عرب وعالم / السعودية / عكاظ

صراع حريم شتت «الأعشى» و «الشميسي».. ومقالب العسيري إعادة رديئة للمقالب القديمة

في موسم يُفترض أن يكون مساحة للاحتفاء بالإبداع، تحولت الدراما الرمضانية إلى حلبة تنافس لم تَعُد تحكمها معايير الجودة الفنية، بل خضعت لجدلية النجومية، حيث غاب الحوار النقدي الرصين لصالح ضجيج المقارنات بين ممثلات يتنافس جمهورهن على فرض إحداهن كأيقونة الموسم. وكأن السباق لم يَعُد على مستوى النصوص والرؤى الإخراجية، بل انحسر في معارك فرعية تُشبه تشجيع الفرق الرياضية أكثر من كونها نقاشًا نقديًا حول القيمة الجمالية والفنية للأعمال.

لا يمكن إنكار أن «شارع الأعشى» و«الشميسي»، قدما تجربة بصرية ودرامية لافتة، لكن الانشغال الجماهيري بالمقارنات بين إلهام علي وريم عبدالله، أزاح النقاش عن الأسئلة الأهم: إلى أي مدى استطاع العملان تقديم سرديات محلية أصيلة بعيدًا عن النوستالجيا السطحية؟ وهل نجحا في بناء دراما تتجاوز استدعاء الماضي إلى مساءلته وتحليله؟ يبدو أن كثيرًا من المشاهد لم يُقدم إلا بوصفه محاكاة شكلية للحياة التقليدية، دون تعمق حقيقي في بنيتها الاجتماعية والثقافية.

أما على مستوى البرامج، فقد بات من الواضح أن بعض المنتجين يستثمرون في أساليب تجاوزها الزمن، كما هو الحال في الكاميرا الخفية التي ما زالت تُطرح بآليات نمطية، لا تراهن على الإبداع بقدر ما تستثمر في ردة فعل الضحايا. ورغم أن حسن عسيري يعد من الأسماء الفاعلة في الصناعة، إلا أن برنامجه «بروود كاست» كشف عن أزمة حقيقية في التعاطي مع الكوميديا، حيث لم يخرج عن كونه إعادة إنتاج رديئة للنموذج القديم الذي يعتمد على استغلال الضيوف بدلاً من تقديم محتوى ساخر ذكي. لقد باتت مقالب البرامج الرمضانية لا تعكس سوى ضحالة الأفكار وغياب أي رؤية نقدية تجاه المجتمع، متحولةً إلى استعراض مفتعل ينتمي إلى ثقافة الإثارة لا الإبداع.

في المقابل، لم تكن الكوميديا الدرامية أفضل حالًا، فبرنامج «واي فاي»، رغم جمعه أسماءً لامعة مثل أسعد الزهراني وحبيب الحبيب، إلا أنه وقع في فخ الاجترار، حيث أعاد تقديم أنماط متكررة من المحاكاة الكاريكاتورية دون تطوير واضح في الأسلوب أو الرؤية، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل جفّ الخيال الإبداعي حتى أصبح التجديد مغامرة غير محسوبة؟

أما على صعيد الدراما المصرية، فإن غياب الأعمال التي تخلق شغفًا حقيقيًا لدى الجمهور بات مؤشرًا على أزمة أكثر تعقيدًا، حيث لم يأتِ الموسم بجديد سوى إعادة تدوير قصص العصابات والخيانات، في استثمار تجاري للقصص الجاهزة التي تستهدف الإثارة لا العمق. المفارقة أن الزمن الذي كان يتنافس فيه يحيى الفخراني ونور الشريف، لم يكن مدفوعًا فقط بنجومية الأسماء، بل بجودة المشاريع نفسها، ما جعل المتلقي المستفيد الأكبر من هذا التنافس المحموم.

في ، إذا كان للدراما أن تواصل صعودها، فلا بد من التخلص من نزعة التمجيد غير النقدي للنجوم، وفتح المجال لسرديات أكثر تنوعًا تُعبّر عن المناطق المختلفة من المملكة، كما رأينا في «خيوط المعازيب» الذي أعاد تقديم الهوية الأحسائية بذكاء درامي نادر. أما غياب الأعمال التي تسلط الضوء على إنسان المنطقة الغربية، فلا يمكن تفسيره إلا بعدم اكتراث الكُتّاب والمنتجين بمخزون حكائي ضخم لم يُستغل بعد.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا