تم النشر في: 09 أبريل 2025, 11:19 صباحاً في خضم المشهد السياسي المعقد في الشرق الأوسط، يظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لحظة مفصلية يبحث فيها عن إعادة صياغة مستقبل العلاقات النووية مع إيران. وتتجلى الأفكار وراء هذا المشروع في سعيه لتقديم عرض جديد يفوق ما قدمه الرئيس الأسبق باراك أوباما، ويتسم بالجرأة والصلابة، فما الملامح الأساسية للصفقة النووية التي يسعى ترامب إلى إبرامها مع إيران؟ المواجهة المباشرة منذ سنوات طويلة وترامب يتحدث عن توقيت التغيير في سياسة التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، كان ترامب يدعو إلى اتباع منهجية تتضمن مواجهة مباشرة مع السلطات الإيرانية. حيث تصوّر ترامب أن نهجه يجب أن يقوم على موقف حازم يتضمن انسحابًا قاطعًا عن طاولة المفاوضات، مما يفرض على إيران خيارًا صعبًا والدخول في مفاوضات من موقف ضعيف. وتعتمد رؤيته على فكرة أن التراجع عن المفاوضات وإنهاء الاتفاق العتيق الذي وُقّع في عهد أوباما، وما تبع ذلك من ضعف في موقع المفاوضة، كان له أثر سلبي في أن تُعطى إيران فرصة لتعزيز موقعها على الساحة الدولية. ويحاول ترامب من خلال توجهاته إحداث تغيير جذري يتزامن مع تفاقم الأوضاع النووية في إيران، التي تُظهر أن هذه الأخيرة أصبحت أقرب إلى إمكانية تصنيع سلاح نووي مما كانت عليه سابقًا، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز". ويحمل المشروع الذي ينشئه ترامب على عاتقه شروطًا صارمة تختلف جذريًا عن سياسات أوباما. تُبرز الأركان الرئيسة لهذه الصفقة سعي الإدارة الأمريكية لإعادة هيكلة العلاقة مع إيران بما يحقق توازنات جديدة في المنطقة. إذ يرغب المسؤولون الأمريكيون في القضاء على بنية تحتية ضخمة للتخصيب النووي، إلى جانب تفكيك برنامج الصواريخ الخاص بطهران، ونزع الدعم الذي تقدمه لعدة أطراف في الشرق الأوسط. ويُعد هذا النهج جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تعزيز نقاط النفوذ الأمريكية على المستوى الدولي، كما يأتي استدراكًا للخطأ الذي ارتُكب في الماضي حينما شهدت مفاوضات أوباما تنازلات جوهرية أدت إلى ضعف موقف الولايات المتحدة إزاء التحديات الإقليمية. توقيت حاسم يضيف ترامب بوضوح أهمية السرعة في التوصل إلى اتفاق جديد؛ إذ إن التباطؤ في اتخاذ القرارات قد يؤدي إلى تعطيل الإجراءات الحاسمة التي تكفل حماية مصالح البلاد وتأمين موقفها الدبلوماسي. من هنا، تشدد الأصوات في الساحة السياسية الأمريكية، ممثلة في كبار أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، على ضرورة التوقف عن الإطالة في المفاوضات. وقد أعرب عددٌ من السياسيين عن قلقهم البالغ من تقدم البرنامج الإيراني النووي يومًا بعد يوم، مشيرين إلى أن الوقت لم يعد حليفًا للمفاوضات التي قد تواجه عراقيل متزايدة في ظل انتهاء مدة العقوبات الآلية، التي كانت تُشكل ركيزة لضمان إمكانية إرجاع العقوبات المفروضة على إيران في حال تراجعها عن التزاماتها. ويشكل المشروع النووي الجديد محاولة لإعادة صياغة مفاهيم المفاوضات التي جمعت بين جوانب القوة والتحفظ والدبلوماسية الحادة. فهو يستند إلى إعادة تقييم الأوضاع الأمنية في المنطقة وعلى مستوى السياسات الدولية، مع إعطائها أولوية قصوى على حساب الاعتبارات الاقتصادية والسياسية المتداخلة. ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية عازمة على فرض شروط صعبة تتطلب من إيران إعادة ترتيب أوراقها، بحيث تظل الخيارات أمامها محدودة في مجال المفاوضات، ولا تتسع للحلول البديلة، التي قد تزيد من تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة. اتفاقية شاملة ويجسّد المشروع رؤى مستقبلية تتعلق بتحقيق استقرار سياسي وأمني يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، إذ يسعى مشروع ترامب إلى الاستفادة من الدروس المُستخلصة من تجارب الماضي وتحويلها إلى نقاط قوة يمكن استغلالها لتغيير معادلات السياسة النووية الإقليمية والعالمية. كما أن بهذا النهج الجديد، ترتفع آفاق إمكانية الوصول إلى اتفاقية شاملة تضمن تفكيك القوات النووية وتعزيز السيطرة على سياسات النفوذ داخل منطقة حافلة بالتحديات والتحولات الجيوسياسية. ويتجلى أن خطة ترامب لبناء صفقة نووية مع إيران تحمل في طياتها فرصًا كبيرة للتغيير وإعادة رسم ملامح السياسات الإقليمية والدولية، إن صحّت المناهج المتبعة وتوافرت الإرادة السياسية لتنفيذ هذا المشروع. فهل سيتمكّن الطرفان من بناء جسر جديد نحو استقرار أكثر أم أن التحديات ستظل تعرقل مسار التفاهم السياسي؟