10 مارس 2025, 11:46 صباحاً
تتصارع العواصم الأوروبية مع خيارات استراتيجية معقدة حول مصير 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة منذ ثلاث سنوات، إثر غزو أوكرانيا. وبينما تزداد الحاجة الملحة لتمويل صمود كييف مع تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الدعم عن أوكرانيا والتفاوض مع فلاديمير بوتين، تواجه أوروبا تحدياً جوهرياً: هل تخاطر بمكانة اليورو كعملة احتياطية عالمية مقابل تأمين تمويل فوري لأوكرانيا؟
هاجس قانوني
وتتردد العواصم الأوروبية في اتخاذ خطوة المصادرة الكاملة للأصول الروسية رغم إغراء هذا الخيار، إذ تُحتفظ بمعظم هذه الأصول في شكل سندات حكومية أوروبية تُستخدم أرباحها حالياً لضمان قروض لأوكرانيا. وصرحت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي: "الأساس القانوني الدولي الذي سيُتخذ أي قرار على أساسه سيكون حاسماً بالنسبة للمستثمرين الآخرين".
ويعود هذا التردد لمخاوف من تداعيات قانونية ودولية خطيرة، إذ إن مصادرة الأصول السيادية لها تاريخ طويل ومضطرب، بدءاً من مصادرة السوفييت للذهب الروماني عام 1918 وصولاً إلى عشرات الحالات الأخرى خلال القرن العشرين، وفقاً لـ"رويترز".
تراجع مقلق
ويواجه اليورو منذ فترة تحديات متزايدة في الساحة المالية العالمية. فبعد ولادته الواعدة عام 1999، تراجعت حصته في احتياطيات العملات العالمية من 25.8% عام 2010 إلى 20% حالياً، بينما يحتفظ الدولار بهيمنته بنسبة 58.4% رغم تراجعه الطفيف. وفي تقريرها حول المكانة الدولية لليورو، أشارت لاغارد إلى تحديات متعددة، من ظهور عملات منافسة إلى تجدد الاهتمام بالذهب كملاذ آمن.
ويرى الخبير هانس جيرومس، الأستاذ في كلية أوروبا والباحث في مركز بروغل، أن "اليورو معاق بسبب غياب اتحاد أسواق رأس المال، وعدم وجود أصل آمن باليورو، وغياب اتحاد مصرفي كامل". وهي ذات النقاط التي حددها ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، في تقريره العام الماضي محذراً من "العذاب البطيء" لاقتصاد أوروبي يتخلف عن منافسيه الأمريكيين والآسيويين.
ضغط متزايد
وعلى الرغم من هذه المخاوف، تتصاعد الضغوط السياسية للنظر في خيار المصادرة. ويقول ميتو غولاتي، خبير قانون الديون السيادية في جامعة فرجينيا، إن تغير موقف ترامب تجاه أوكرانيا دفع الأوروبيين للنظر في "القيام بأشياء لم يكونوا مستعدين للقيام بها قبل ستة أشهر".
ويؤكد مصرفي من البنك المركزي الأوروبي (طلب عدم الكشف عن هويته) أن "نصيحة البنك المركزي الأوروبي لن تتغير، لكن هذا قد لا يؤثر على السياسيين. فاتورة أوكرانيا ارتفعت كثيراً، وهذا يجعل هذه الأموال أكثر جاذبية".
مناقشات مكثفة
ورغم المناقشات المكثفة في قمة تعزيز الإنفاق الدفاعي الأوروبي الأخيرة، لم تُتخذ قرارات حاسمة بخصوص الأصول الروسية. وأكد دبلوماسي أوروبي أن ألمانيا وفرنسا وبلجيكا - حيث يوجد مستودع الأوراق المالية يوروكلير الذي تُحفظ فيه معظم الأصول - أعادت التأكيد على معارضتها للمصادرة الكاملة.
وصرح وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو بأن "لا أحد لديه مصلحة في القيام بأشياء تضعف نظامنا الآن، خاصة مع تعرضه لهجوم واسع عبر سياسات التجارة والتعريفات الجمركية"، في إشارة إلى تهديدات ترامب بفرض رسوم ثقيلة على الصادرات الأوروبية.
تقف أوروبا اليوم أمام خيار استراتيجي صعب: هل تخاطر بإضعاف مصداقية نظامها المالي العالمي مقابل الحصول على موارد فورية لدعم أوكرانيا؟ أم تلتزم بالمبادئ القانونية الدولية وتبحث عن بدائل أخرى لتمويل كييف؟ وفي ظل تغير المشهد الجيوسياسي العالمي، هل ستضطر أوروبا لاتخاذ إجراءات كانت تعتبرها مستبعدة في السابق؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.