12 نوفمبر 2024, 12:30 مساءً
تبرز المملكة العربية السعودية كقوة محورية في مواجهة التصحر من خلال حلولها المحلية المبتكرة وسياساتها الاستراتيجية التي تهدف من ورائها إلى بلوغ أعتاب الريادة الدولية في هذا المجال. ويأتي ذلك في ظل تنامي التحديات البيئية التي تجتاح مناطق مترامية حول العالم.
ومن خلال مبادراتها الطموحة، مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، تسعى المملكة إلى حماية مواردها الطبيعية وتحقيق استدامة بيئية لتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة. وتصبّ هذه الجهود في إطار تعاون دولي موسع، حيث تعقد المملكة شراكات استراتيجية مع منظمات عالمية كالأمم المتحدة والبنك الدولي، ما يعزز دورها كداعم رئيسي لمبادرات التصدي للتغير المناخي. وتبذل المملكة أيضاً جهوداً حثيثة لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وتسخير مكاسب الاستدامة البيئية لدعم الاقتصاد الوطني ضمن "رؤية السعودية 2030" التي تؤكد على التنمية المستدامة كجزء من مستقبل البلاد الواعد.
استراتيجية وطنية تدعمها حلول محلية مبتكرة
تسعى المملكة العربية السعودية من خلال استراتيجيتها الوطنية لمكافحة التصحر إلى حماية مواردها الطبيعية وتحقيق استدامة بيئية تعزز من جودة الحياة. ومن ذلك على سبيل المثال إطلاقها مبادرة "السعودية الخضراء" بهدف زراعة 10 مليارات شجرة في مختلف مناطقها خلال العقود القادمة، وستؤدي هذه المبادرة إلى إعادة تأهيل ما يقرب من 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وهو ما يُتوقع أن يسهم في تقليل نسبة الانبعاثات الكربونية بنحو 4% من الإسهامات العالمية.
إلى جانب ذلك، تتكامل هذه الجهود مع مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي تشمل تعاوناً إقليمياً لزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، ما يجعلها أضخم برنامج إعادة تشجير على مستوى العالم. وتستند هذه المبادرات إلى رؤيتها الوطنية التي تؤكد على ضرورة التصدي للتحديات البيئية كمحور رئيسي لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وتبذل المملكة جهوداً ملحوظة في استصلاح الأراضي وحفظ الموارد، وذلك من خلال تبني تقنيات وأساليب مبتكرة تُسهم في مكافحة التصحر وتعزيز الاستدامة. فعلى سبيل المثال، تم اعتماد تقنيات الري الحديثة، مثل نظام الري بالتنقيط الذكي الذي يتيح توفير 40% تقريباً من المياه مقارنة بالطرق التقليدية، كما يساعد في تخفيف الضغط على الموارد المائية المحدودة.
وتعمل المملكة على تعزيز الزراعة المستدامة عبر مشروعات مثل "مركز الزراعة الصحراوية" الذي يُعنى بتطوير محاصيل قادرة على التكيف مع المناخ الصحراوي، وتستهلك كميات أقل من المياه، مثل الكينوا والشعير. إضافةً إلى ذلك، أطلقت الحكومة مشروعات لإعادة تأهيل المناطق المتضررة عبر زرع النباتات المحلية التي تعزز التربة وتحدّ من انجرافها، كطريقة للإسهام في استعادة التوازن البيئي تدريجياً في المناطق الصحراوية.
"كوب 16"
تعد استضافة المملكة لمؤتمر الأطراف "كوب 16" في الرياض إنجازاً بيئياً واستراتيجياً يعكس التزامها الراسخ بدعم الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ والتصحر. فهذا الحدث الذي يجمع أكثر من 190 دولة لمناقشة الحلول البيئية، يمثل فرصة محورية لتعزيز دور السعودية كدولة رائدة في مواجهة التحديات البيئية في المناطق الجافة وشبه الجافة التي تمثل زهاء 41% من مساحة الأرض العالمية. وبهذه الاستضافة، تؤكد المملكة دورها ليس فقط كدولة مستضيفة، بل كمساهم في تطوير سياسات بيئية شاملة وفعالة، وإتاحة الفرصة المثالية لها لاستعراض مشاريعها وتقديم الدروس المستفادة للدول الأخرى.
وسيوفر المؤتمر منصة للمملكة للكشف عن استراتيجياتها الرائدة حول الاستخدام الأمثل للموارد المائية، والتقنيات الحديثة للزراعة، وأساليب إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، ومن شأن ذلك كله أن يسهم في تعزيز مكانتها كدولة محورية في تعزيز التعاون الدولي لحماية البيئة وتحقيق الأهداف المناخية.
منافع وطنية
تسهم الجهود السعودية في مكافحة التصحر بشكل مباشر في تعزيز أمنها الغذائي والمائي، حيث تعمل المملكة على تحسين كفاءة استخدام المياه وتطوير الزراعة المستدامة لضمان استدامة الموارد الحيوية. فعلى سبيل المثال، تساهم مشاريع إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف في تأمين مصادر غذائية محلية، وتقليل الاعتماد على الواردات. ويدعم تحسين كفاءة الري واستخدام التقنيات الحديثة، مثل التحلية واسترجاع المياه، توفير موارد مائية كافية لاحتياجات الزراعة والمجتمعات السكانية، ما يضمن استدامة هذه الموارد الحيوية للأجيال القادمة لمواجهة تزايد الطلب وتغير المناخ.
وتلعب مشروعات الاستدامة البيئية في المملكة دوراً محورياً في تحقيق أهدافها الاقتصادية، حيث تقود هذه المشروعات إلى استحداث فرص عمل جديدة ودعم الاستثمارات الخضراء. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تولد مبادرات مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" آلاف الوظائف في قطاعات الزراعة المستدامة، والطاقة النظيفة، وإعادة تأهيل الأراضي، وهذا بدوره يعني تعزيز الاقتصاد المحلي وجذب المزيد من الاستثمارات العالمية إلى قطاع البيئة.
وعلى صعيد ذي صلة، وبهدف تحقيق استدامة وحماية الموارد المائية في المملكة، أطلق المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي مبادرة جديدة تهدف إلى حماية واستدامة الموارد المائية الجوفية والسطحية في المملكة، وأسست المبادرة لبناء خط أساس لنوعية المياه الجوفية والسطحية، وتم خلالها جمع وتحليل بيانات 22 ألف موقع، وذلك بالتعاون مع خبراء دوليين وباستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية في هذا المجال. وتهدف المبادرة إلى جمع 2,000 عينة وتحليلها واستخراج المؤشرات البيئية اللازمة لصنع القرار. ويسعى المركز عبر هذه المبادرة لتحسين إدارة الموارد المائية السطحية والجوفية، وضمان تطبيق أفضل الممارسات العالمية والتقنيات المتقدمة، ما يسهم في حماية صحة المواطنين وضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة.
وتهدف المملكة من خلال هذه المشاريع والمبادرات إلى ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للاستثمار البيئي، لاسيما وأن هذه المشروعات لا تدعم الاقتصاد فحسب، بل تسهم أيضاً في تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة صحية ومستدامة للجميع، ما يجعلها نموذجاً رائداً في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
دعم رؤية السعودية 2030
ترتبط جهود المملكة في مكافحة التصحر ارتباطاً وثيقاً برؤية السعودية 2030 التي تضع السياسات البيئية ركيزة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة تعزز من جودة الحياة. وتحت مظلة هذه الرؤية، تقوم المملكة بتنفيذ برامج بيئية متكاملة تهدف إلى استصلاح الأراضي المتدهورة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتنويع الاقتصاد عبر الاستثمارات في القطاعات الخضراء. وتُعد مبادرات مثل "السعودية الخضراء" تجسيداً عملياً لهذه الأهداف، حيث تسهم في تحقيق التوازن بين التطوير الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية، لتضمن من خلالها بيئة مستدامة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية، وتضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في مجال الاستدامة البيئية.
ختاماً، تثبت المملكة العربية السعودية أنها ليست مجرد دولة تطمح للتنمية الاقتصادية فحسب، بل تقود مسيرة شاملة لمكافحة التصحر وتحقيق استدامة بيئية تجعل منها نموذجاً عالمياً يحتذى به. ومن خلال رؤيتها والعديد من مبادراتها الاستثنائية، تُظهر المملكة التزاماً عملياً وفريداً إزاء حماية مواردها الطبيعية، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، وفتح آفاق جديدة للاستثمار الأخضر. وتعكس استضافتها لمؤتمر الأطراف "كوب 16" في الرياض دورها القيادي في قضايا البيئة والمناخ على الصعيد العالمي. إن هذه الجهود لا تحافظ فقط على مقدرات الوطن، بل ترسم مستقبلاً مشرقاً للأجيال القادمة، وتُرسخ مكانة السعودية كدولة رائدة في حماية البيئة والتنمية المستدامة على مستوى العالم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.