تم النشر في: 15 مايو 2025, 7:20 صباحاً في تطورٍ مفاجئ يهزُّ آمال التهدئة، أعلنت موسكو رسمياً، مساء أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين؛ لن يتوجّه إلى إسطنبول للمشاركة في محادثات سلامٍ مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ رافضةً بذلك دعوة كييف الصريحة لاجتماع قمة مباشر في تركيا، وهذه الخطوة، التي جاءت بالتزامن مع تحركاتٍ دبلوماسية مكثّفة تمهّد للقاءات مرتقبة اليوم (الخميس)، تُثير تساؤلات حول جدية موسكو في المُضي نحو حلٍ سياسي حقيقي، خاصة بعد أن كشف الكرملين عن تركيبة الوفد المفاوض الذي سيقوده مساعد بوتين المعروف بمواقفه المتشدّدة فلاديمير ميدينسكي؛ ما يشير إلى إصرارٍ روسي على شروط تعدّها كييف غير مقبولة، وتذكّر بجولة مفاوضات فاشلة سابقة. الوفد الروسي وأوضح الكرملين، أن القيادة الروسية للمحادثات في إسطنبول ستوكل إلى فلاديمير ميدينسكي؛ وهو شخصية مقرّبة من بوتين ولعب دوراً رئيساً في جولة المفاوضات المباشرة الوحيدة التي عُقدت بين روسيا وأوكرانيا عام 2022، هذا الاختيار يحمل دلالات واضحة حول طبيعة التوجّه الروسي للمفاوضات المرتقبة. يضم الوفد الروسي إلى جانب ميدينسكي؛ كلاً من: ألكسندر فومين؛ نائب وزير الدفاع، وميخائيل جالوزين؛ نائب وزير الخارجية، إضافة إلى إيغور كوستيوكوف؛ رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، وهذه التشكيلة، التي تضم ممثلين عن وزارتَي الدفاع والخارجية والاستخبارات العسكرية، تعكس على ما يبدو مقاربة روسية متعدّدة الأوجه للمفاوضات، لكنها تُثير أيضاً تساؤلات حول الوزن السياسي الحقيقي لوفد لا يضم أرفع الدبلوماسيين، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية. دلالات الاختيار يشير قرار روسيا بإناطة قيادة الوفد إلى ميدينسكي؛ وزير الثقافة الروسي السابق المعروف بمواقفه المحافظة والمتشدّدة، إلى نيّة واضحة لإعادة طرح أجندة المفاوضات التي سادت جولة إسطنبول غير المثمرة عام 2022، وتضمنت تلك الأجندة مطالب روسية قصوى، مثل فرض قيودٍ على حجم الجيش الأوكراني، ومنع إعادة بنائه بالدعم الغربي، وهي شروطٌ رفضتها كييف بقوة واعتبرتها غير مقبولة على الإطلاق. ومن اللافت في تشكيلة الوفد الروسي غياب كبيرَيْن من أرفع الدبلوماسيين الروس، يوري أوشاكوف؛ وسيرغي لافروف؛ اللذين شاركا سابقاً في جولات عدة من المحادثات رفيعة المستوى، بما في ذلك اللقاءات مع الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية، وهذا الغياب يعزّز الانطباع بأن موسكو قد لا تضع في هذه الجولة مستوى التوقعات نفسه الذي وضعته في لقاءات سابقة، أو أنها تفضل إبقاء القضايا الأكثر حساسية للتعامل على مستويات أخرى. مستوى التمثيل وتزايد الضغط على الرئيس بوتين؛ لحضور محادثات إسطنبول بشكلٍ ملحوظٍ، خاصة بعد أن وجّه إليه الرئيس زيلينسكي؛ دعوةً مباشرة، تبعها اقتراحٌ مماثلٌ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ الذي اشترط حضوره في تركيا بوجود بوتين، وهذه الدعوات كانت محاولةً واضحةً لرفع مستوى التمثيل في المفاوضات وإعطائها زخماً أكبر نحو تحقيق اختراقٍ حقيقي. وتحدي زيلينسكي المباشر لبوتين للاجتماع في تركيا، أعقب دعوة الزعيم الروسي في خطابٍ مفاجئ متأخرٍ من الليل، إلى إجراء مفاوضات روسية - أوكرانية مباشرة في إسطنبول، وحدّد زيلينسكي شرطاً واحداً لحضوره، وهو حضور بوتين نفسه، مؤكداً أنه سيكون جاهزاً للسفر في أي لحظة إذا ما أظهر الرئيس الروسي جدية في الحضور. وتبنى ترامب موقفاً مشابهاً، حيث أشار سابقاً إلى "احتمالية" توجهه إلى تركيا إذا كان الرئيس الروسي موجوداً هناك، ومع أن ترامب كان من المقرر أن يكون في الإمارات العربية المتحدة، اليوم، في المحطة الأخيرة من جولته الخليجية، إلا أنه ترك الباب مفتوحاً لاحتمال تغيير خططه "لإنقاذ كثيرٍ من الأرواح" وتأكّد لاحقاً غيابه بعد تأكيد الكرملين عدم حضور بوتين. مطالب أوكرانيا ويتوقع أن تضع أوكرانيا على طاولة المفاوضات في إسطنبول مطلباً رئيساً يتمثل في وقفٍ كاملٍ لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، كخطوة أولى وإطار لانطلاق مفاوضات أوسع وأكثر جدية، وهذا المطلب يعكس رغبة كييف في تثبيت الوضع على الأرض قبل الدخول في تفاصيل الحل السياسي. في المقابل، ترفض موسكو باستمرارٍ مقترحات وقف إطلاق النار طويلة الأمد، وتجادل بأن مثل هذه الهدنات ستمنح أوكرانيا وقتاً لإعادة التسلح وإعادة تنظيم صفوفها، في الوقت الذي تحقّق فيه القوات الروسية تقدماً ميدانياً. هذا الموقف يؤكّد استمرار التركيز الروسي على الحسم العسكري، أو على الأقل استخدام التقدُّم الميداني كورقة ضغطٍ قوية في أيّ مفاوضات، فهل ستنجح الدبلوماسية في كسر جمود المواقف وتحقيق اختراقٍ ينهي هذا الصراع المدمّر؟