يمكن قراءة الجزء الثاني من المقال هنا Hollow Knight: خريطة أكثر إحكامًا وتنظيمًا تصميم مترابط ودقيق رغم أن Hollow Knight كانت لعبة ضخمة منذ بدايتها، ومع كل الترقيات والممرات السرية التي يمكن اكتشافها، إلا أن عالمها كان يتميز بتصميم ذكي ومترابط يجعل التنقل فيه تجربة ممتعة ومنظمة في الوقت نفسه. فحتى عندما كانت الرحلة طويلة أو مليئة بالتحديات، كان هناك دائمًا إحساس بالاتجاه والتوازن تعرف دائمًا تقريبًا إلى أين أنت ذاهب، وما الذي ينتظرك لاحقًا. الخريطة في Hollow Knight كانت نموذجًا لما يُعرف بالتصميم المتقاطع في ألعاب Metroidvania: كل منطقة ترتبط بالأخرى بطريقة منطقية، وكل اختصار أو ممر سري تفتحه يُكافئك بتقليل الوقت والجهد مستقبلاً. لم يكن العالم ضخمًا بلا داعٍ، بل كان مضغوطًا ومصممًا بعناية بحيث يُشجع على الاستكشاف دون أن يُربك اللاعب أو يُثقل عليه. أما في Hollow Knight: Silksong، فقد اختار المطورون الاتجاه المعاكس تمامًا عالم أوسع بكثير وأكثر تنوعًا من حيث البيئات (Biomes) والمناطق القابلة للاستكشاف. هناك جبال شاهقة، ومدن متلألئة، وغابات كثيفة، وكهوف ملونة، وكل منها يمتلك طابعًا فنيًا مميزًا. هذا التنوع منح اللعبة مقياسًا بصريًا ضخمًا وجعلها تبدو أكثر ثراءً من أي وقت مضى. لكن في المقابل، هذا الاتساع الكبير جاء بسعرٍ ملحوظ. فمع توسع الخريطة وتشعب مساراتها، أصبح من السهل جدًا أن يضيع اللاعب، خصوصًا بعد الوصول إلى الجزء الثاني من القصة (Act 2). فالكثير من المناطق تبدأ بالتداخل، والممرات تتشابه، والمهام تتوزع على نطاقات بعيدة، مما يجعل إحساس التوجيه والاتجاه أقل وضوحًا مما كان عليه في اللعبة الأولى. نتيجة لذلك، يجد بعض اللاعبين أنفسهم يتنقلون عشوائيًا لفترات طويلة دون تقدم واضح، وهو ما قد يُسبب شعورًا بالإرهاق أو الملل بعد فترة. فبينما كانت Hollow Knight تقدم تجربة منظمة بإحكام تُشجع على الاستكشاف التدريجي، فإن Silksong تميل إلى الضياع والتشتت مع كثرة التفاصيل والمسارات، خصوصًا لمن لا يعتمد على الخريطة باستمرار. يمكن القول إن Hollow Knight الأصلية كانت مثالًا على التصميم المتوازن والمركز، حيث كل منطقة تؤدي إلى أخرى بطريقة ذكية ومدروسة، بينما جاءت Silksong لتقدم عالمًا ضخمًا ومثيرًا للإعجاب، لكنه في بعض الأحيان يتجاوز حد التنظيم ويغدو معقدًا أكثر مما ينبغي.ومع أن هذا الاتساع يخدم عشاق الاستكشاف العميق، إلا أن محبي التجارب المتماسكة والمركزة سيجدون أن الخريطة في Hollow Knight الأولى كانت ببساطة أكثر إحكامًا، وانسيابية، ومتعة في الاكتشاف. Silksong: الرسومات والتطور البصري العامل الزمني أحدث الفارق من النظرة الأولى سواء عبر المقاطع الدعائية أو لقطات اللعب قد يبدو أن Hollow Knight وHollow Knight: Silksong تتشاركان نفس الأسلوب الفني المرسوم يدويًا الذي ميز السلسلة منذ بدايتها. فكلاهما يحتفظان بذلك الطابع الجميل الممزوج بين البساطة والغموض، وبين الأناقة والقتامة.لكن ما إن يبدأ اللاعب بتجربة اللعبتين واحدة تلو الأخرى، حتى يُدرك مدى التطور البصري الهائل الذي وصلت إليه Silksong مقارنة بالجزء الأول. فمن أول لحظة داخل اللعبة، يظهر الفرق جليًا في الألوان والإضاءة والتفاصيل الدقيقة. لوحة الألوان في Silksong أكثر إشراقًا ودفئًا، وتنبض بالحياة في كل زاوية من عالمها. في حين أن Hollow Knight الأصلية اعتمدت على درجات الأسود والرمادي والأزرق الداكن لخلق أجواء كئيبة ومظلمة تناسب طابعها الحزين، تأتي Silksong لتُقدم النقيض الفني عالم مفعم بالألوان المشرقة والذهبية والخضراء والقرمزية التي تُعطي لكل منطقة شخصية فريدة وساحرة. الاهتمام بالتفاصيل في تصميم الشخصيات أيضًا بلغ مستوى مذهل. فشخصية Hornet نفسها مثال واضح على ذلك عباءتها الحمراء تتحرك بانسيابية مذهلة، وتبدو نابضة بالحياة في كل حركة، سواء أثناء القتال أو القفز أو الاندفاع. حتى الخيوط الرفيعة التي تستخدمها أثناء التنقل رُسمت بدقة فائقة، مما يجعل المشهد يبدو وكأنه لوحة فنية متحركة. أما البيئات، فقد أصبحت أكثر تنوعًا وثراءً من أي وقت مضى. من غابات Greymoor الغامضة إلى المرتفعات المضيئة والقرى الطافية في السماء، كل موقع في اللعبة يتميز بهوية بصرية مستقلة، مليئة بالألوان النابضة والتباينات الحادة والظلال المتقنة.وحتى الإضاءة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز هذا الانطباع فبدل الأجواء القاتمة الخانقة في Hallownest، تمنح Silksong إحساسًا بالمغامرة والانطلاق نحو الضوء، وكأن اللعبة نفسها تحتفل بالحياة بعد الحزن الذي طغى على الجزء الأول. العامل الزمني هنا لعب دوره الكبير فخلال السنوات الطويلة بين صدور اللعبتين، تمكن فريق Team Cherry من صقل أدواته وتحسين أسلوبه الفني إلى درجة مذهلة. لقد حافظوا على الهوية الأصلية التي أحبها الجمهور، لكنهم في الوقت نفسه طوروها إلى مستوى أكثر إشراقًا وتفصيلًا وإتقانًا. يمكن القول إن Hollow Knight كانت لوحة فنية قاتمة مليئة بالرموز والظلال، أما Silksong فهي النسخة المنيرة منها أكثر حياة، أكثر دقة، وأكثر جمالًا في كل حركة وكل لون. إنها برهان على أن مرور الوقت لا يُبهت الفن الجميل، بل يجعله أكثر نضجًا وتألقًا. الحكم النهائي Hollow Knight: Silksong تتفوق بجدارة يمكن القول إن Hollow Knight كانت بمثابة العجلة التدريبية التي مهدت الطريق لـ Silksong. فاللعبة الأصلية قدّمت الأساس المتين الذي بُنيت عليه التكملة، ومن دون تجربتها، لن يتمكن اللاعب من تقدير عمق وتطور Silksong بالكامل. إن فهم القصة والعالم والمفاهيم التي طوّرتها Team Cherry لا يكتمل إلا عندما ترى كيف بدأت الرحلة أولًا، ثم كيف وصلت إلى شكلها الناضج في الجزء الثاني. من الناحية التقنية والفنية، Silksong تتفوق على جميع المستويات تقريبًا. فهي أجمل في الرسومات وأكثر إشراقًا في الألوان، وتتحرك بسلاسة مذهلة تجعل كل قتال وكل حركة متعة بصرية بحد ذاتها. نظام التحكم أصبح أكثر مرونة وانسيابية، حيث تمنحك Hornet شعورًا بالقوة والسرعة في آنٍ واحد، كما أن تنوع أدواتها وقدراتها يفتح المجال أمام طرق متعددة للعب. على الجانب السردي، شخصية Hornet أيضًا أحدثت فرقًا واضحًا. فهي ليست مجرد بطلة تتحرك بصمت كما كان الحال مع The Knight، بل شخصية تتحدث وتفكر وتؤثر في مجريات القصة. حضورها القوي وكاريزمتها جعلتاها من أكثر الشخصيات النسائية تأثيرًا في الألعاب المستقلة خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن Hollow Knight لا تزال تمتلك توازنًا أفضل في الصعوبة، ونظام مهارات أكثر وضوحًا في بدايته. اللعبة الأولى كانت أكثر انضباطًا وتنظيمًا، مما جعلها تجربة يسهل الدخول إليها تدريجيًا. أما Silksong، فعلى الرغم من كونها أكثر صعوبة وأشد قسوة، فإنها تُكافئ اللاعبين الذين يصرّون على تجاوز تحدياتها، وتمنحهم إحساسًا عميقًا بالإنجاز لا ينسى. في النهاية، يمكن القول إن Hollow Knight: Silksong هي التطور الطبيعي والمستحق لإرث اللعبة الأولى. فهي أجمل، وأعمق، وأكثر اكتمالًا، وتجمع بين الطموح الفني والإتقان في التصميم بشكل يجعلها تقف كواحدة من أفضل ألعاب عام 2025 بلا منازع.إنها ليست مجرد تكملة بل ترقية فنية وروحية لتجربة جعلت من عالم Hollow Knight أسطورة خالدة في عالم الألعاب المستقلة. لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.