكس طبقات أعمق من شخصيتها مقارنة بالموسم الأول. هاركورت لا تظهر هنا فقط كعنصر دعم أو شخصية مساندة للأحداث، بل يتم تقديمها كركيزة أساسية في الديناميكية الدرامية للموسم، حيث يتجلى تطورها من مجرد عضوة في الفريق إلى شخصية تحمل عبئًا عاطفيًا ونفسيًا متكاملًا، ينعكس على طريقة تعاملها مع المواقف المحورية. أداء جينيفر هولاند في تجسيد هاركورت جاء ناضجًا ومتوازنًا، حيث تمكّنت من المزج بين الصلابة التي عرفناها في الموسم الأول وبين لحظات إنسانية أكثر عمقًا تكشف هشاشتها الداخلية. هذه القدرة على نقل المشاهد من مشاعر القوة والثقة إلى لحظات التردد والانكسار جعلت الشخصية أكثر قربًا من الجمهور، وأكثر تأثيرًا في مسار القصة.
كما أن حضور هاركورت في مشاهد الحركة كان قويًا ومتقنًا، مع تناغم ممتاز بين الأداء الجسدي والتعبيرات الوجهية التي تعكس فهمها العميق لرهانات المواقف التي تمر بها. حتى في اللحظات الصامتة، تنجح في إيصال الكثير من خلال لغة الجسد ونظراتها، وهو ما يضيف طبقة إضافية من الواقعية للعمل. هذا الأداء المتمكن يجعل شخصية هاركورت واحدة من أكثر الشخصيات ثباتًا وإقناعًا في الموسم، كما أن تطورها يعكس رؤية واعية لكيفية بناء شخصية تتطور بشكل طبيعي دون أن تفقد هويتها الأصلية.
هذا الاهتمام بالشخصيات الثانوية يضيف تنوعًا ويكسر حدة التركيز المستمر على بيسميكر، لكنه في المقابل يجعل بعض التغييرات في الشخصيات تبدو متسرعة. أكبر ملاحظة سلبية في الحلقات الخمس الأولى هي التحول الجذري والسريع في طباع الشخصيات، وعلى رأسها بيسميكر، فالشخصية التي عُرفت في الموسم الأول بمزيج فريد من الكوميديا، العفوية، والغرابة، أصبحت فجأة أكثر جدية ورصانة، مما أفقدها جزءًا من هويتها الفريدة.
إضافة إلى ذلك، أداء الممثلة التي تجسد شخصية ساشا بوردو جاء متواضعًا بشكل ملحوظ، خاصة في المشاهد التي تتطلب حضورًا قويًا أو كاريزما واضحة. هذا الضعف في التمثيل قد يشتت المشاهد في لحظات مفصلية. القصة كذلك تعاني من مشكلة التمديد المبالغ فيه لحدث محوري، كان بالإمكان تقديمه في وقت أقل. رغم أهمية الحدث، إلا أن المبالغة في التخطيط له على مدار عدة حلقات أفقدت الأحداث جزءًا من شدتها وأبقت المشاهد في حالة انتظار أكثر من اللازم. كما أن محاولة إدخال مستوى جدي أعمق في القصة جعلها في بعض اللحظات تحمل ما لا تستطيع احتماله، خاصة مع الإرباك المتعمد في مشاهد الأكوان الموازية، والذي يبقى حتى الآن دون تفسير واضح — على أمل أن تتم معالجته أو تبريره في الحلقات الثلاث القادمة.
الموسم الأول من Peacemaker كان يتميز بقدرة مذهلة على المزج بين العنف المبالغ فيه، الكوميديا اللاذعة، واللحظات العاطفية الصادقة. لكن الموسم الثاني، رغم تميزه في بعض الجوانب الدرامية، يفقد هذا التوازن. الكوميديا هنا أقل بكثير، وأحيانًا غائبة تمامًا، مما يجعل العمل يبدو وكأنه يحاول أن يكون شيئًا آخر غير ما أحبّه الجمهور في المقام الأول. خمس حلقات أولى تمهيدية تضع الأساس لأحداث أكبر، لكن مع بعض البطء في الإيقاع وتحولات مفاجئة في الشخصيات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستستعيد الحلقات القادمة التوازن المفقود؟
تقدم الحلقات 1-5 من الموسم الثاني من Peacemaker جرعة مختلفة عن موسمه الأول — أعمق في الدراما، أغنى بصريًا، ومليء بالقتالات المثيرة، لكنه في المقابل يخسر بعضًا من روحه الكوميدية التي جعلته مميزًا. موسم جيد يحمل الكثير من الإمكانات، لكنه حتى الآن لم يرقَ إلى مستوى التوقعات التي بناها الموسم الأول.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.