15 فبراير 2025, 12:39 مساءً
في مؤتمر ميونيخ للأمن، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موقفاً حاسماً بشأن أي محاولة لإنهاء الصراع الدائر مع روسيا؛ حيث أكد أن أوكرانيا لن تقبل أبداً صفقات سلام تُبرم من وراء ظهرها أو دون إشراكها الكامل. أكد زيلينسكي –في تصريحاته التي لاقت صدى واسعاً بين صانعي القرار العالميين– أن مشاركة كييف في مفاوضات السلام ليست خياراً بل ضرورة إستراتيجية لضمان سلام حقيقي ومستدام. وقد جاءت هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه المخاوف من أن تتجه جهود إنهاء الحرب إلى اتجاهات مفردة تُهمش مطالب أوكرانيا، خاصةً بعد المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي اعتُبرت أول تواصل رسمي بين قادة الولايات المتحدة وروسيا منذ اندلاع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.
ووجه زيلينسكي رسالة ضمنية للرئيس ترامب، بأن أي صفقة سلام يجب أن تُبرم بمشاركة كييف، مؤكداً أن المبدأ ذاته يجب أن يُعمم على جميع الدول الأوروبية. فقد دعا زيلينسكي قادة أوروبا إلى تحديد مستقبلهم بأنفسهم عبر إنشاء قواتهم المسلحة الخاصة؛ إذ أوضح أن القوات الأوكرانية وحدها لا تكفي لتوفير الأمن اللازم للدول الأوروبية في مواجهة التحديات الراهنة والمتزايدة.
ضمانات أمنية
وأشار زيلينسكي إلى تقارير استخباراتية تشير إلى أن روسيا قد تنقل قواتها إلى بيلاروس خلال الصيف المقبل، مما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري جديد في المنطقة. وأكد بأن أي محاولة لإنهاء الحرب بصورة غير شاملة أو بطرق تُعرض سيادة أوكرانيا للخطر ستؤدي إلى خلق فائض من الجنود ذوي الخبرة لدى بوتين، أولئك الذين "لا يعرفون سوى القتل والنهب"، بحسب تصريحاته المُثيرة للقلق. وقد وصف زيلينسكي هذا الوضع بأنه سينتج عنه فوضى أمنية جديدة، مما سيجعل من الضروري أن تكون لدى أوكرانيا –وبالتالي لدى أوروبا– ضمانات أمنية قوية تُحفظ سيادتها وتكفل استقرارها المستقبلي.
كما حذر زيلينسكي من أن لقاء ترامب مع بوتين قبل الاجتماع معه قد يكون خطوة خطيرة تُفجر الأزمة، حيث أشار إلى أن مثل هذه اللقاءات الثنائية قد تُفضي إلى تقديم تنازلات جوهرية تُهدم الموقف الدفاعي لأوكرانيا. وبهذا، شدد على ضرورة عقد اجتماعات إستراتيجية شاملة تجمع بين كييف والولايات المتحدة وأوروبا لوضع خطة موحدة تُضمن تحقيق السلام دون المساس بمصالح أوكرانيا.
الحاجة الملحة
تناول زيلينسكي في كلمته الحاجة الملحة لاستمرار الدعم العسكري الأمريكي، مشيراً إلى أن المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة تُعد شريان الحياة لأوكرانيا في ظل هجماتها الروسية المتكررة. وأوضح أن استمرار هذه المساعدات يُمكن أوكرانيا من الصمود أمام القوى العدائية، مؤكداً على أهمية أن لا تُمنح مبادرات السلام التي تطرحها إدارة ترامب تنازلات قد تُضعف من موقف كييف. وقد أُعرب عن امتنانه للمساعدات العسكرية الحالية، خاصة أنظمة الدفاع مثل "باتريوت"، التي تُوفر حماية فعّالة ضد تهديدات الصواريخ، فيما دعا إلى تجنب أي محاولات لتجميد هذه البرامج الحيوية.
وفي ظل التخبط في بعض التصريحات الأمريكية، التي أشارت إلى تقديم تنازلات لصالح بوتين على حساب أوكرانيا، أكد زيلينسكي أن المشاركة الفعلية لأوكرانيا في مفاوضات السلام لا بد منها، وأن أي محاولة لإبرام صفقة دون إشراك كييف ستُعتبر بمثابة استرضاء لروسيا، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والدولي.
الأمن الأوروبي
دعوة زيلينسكي لدول أوروبا لإنشاء قواتها المسلحة الخاصة جاءت ضمن سياق محاولته تحذير القادة الأوروبيين من الاعتماد الزائد على الدعم الأمريكي وحده. فقد شدد على أن الأمن الأوروبي لا يمكن تأمينه بشكل كامل دون وجود إستراتيجية دفاعية موحدة تُعزز من قدراته الوطنية. وأكد أن مشاركة أوروبا في مفاوضات السلام تضمن وضعاً أكثر توازناً، كما أن القرارات التي تُتخذ من خارج القارة قد تُفضي إلى نتائج لا تضمن استقرارها، بل قد تُفاقم التحديات الأمنية.
وأوضح زيلينسكي أن الدول الأوروبية بحاجة إلى إعادة تقييم مواقفها وتعزيز قدرتها على الدفاع الذاتي، ليتسنى لها أن تكون شريكاً فاعلاً في عملية السلام، وليس مجرد طرف مهمل يُترقب نتائجها دون تأثير حقيقي. ومن هنا جاءت دعوته لإقامة حوار مشترك وبناء، يشمل قادة أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، لتفادي أي صفقة تُبرم من دون مشاركتهم الكاملة.
وتجسد تصريحات زيلينسكي رؤية واضحة وصرامة لا تقبل المساومة في مواجهة التحديات الراهنة؛ فهي دعوة لضمان أن تُتخذ القرارات المصيرية من قبل الأطراف المعنية مباشرةً، دون أن تكون موضوع صفقة سرية تُبرم في الخفاء. وفي ظل الضغوط الدولية والتحولات الجيوسياسية، يبقى التساؤل قائماً: هل سيتمكن المجتمع الدولي من تحقيق حل شامل يضمن أمن واستقرار أوكرانيا وأوروبا دون التنازل عن المبادئ الوطنية؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.