04 فبراير 2025, 5:26 مساءً
ليست هذه صفحات بيضاء لخلوها من الحِبر، بل هي بيضاء بالبر والإحسان، متوشحة بالمسؤولية الإنسانية والقيادة الإدارية، التي كانت السمة الأبرز في مسيرة صاحبها.
سُطّرت هذه الصفحات بقلب محب، ساعٍ إلى أن تبقى سطورها عقدًا من التواصل بينه وبين الله، ثم بينه وبين خلقه؛ ليملأها بالرحمة والإحساس بمن حوله، ممن قست عليهم الحياة، أو ألمت بهم المحن، فقادهم قدرهم إلى رجل جعل من العطاء رسالته، ومن الإنسانية منهجه.
إنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله وغفر له-.
أكتب اليوم هذه السطور وقد عايشت مواقف إنسانية عديدة لفقيد الوطن والمساكين (أبي تركي)؛ إذ كانت صحيفة سبق تفتح صفحاتها لنشر الحالات الإنسانية، وكنت حينها مشرفًا على القسم الإنساني بالصحيفة. كنا نستعرض الحالات التي تستحق النشر والمتابعة؛ لتكون أمام أهل الخير والعطاء، وفي مقدمتهم قيادتنا الرشيدة -حفظها الله-، وأهل البذل والإحسان من أبناء الوطن، الذين كانت لهم وقفاتهم المشهودة في دعم ومساندة المحتاجين.
واليوم، ونحن نستذكر مآثر محمد بن فهد –رحمه الله–، لا بد من الإشارة إلى ثلاث حالات إنسانية، كان له الفضل في إنهائها، بتوجيه كريم ومتابعة مباشرة من عضيده في الخير، ويده الطولى في العطاء، صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، الذي كان يفاجئنا باتصالاته؛ ليزف لنا تباشير التوجيهات الرحيمة من والده الراحل، ويتابع تنفيذها حتى اكتمال الدعم، ووصوله إلى مستحقيه.
إيواء أرملة وأيتامها
نشرت "سبق" حالة إنسانية لأرملة مسنة، تعيش في جدة مع بناتها وحفيداتها الأيتام في منزل مستأجر، وتراكمت عليهن إيجاراته عامًا كاملاً، ودخلن في سنة جديدة دون القدرة على السداد؛ ما جعلهن مهددات بالطرد.
وبعد نشر الحالة جاء الاتصال الكريم من الأمير تركي بن محمد بن فهد ناقلاً توجيه والده -رحمه الله- بسداد كامل المتأخرات، ودفع إيجار سنة مقدمة، إضافة إلى تأمين جميع احتياجات الأسرة من الأجهزة الكهربائية والمواد الغذائية وغيرها بمبلغ خمسين ألف ريال، ليُنهي بذلك معاناتهن تمامًا.
دعم وقف حلقات تحفيظ القرآن الكريم
قبل أعوام أُقيم حفل لتكريم طلاب حلقات الرياحين لتحفيظ القرآن الكريم في أحد أحياء الرياض، بحضور المستشار في الديوان الملكي وإمام الحرم المكي آنذاك الشيخ عبدالله بن حميد.
وكانت الحلقات قد أطلقت مشروعًا لوقف خيري، يعود ريعه لدعم تعليم القرآن الكريم لغير الناطقين بالعربية، لكن المشروع كان بحاجة إلى دعم ليكتمل.
وما إن وصل الخبر إلى الأمير محمد بن فهد -رحمه الله- حتى جاء التوجيه الكريم؛ ليعلن الأمير تركي بن محمد بن فهد تبرُّع والده بمبلغ مائة ألف ريال لصالح الوقف مساهمة في استمرار هذا العطاء المبارك.
عتق رقبة شاب من القصاص
نشرت "سبق" مناشدة من أسرة شاب محكوم بالقصاص، تدعو أهل الخير للمساهمة في دفع دية بلغت 500 ألف ريال بعد أن تنازل أهل الدم عن القصاص مقابل المبلغ.
ولم يكن متبقيًا على تنفيذ الحكم سوى أسبوع واحد.
وفي اللحظات الحرجة جاء الاتصال المنتظر من الأمير تركي بن محمد بن فهد ناقلاً التوجيه الكريم من والده -رحمه الله- بتكفله بالمبلغ كاملا، مع تشديده على عدم ذكر اسمه في الخبر، والاكتفاء بالإشارة إلى أن المبلغ تكفَّل به “فاعل خير”.
وبالفعل، خلال 24 ساعة تم تحويل الشيك إلى المحكمة، وتسليم الدية لأهل الدم؛ ليُطلَق سراح الشاب؛ ويعود إلى أسرته، دون أن يعلم حتى اليوم أن “فاعل الخير” الذي أنقذه هو الأمير محمد بن فهد –رحمه الله-.
إرث خالد من العطاء
ما ذكرناه هنا ليس إلا غيضًا من فيض؛ فما خفي من أعماله الخيِّرة أعظم.
كان -رحمه الله- نموذجًا للإنسانية في أبهى صورها، لا يسأل عن هوية المحتاج، ولا عن ظروفه، بل يسابق إلى تلبية حاجته.
واليوم، ونحن نستذكر مآثره، لا نملك إلا أن ندعو الله أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن يكون له نورًا في قبره، وضياء في آخرته، وأن يجعله في جنات الخلد، جزاء ما زرع من خير، وما خطَّه في صفحات العطاء.
رحم الله محمد بن فهد، وجعل البر والإحسان شاهدين له في الدنيا والآخرة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.