تم النشر في: 18 مايو 2025, 9:38 صباحاً أكّد الكاتب الإعلامي محمد بن عبدالعزيز الصفيان؛ أن في عالم تتسارع فيه الحياة وتتوسع فيه المدن بشكلٍ كبيرٍ وتزداد فيه الكثافة المرورية والضغوط النفسية برزت فكرة جديدة تقلب المفاهيم وتعيد تعريف شكل المدينة التي نعيش فيها اسمها المدينة ذات الخمس عشرة دقيقة.. هي ليست مجرد مخطط عمراني؛ بل هي فلسفة جديدة في الحياة تهدف إلى جعل كل شيءٍ قريباً من الإنسان يمكن الوصول إليه مشياً على الأقدام أو باستخدام الدرّاجة في زمنٍ لا يتجاوز خمس عشرة دقيقة من منزله. وأضاف: نشأت الفكرة في باريس على يد المفكّر كارلوس مورينو؛ وتحوّلت إلى مشروعٍ رسمي ضمن خطة المدينة للتحوّل إلى بيئة خضراء مستدامة وانتشرت لاحقاً في مدن كبرى حول العالم، كما بدأت المملكة بتطبيق هذا النموذج ضمن رؤية 2030 في بعض المدن وأهمها نيوم؛ مدينة المستقبل. المدينة ذات الخمس عشرة دقيقة تقوم على مبدأ أن كل حي يجب أن يكون وحدة مكتفية بذاتها فيها كل ما يحتاج إليه الإنسان من خدمات حياتية يومية، مثل: التعليم والرعاية الصحية والتسوّق والعمل والاستجمام والخدمات الحكومية والاجتماعية حتى المساحات الخضراء والمتنزهات. وقال: ولتحقيق هذا الهدف لا تحتاج المدينة إلى بناء كل شيءٍ من جديدٍ؛ بل تحتاج فقط إلى إعادة توزيع الخدمات وتخطيط الطرق وتفعيل المباني القائمة بشكلٍ أفضل. العالم اليوم لا يتحرّك دون تقنية، فقد دخل الذكاء الاصطناعي بقوة لدعم نموذج المدينة ذات الخمس عشرة دقيقة من خلال استخدام تقنيات، مثل التوأم الرقمي، حيث يتم إنشاء نسخة افتراضية من المدينة أو الحي لتتم تجربة مختلف السيناريوهات العمرانية عليها قبل التنفيذ الفعلي. وأشارإلى أن هذه التقنية تساعد صُنّاع القرار على فهم التأثيرات المحتملة لكل تغييرٍ وتفادي الأخطاء وتوفير المال والجهد. كذلك يتم استخدام النماذج التوليدية التي تعتمد على تحليل البيانات لتقديم اقتراحات دقيقة حول أفضل توزيع للخدمات وأفضل مواقع للبنية التحتية حسب كثافة السكان واحتياجاتهم اليومية. إن التحوُّل نحو المدينة ذات الخمس عشرة دقيقة لا يعني هدم كل شيءٍ؛ بل يعني إعادة التفكير في كل شيء، فهو تغييرٌ في طريقة التخطيط لا في الخرسانة فقط، وهي رؤية جديدة للحياة في المدينة حياة أقرب وأبسط وأكثر راحة وانسانية. هذا التحوُّل الذي بدأت المملكة تطبيقه ضمن مستهدفات رؤية 2030 يستحق أن يكون على رأس أولويات التخطيط الحضري في القرن الحادي والعشرين. فهو ليس رفاهية ولا ترفاً فكرياً؛ بل هو حاجة مُلحة لمدننا الحالية والمستقبلية، وكذلك مستقبل أجيالنا المُقبلة.