عرب وعالم / السعودية / عكاظ

اتفاقيات التعاون.. والتكاذب المؤسّسي

تذهب رؤية (2030) إلى تأسيس أعمال حكومية تقوم في فلسفتها على ثقافة الإنجاز والحوكمة ومراقبة التنفيذ والأداء، فمن التزامات الرؤية اعتماد ثقافة الأداء بوصفه مبدأً وأساساً في أعمال القطاعات الحكومية: «اعتماد ثقافة الأداء مبدأً لأعمالنا»، ومن أدوات الرؤية؛ مراقبة التنفيذ ومتابعة الأداء في الجهات الحكومية: «سنواصل استحداث وحدات ممكّنة في الحكومة لمراقبة التنفيذ ومتابعة الأداء». أي أن أهداف برامج رؤية (2030) وأدوات تنفيذها تتجاوز التخطيط الإستراتيجي المنهجي إلى خلق ثقافة جديدة في القطاع الحكومي تقوم على الإنجاز والإتقان وتقييم الأداء بأساليب وطرق منهجية، وتُؤسِّس لأنماط حديثة من الأداء ومعايير الإنتاج تتّسم بالوضوح والشفافية وتنأى عن المبالغة والهالة الإعلامية المُضلِّلة.

لكن الملاحظ أن بعض القطاعات الحكومية لا تزال بعيدة عن ثقافة الرؤية ومستهدفاتها وأدواتها؛ فلا يكاد يمُرّ يوم إلّا ونقرأ في وسائل الإعلام والاتصال خبراً عن توقيع اتفاقية تعاون أو شراكة بين جهات حكومية أو بين جهة حكومية وإحدى مؤسسات القطاع غير الربحي، بل أحياناً تكون الاتفاقية بين جهتين تَنْتَمِيان إلى القطاع نفسه، وتُنظِّمُ تلك الجهات -لتوقيع هذه الاتفاقيات- مراسم حفلات يحضرها كبار مسؤولي الجهة، وتُدعى لها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وتنشرها الجهة ضمن رسائلها الإعلامية وتُدرجها في تقاريرها السنوية.

ابتداءً فإن التكامل بين القطاعات الحكومية يُعدّ من الأسس في أداء الحكومة الفاعلة، فالعمل المشترك بين الجهات الحكومية وحتى غير الحكومية ذات العلاقة والاختصاص هو الأصل، فلا يحتاج التعاون أو أي صيغة من العمل المشترك الرامي إلى تحقيق أهداف الجهة توقيع اتفاقية فالعمل الحكومي قائم في بُنْيتِه وأساساته على التكامل بين القطاعات الحكومية، بل لا يمكن تصوُّر أن تؤدي جهة حكومية أعمالها بمنأى عن الجهات الأخرى، فالأصل هو التكامل وما عدا ذلك هو الاستثناء، ما يعني أن هذه الاتفاقيات وبنود الشراكة التي تبرمها الجهات الحكومية مع بعضها أو مع مؤسسات القطاع غير الربحي ليست أكثر من إضاءات إعلامية عن إنجازات غير متحققة، بل إن الكثير منها ينتهي بانتهاء حفل التوقيع ولا ينتج عنها مُخرجات مفيدة وذات أثر على أداء الجهة أو المجتمع، ناهيك أن موضوعات الاتفاقيات ومذكرات التعاون تندرج ضمن العادي والأساسي في أعمال تلك الجهات، وفي تقديري فإن الجهة التي تُهدِر وقتها في هذا النوع من الترتيبات تفتقر إلى البرامج والمشاريع الفعليّة، أي أن حفلات توقيع الاتفاقيات بين الجهات الحكومية ما هي إلا تعويض عن غياب المبادرات والبرامج الحقيقيّة، وهي نوع من التواطؤ بين التنفيذيين في تلك الجهات على الإنجازات الوهمية، أو ما يمكن وصفه بالتكاذب المؤسّسي الذي يُسهم في إشاعة ثقافة سلبية تتعارض مع مبادئ رؤية (2030) ومستهدفاتها وما ترمي إليه من تأسيس ثقافة الإنجاز والأداء والمبادرات النوعية في أعمال الجهات الحكومية.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا