تم النشر في: 14 أبريل 2025, 3:31 مساءً في خطوة نادرة تكشف عمق الانقسام والإحباط داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وجّه مئات العملاء السابقين في جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد" انتقادات حادة لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو بشأن الحرب المستمرة في قطاع غزة، معربين عن خيبة أمل مريرة إزاء الفشل في تحرير الرهائن الإسرائيليين المتبقين لدى حركة حماس. هذه الأصوات الوازنة، القادمة من قلب أكثر الأجهزة سرية في إسرائيل، تعكس قلقاً متزايداً من أن الاعتبارات السياسية تطغى على الهدف الإنساني الملح المتمثل في إعادة المحتجزين. نقد لاذع وانضمت مجموعة تضم أكثر من 250 من شخصيات الموساد المرموقة، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للجهاز، إلى رسالة كان قد بادر بتوقيعها قدامى المحاربين وجنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي. الرسالة، التي حظيت بتأييد واسع، تدعو الحكومة بشكل صريح إلى تغيير أولوياتها، واعتبار مهمة استعادة الرهائن الأسبقية القصوى، حتى لو كان ذلك يعني تعليق العمليات العسكرية الواسعة ضد حماس في غزة. وتشكل هذا الموقف الحاسم وسط حالة من الإحباط المتصاعد داخل المجتمع الإسرائيلي وأوساط النخبة الأمنية، بسبب العجز الواضح عن تحقيق تقدم ملموس في ملف الرهائن. فمن بين 59 رهينة يعتقد أنهم ما زالوا محتجزين منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، لا تزال الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن 24 منهم فقط على قيد الحياة، وهو رقم يتقلص بمرور الوقت ويزيد من حجم المأساة، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية. مصالح شخصية والرسالة لم تتردد في توجيه اتهامات مباشرة، حيث نددت بتصعيد العمليات العسكرية البرية والجوية في غزة منذ انهيار الهدنة المؤقتة في مارس الماضي، معتبرة أن هذه العمليات تخدم "مصالح سياسية وشخصية" لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وليست بالضرورة "مصالح أمنية" حقيقية للدولة. ويتهم الموقعون حكومة نتنياهو بالمخاطرة بحياة الجنود والرهائن المتبقين من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضيقة. ويرى منتقدون، بمن فيهم العملاء السابقون، أن قرار نتنياهو بالعودة بقوة للعمليات العسكرية كان مدفوعاً برغبته في استرضاء شركائه في الائتلاف الحكومي من أحزاب اليمين المتطرف، الذين هددوا مراراً بإسقاط الحكومة ما لم يتم "سحق حماس بالكامل"، وهو هدف يبدو بعيد المنال ويأتي بتكلفة باهظة. دعم متزايد ورد فعل نتنياهو على الرسالة كان عنيفاً ومتوقعاً، حيث وصف الموقعين بأنهم "مجموعة هامشية متطرفة تحاول كسر المجتمع الإسرائيلي من الداخل"، وأصدر أوامره بفصل جنود الاحتياط في الخدمة الفعلية الذين وقعوا عليها. لكن هذا الرد لم يمنع اتساع دائرة الدعم للموقف المنتقد. فقد صدرت بيانات تأييد مماثلة من جنود احتياط في "الوحدة 8200"، أكبر وأهم وحدات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى مئات الأطباء من جنود الاحتياط، مما يشير إلى أن حالة التململ وعدم الرضا تتجاوز بكثير كونها "مجموعة هامشية". مفاوضات متعثرة وبالتوازي مع التصعيد الميداني والانقسام الداخلي، تتواصل جهود الوساطة في القاهرة بمشاركة قطرية ومصرية وأمريكية، لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة تتيح تبادل الأسرى وإدخال المساعدات. آخر التطورات تشير إلى أن إسرائيل قدمت مقترحاً يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين. وفقاً لـ"منتدى تيكفا"، وهو تجمع يميني يمثل بعض عائلات الرهائن، فإن نتنياهو أبلغ والد أحد المحتجزين بأن الحكومة تعمل على صفقة لإعادة 10 أسرى، دون الخوض في تفاصيل الشروط الإسرائيلية المقابلة. صفقة شاملة وكشف مسؤول في حماس، في حديث لصحيفة "الميادين" اللبنانية، بعض تفاصيل العرض الإسرائيلي المقترح، والذي يتضمن – حسب قوله – عودة 10 رهائن مقابل هدنة أولية لمدة 45 يوماً، تُرفع خلالها القيود الإسرائيلية على المساعدات لغزة، وتنسحب قوات الجيش الإسرائيلي من المناطق التي سيطرت عليها منذ مارس. لكن نقطة الخلاف الرئيسية التي أفشلت الهدنة السابقة لا تزال قائمة. فوفقاً للمسؤول نفسه، تتضمن المرحلة الثانية من المفاوضات البحث في وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية. وهو ما أكده لاحقاً طاهر النونو، القيادي في حماس، لوكالة فرانس برس، متهماً إسرائيل بعرقلة المفاوضات ومجدداً استعداد الحركة لصفقة تبادل شاملة مقابل إنهاء الحرب وانسحاب كامل ودخول المساعدات، لكنه شدد على أن "نزع سلاح حماس غير مطروح للتفاوض". غضب العائلات وفي ظل هذا الجمود، يتصاعد غضب عائلات الرهائن، الذين نظموا احتجاجات متكررة، كان آخرها أمام منزل الوزير رون ديرمر، المكلف من قبل نتنياهو بملف المفاوضات وأحد أقرب مستشاريه. ويتهم الأهالي ديرمر بتعمد تأخير وعرقلة المفاوضات خدمةً للأجندة السياسية للحكومة. دورون زيكتسر، الأب بالتبني لأحد الرهائن، خاطب ديرمر بغضب: "اخرج، أطلعنا على الوضع... إذا كنت لا تستطيع القيام بالمهمة، فاستقل... إنهم يهرولون إلى الحرب بينما من الواضح أن الصفقة وحدها هي التي ستعيد الرهائن". وبينما تنفي الحكومة هذه الاتهامات وتؤكد سعيها الحثيث لإعادة المحتجزين، يبقى السؤال الملح قائماً: فإلى متى سيظل مصير الرهائن معلقاً بين الحسابات السياسية وضغوط الداخل المتعالية؟