تدخل Silent Hill حقبة جديدة مع اقتراب صدور ثاني أكثر مشروعاتها طموحًا – Silent Hill f – في الخامس والعشرين من سبتمبر. بعد صدور Silent Hill 2 Remake العام الماضي، يشترك العنوانان في رعب السلسلة النفسي المميز، لكنهما يتناولانه من زوايا مختلفة.

يعد الريميك إعادة تخيل وفية، بينما f تجربة جريئة لإعادة ابتكار ثقافي. تسلط هذه المقالة الضوء على أبرز الفروقات بين العملين، مستعرضةً كيف يحافظ كل منهما على إرث Silent Hill العريق ويعيد تعريفه.

المكان

للمرة الأولى في تاريخ السلسلة، ستجري أحداث Silent Hill f في اليابان، وتحديدًا في بلدة ريفية خيالية تُسمّى إيبيسوغاوكا. تدور القصة في ستينيات القرن الماضي، حيث تعاني إيبيسوغاوكا من تدهور اقتصادي واضح يترك أثره على سكانها وحياتهم اليومية.

هذا الوضع يعكس إلى حد بعيد أجواء مدينة Maine الغامضة المغلّفة بالضباب، وهي المدينة التي شكّلت الإعداد الأساسي لمعظم أجزاء Silent Hill الرئيسية، بما في ذلك Silent Hill 2 Remake الصادر عام 2024. من خلال هذا الانتقال الجغرافي والثقافي إلى اليابان، تسعى اللعبة إلى إعادة ابتكار هوية السلسلة، مع الحفاظ على صميم الرعب النفسي الذي لطالما ارتبط بعالم Silent Hill المظلم والمشوّش.

تصميم العالم

استُلهمت بلدة إيبيسوغاوكا من كاناياما غيرو الواقعية، وهي منطقة اختارها كاتب سيناريو Silent Hill f ريوكيشي07 نظرًا لبنيتها المعمارية المتلاصقة وأزقتها التي تشبه المتاهة. يمنح هذا الطابع العمراني المتشابك للبلدة شعورًا بالعزلة، ما يضفي على الأجواء توترًا خانقًا يشبه إلى حد كبير ما نلمسه في Silent Hill 2 Remake.

رغم ذلك، فإن تصميم عالم Silent Hill 2 يستند إلى مصادر إلهام أوسع من الإعلام الغربي، حيث يستلهم من السينما السريالية، وتقاليد رعب الأجساد، إضافة إلى الفنون التشكيلية المقلقة. يركز هذا الأسلوب تحديدًا على استحضار صور لأشكال بشرية مشوهة ومناظر طبيعية مقفرة، تعكس فكرة الصمود والهشاشة في مواجهة صراعات ساحقة، مما يجعل التجربة أكثر قسوة ورمزية.

مكان كل جزء في السلسلة

يُعتبر Silent Hill 2 بلا شك جزءًا تكميليًا، حيث يعود جيمس سندرلاند إلى البلدة الغامضة التي سبق أن جابها هاري ماسون في الإصدار الأصلي لعام 1999. ورغم أن كلًا من الجزأين يُقدَّمان كتجارب مستقلة من الناحية التقنية، فإن Silent Hill 1 وSilent Hill 2 يشتركان في بعض التقاطعات السردية، حيث يتعمق الجزء الثاني بشكل أكبر في رعب السلسلة النفسي المميز.

على الجانب الآخر، يقدم Silent Hill f موقعًا فريدًا وقصة مستقلة تمامًا، مما يجعله عملًا منفصلًا بوضوح، حيث لا يحتاج اللاعب إلى معرفة الخلفية السردية للأجزاء السابقة للاستمتاع بتجربته. رغم ذلك، من المهم الإشارة إلى أن Silent Hill f يوجد في عالم تالٍ لأحداث Silent Hill 2؛ فالجزء الصادر عام 2001 والذي أحدث ثورة في السلسلة، إلى جانب نسخة الـ Remake التي صدرت عام 2024 وحظيت بضجة إعلامية كبيرة، من المرجح أن يتركا أثرًا على تصورات كل لاعب يدخل عالم Silent Hill f المشبع بالرهبة والتوجس.

الأسلوب الفني

ما يميز هوية Silent Hill f بشكل جوهري هو تركيزها على مفهوم “العثور على الجمال داخل الرعب”، وهو تصور متجذر في صميم تقاليد الرعب الياباني الكلاسيكي. ابتكر هذا المفهوم كاتب Silent Hill f، الروائي البصري الشهير ريوكيشي07، ليعبر عن الفكرة المقلقة التي ترى أن الجمال الجذاب يمكن أن يتعايش مع القبح المريع في آن واحد.

بينما اعتمدت الأجزاء السابقة من Silent Hill — بما في ذلك Silent Hill 2 Remake الصادر العام الماضي — على مرشحات بصرية وسردية ذات طابع غربي لفهم وتقديم الرعب، فإن Silent Hill f يضع هذا الطابع الجمالي في صميم هويته، محتضنًا صورًا مخيفة تعكس التحلل والتجدد معًا. النتيجة النهائية تمثل عودة إلى جذور السلسلة الأولى من جهة، وإعادة ابتكار لهويتها من جهة أخرى، مما يفتح أمام اللاعبين تجربة جديدة تجمع بين الأصالة والابتكار.

البطلة

يقدم Silent Hill f شخصية جديدة كليًا كسردٍ رئيسي للسلسلة، وهي الطالبة الثانوية هيناكو شيميزو. كانت هيناكو في طفولتها فتاة مرحة ونشيطة، لكن مع دخولها مرحلة المراهقة أصبحت أكثر تحفظًا وانطواءً. اختار الكاتب ريوكيشي07 هيناكو لتكون بطلة Silent Hill f بسبب عمرها الصغير، إذ يرى أن اليافعين غالبًا ما يميلون إلى التساؤل والخوف من واقعهم بدلًا من الانسياق السلبي وراء الظروف المحيطة بهم. هذا البُعد يفتح المجال لتجربة نفسية أعمق تتعلق بالهوية والوعي.

علاوة على ذلك، هناك احتمال أن تتمتع هيناكو بنقاء أخلاقي داخلي يميزها عن جيمس سندرلاند، بطل Silent Hill 2 Remake، الذي تكشف رحلته في البلدة عن شخصية معذبة تعيش على وقع الذنب والعار والغضب. بهذا، تتيح شخصية هيناكو للسلسلة فرصة لطرح أبعاد جديدة للرعب النفسي، قائمة على البراءة المهددة بدلًا من الخطايا الماضية.