20 مارس 2025, 1:01 مساءً
"ارتفعت آمالنا، لكننا عدنا إلى نقطة الصفر"، بهذه الكلمات لخَّص عامل الإغاثة الفلسطيني "أسامة" واقعًا مريرًا يعيشه مليونا إنسان في غزة، بعد هدوءٍ استمر شهرين، عادت الدبابات والطائرات الحربية لتُحطِّم أحلامَ السلام الهشَّة، وتدفع بالمدنيين إلى مواجهة اختياراتٍ مستحيلة: البقاء تحت القصف، أو النزوح إلى مناطقَ بلا ماءٍ ولا غذاء. بينما تتسع رقعة الدمار، تبرز تساؤلات عن مصيرٍ يبدو أن العالم قرَّر التخلي عنه.
إنهاء الهدنة
في ساعاتٍ مبكِّرة من الصباح، تحوَّلت صفارات الإنذار إلى دويٍّ مدوٍّ. ضربات جوية إسرائيلية مركَّزة أنهَت هدنةً قصيرة الأمد، مُخلِّفةً أكثر من مئات الضحايا من المدنيين خلال 48 ساعة، لم تكن الأرقام مجرد إحصاءاتٍ جافة، بل قصصًا لـ"أحلامٍ مُبدَّدة"، كما وصفها ناجون بين الأنقاض، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
"خُيِّرنا بين الموت تحت القصف أو المجاعة في المخيمات"، يقول "أسامة" من منطقة المواصي الساحلية، التي تحوَّلت من "منطقة إنسانية" إلى فضاءٍ مكتظ بالخيام. هنا، يعيد التاريخ نفسه: نصف مليون نازح يعودون إلى الشمال بعد أشهر من النزوح، ليجدوا بيوتهم مُدمرة، وأرضهم مغطاةً بطبقة سميكة من الغبار واليأس.
نزوح جماعي
وأصبحت أوامر الإخلاء الإسرائيلية الجديدة كابوسًا متكررًا. منشوراتٌ جوية تُسقطها الطائرات على بيت حانون تهدد: "البقاء في المنازل يعرِّض حياتكم للخطر"، المشهد يتكرر في رفح وخان يونس والشجاعية، حيث يُجبر 160 ألف فلسطيني على الفرار للمرة الثامنة أو التاسعة منذ بداية الحرب.
والنظام الإسرائيلي المعقد لتحديد "المناطق الآمنة" انهار، ليحلَّ محلَّه فراغٌ أمني، "بدأنا نعتاد سماع صفارات الإنذار كجزء من روتيننا اليومي"، تقول "ختام الكفارنة"، ممرضة نزحت مع عائلتها إلى مخيم الشاطئ. هنا، تتحول الكثبان الرملية إلى مساكنَ مؤقتة، بينما تختفي أبسط مقومات الحياة: خصوصية، ماء نظيف، أو حتى خبز.
أزمة إنسانية
وفي متاجر رفح، تحوَّل كيلو البطاطس إلى سلعة فاخرة. سعره قفز من 1.25 دولار إلى 5 دولارات خلال أسبوع، "الأسعار صارت أشبه بقصفٍ صامت"، يعلق مسؤول إغاثة، مشيرًا إلى انهيار سلاسل التوريد. رغم دخول 25 ألف شاحنة مساعدات خلال الهدنة، إلا أن المخزونات تنفد: دقيق يكفي لأسبوع، وأدوية شحيحة، ولا وجود لفواكه أو ألبان.
والمستشفيات تعمل فوق طاقتها، "نشعر بذعر الناس قبل أن يصلوا إلينا"، يقول الطبيب "فريد أولا" في مستشفى الصليب الأحمر برفح. الأطباء يواجهون معضلةً يومية: إنقاذ المرضى بأدوات بدائية، أو مشاهدة الموت ينتصر بسبب نقص الإمدادات.
صراع متواصل
ومن خلف الخطوط الأمامية، تتصاعد التصريحات المتبادلة، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبرر الضربات الأخيرة برفض حماس تمديد الهدنة، بينما تتهم الحركة الفلسطينية إسرائيل بالتراجع عن اتفاقيات سابقة.
"لماذا يريدون تدميرنا حتى بعد أن حولونا إلى أشباح؟"، تسأل "أم مجاهد أبو جراد" الحامل في شهرها الرابع، التي نزحت 8 مرات خلال عام. قصتها ليست استثناءً: عائلات تكتب أسماء أطفالها على أجسادهم تحسبًا للقصف، وآخرون يبيعون أثاث منازلهم المدمرة لشراء رغيف خبز.
في مخيم الشاطئ، حيث تختلط روائح البحر بالمياه الآسنة، يبدو المستقبل ضبابيًا كسحب الدخان المتصاعدة من الأنقاض، السؤال الذي يلوح في الأفق: هل ستبقى غزة شاهدًا على صراعٍ لا ينتهي، أم أن العالم سيفتح عينيه قبل فوات الأوان؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.