يتناول عمر رشفة من كوب قهوته الساخنة وعيناه تتابعان شاشة الرادار المزدحمة بالطائرات، لم يكن وحده، فإلى جواره 13 زميلاً يلبسون الـ Headsets ويجلسون بتيـقّـظ أمام الشاشات التي يغلب عليها الرمادي والأخضر مع بعض الخطوط والرموز البيضاء، كلّ شخص منهم مسؤول عن رقعة من سماء الوطن التي تزدحم بالسحب والطائرات.
أصوات الطيارين المتدفقة عبر موجات الراديو لها نغم خاص، فيما تعليمات المراقبين تملأ المكان بالحيوية، وهي حيوية لا تعترف باختلاف الأوقات.. صبحها كعشيتها وليلها كنهارها.
ليس هناك ما هو خارج المألوف، فقد تدرب الجميع على إدارة الحركة الجوية مهما بلغت كثافتها، كما تدربوا جيداً على التعامل مع أي طارئ وفق أدق المعايير والإجراءات.
في هذه الأثناء عدّل عمر جلسته وأصبح ظهره أكثر استقامة ووجهه أقرب للشّاشة ويداه مشدودتان على زرّ (الماوس) وbutton المايك، فقد طلب قبطان إحدى الطائرات المغادرة إلى شرق آسيا العودة للمطار بسبب خلل تقني، ولأن الطائرة على بُعد 80 ميلاً كان لا بد من عمل
fuel dump أي تفريغ الوقود حتى الوصول لوزن يسمح بالهبوط.
وجّه المراقب الجوّي عمر الطائرة نحو المنطقة المخصصة لهذا الإجراء (حيث تدور الطائرة هناك وتكون بعيدة عن العمران وعلى ارتفاع معيّن ولا تمر فوقها طائرات بأقل من ألفي قدم ولا تحتها بأقل من ثلاثة آلاف قدم)، ثم طلب من الكابتن المعلومات المعتادة: عدد الركاب والطاقم وكمّية الوقود والوقت المتوقع للهبوط وطبيعة المشكلة بالتحديد، ليعلن حالة الطوارئ من الدرجة الثانية Alert 2، ويقوم بإبلاغ برج المراقبة الجويّة الذي بدوره يمرر المعلومات للإطفاء ولعمليات المطار، للاستعداد وترتيب موقف الطائرة وسيناريو التعامل مع الركاب.
كل هذا تم بهدوء وتنسيق مع الاستمرار في إدارة الحركة الجويّة بسلاسة وأمان.
داخل الطائرة كان الكابتن يدير المشكلة بثقة وفق إجراءات تدرّب عليها كثيراً، ثم مرر للمسافرين بأسلوب مطمئن اضطرارهم للعودة معتذراً عن تأخر رحلتهم عدة ساعات.
تعود الطائرة وتهبط بسلام، ويتعامل الركاب مع عدد كبير من الموظفين دون أن يخطر في بال أحدهم أن هناك وراء الشاشات رجال يسهرون ليساهموا في تحقيق سلامة الآلاف كل لحظة، وسط وميض الشاشات ووشوشة الموجات المتدفقة بطلبات الطيارين وتحاياهم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.