رغم كل استطلاعات الرأي والاستبيانات والآراء التي ظهرت قبيل انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تنطلق يوم الثلاثاء، والذي وُصف بـ”الثلاثاء الكبير”، إلا أنه لا يمكن الجزم بتلك الاستطلاعات؛ كون هناك معطيات متغيرة في الربع الساعة الأخيرة ؛ تحدد ملامح فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، إلا أن هناك إجماع وتوافق على أن هذه الانتخابات تعد بمثابة كسر عظم بين الجمهوريين “أصحاب الأعناق الحمراء” والديمقراطيين الذين يمثلون “البشرة الداكنة والسمراء” والمهاجرين؛ وستعمق الانقسامات داخل المجتمع الامريكي.
الموقف السياسي حال فوز هاريس
وفي حال إذا فازت هاريس، البالغة من العمر 59 عامًا، فهذا مستبعد لاعتبارات سنسردها لاحقًا: فإنها ستكون أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة. وهاريس حاليًا هي أول أميركية من أصل أفريقي وآسيوي تشغل منصب نائب الرئيس.
وبحسب توقعات صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات يكاد يكون هو الأرجح.
وأرجعت هذه التكهنات عدة أسباب منها، أن مئات الآلاف من الديمقراطيين التقليديين الذين نشؤوا في أمريكا ما بعد الحرب لا يمكنهم تصور هاريس وهي تسير على خطى قادة حزبهم السابقين الأسطوريين مثل فرانكلين د. روزفلت، وهاري ترومان، وجون إف كينيدي، وليندون جونسون، وهوبرت همفري.
وتعاني هاريس من فجوة فيما سماه كاتب المقالة “المكانة” التي لا يمكن لمليار دولار من الإعلانات تغييرها، وحتى لو لم يصوت الناخبون لصالح دونالد ترامب، فإن ذلك في حد ذاته سيكون لصالحه.
وكان لدى نائبة الرئيس حوالي أربع سنوات للوصول إلى مستويات بارزة على الصعيدين الوطني والدولي -لتوسيع سيرتها الذاتية بما يتجاوز كونها اختيار جو بايدن لملء منصب معين- لكنها فوتت تلك الفرصة، أو ربما لم تنلها من بايدن ودائرته الداخلية، وفي كلتا الحالتين، النتيجة نفسها: هي ليست الشخص الذي يتناسب مع اللحظة.
والسبب الثاني، هو أن كامالا هاريس لم تكن مستعدة لدخول العمل السياسي واعتمدت في الساعات الأخيرة من رحلتها بهذا الميدان على الدعم الذي حصلت عليه طوال مسيرتها المهنية من باراك أوباما، ووسائل الإعلام الوطنية التي ترغب بشدة في منع ترامب من العودة إلى الرئاسة.
أما السبب الثالث والأخير وفقا للصحيفة، فإنه عندما ردت المرشحة الديمقراطية في برنامج “ذا فيو” بأنه لم يكن هناك شيء يخطر ببالها كانت ستفعله “بشكل مختلف عن الرئيس بايدن”، أكدت هاريس أن الأساس الخالي من المضمون لقضيتها هو عدم وضع أي مسافة بينها وبين إخفاقات شريكها.
التقديرات تشير إلى أن هاريس هي نتاج السياسة المؤسسية، وليست صاحبة رؤية أو أيديولوجية، فقد تشكلت شخصيتها السياسية من سياسة كاليفورنيا، وهي سياسة متغيرة الأطوار، تركز على حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية المجردة، وقد انعكست تلك السياسة في تغيير هاريس لمواقفها السياسية.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، وضعت هاريس نفسها في موقع الوسط الديمقراطي في التقليد عبر الأطلسي؛ ولذلك، فإنه من غير المرجح أن تقوم هاريس بصياغة استراتيجية أمريكية جديدة أو عقيدة رئاسية لتأكيد ريادة واشنطن عالميًا.
فمن الواضح أنها ستتبع خطوط إدارة بايدن فيما يتعلق بعدم قدرة واشنطن على حلحلة الأزمة الروسية الأوكرانية أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
حملة الانتخابات لعام 2024
وشهدت حملة انتخابات العام 2024، التي يتابعها عن كثب العالم بأسره، ولا سيما في أوروبا والشرق الأوسط، تطورات غير مسبوقة، ففي غضون أسابيع قليلة انسحب الرئيس جو بايدن، البالغ 81 عامًا، من السباق وحلت مكانه هاريس، فيما تعرض ترامب لمحاولتي اغتيال، ومنذ ذلك الحين، يجهد المرشحان لاستقطاب النساء والشباب والأميركيين السود والعرب والمسلمين وأصحاب الأصول الأميركية اللاتينية.
ويرى مراقبون أنه على مدار تاريخ الديمقراطية الأمريكية لأكثر من قرنين، لم ينتخب الأمريكيون سوى رئيس واحد فقط من ذوي البشرة الداكنة ، وهو باراك أوباما، ولم ينتخبوا امرأة حتى الآن لهذا المنصب الأول في البلاد، الأمر الذي يزيد الشكوك حول كيفية وصول امرأة ذات بشرة داكنة إلى هذا المنصب.
وهو ما يجعل حتى بعض الناخبين من ذوي البشرة يتساءلون عما إذا كانت هاريس قادرة على منافسة رجل أبيض ذي توجهات محافظة أم لا.
وأحد الأسئلة البارزة التي تواجه الديمقراطيين في هذه الانتخابات هي ما إذا كانوا سيحافظون على “الدعم الساحق” من الناخبين السود واللاتينيين. في عام 2020، حصل جو بايدن على 92 بالمئة من أصوات الناخبين السود و59 بالمئة من أصوات اللاتينيين.
وتظهر الاستطلاعات أن شريحة كبيرة من الناخبين السود واللاتينيين تميل هذا العام إلى ترامب.
القول الفصل في الانتخابات
ومن المؤكد أن القول الفصل في الانتخابات الرئاسية سيكون للولايات المتأرجحة ؛ والتي لم تتضح بعد ميولها في التصويت لانتخاب رئيس جديد خلفًا لجو بايدن.
وبخلاف الولايات المؤيدة لهاريس مثل كاليفورنيا ونيويورك، أو تلك المؤيدة لدونالد ترامب مثل كنتاكي أو أوكلاهوما، يبدو أن الانتخابات، وعلى غرار ما حدث في العام 2020، ستحسمها بضع عشرات آلاف الأصوات في ولايات قليلة تشهد منافسة حادة يركز فيها المرشحان جهود حملتيهما في الأيام الأخيرة.
ومن المتوقع أن تحدد سبع ولايات أمريكية نتيجة الاستحقاق الانتخابي بين نائبة الرئيس الديمقراطية وبين الرئيس الجمهوري السابق لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة، إذ إن ميولها لأحد الحزبين غير واضحة، ويُطلق الأمريكيون عليها اسم “الولايات المتأرجحة” التي تتجمع في مناطق تعرف بـ”حزام الصدأ” شمال البلاد، وهي ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، و”حزام الشمس” في جنوبها، وهي أريزونا وجورجيا ونيفادا وكارولينا الشمالية.
وأخيرا.. فإن انتخابات الثلاثاء تعد انتخابات ثأر من اليمين الشعبوي واليسار الديمقراطي.. والمواجهة بين الاعناق البيضاء و البشرة السمراء.
* محلل استراتيجي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المواطن ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المواطن ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.