تم النشر في: 22 مايو 2025, 3:24 مساءً في تحول لافت يعكس إدراكًا جديدًا لتعقيدات الحرب في أوكرانيا، أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد مكالمة استمرت ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن المحادثات لإنهاء الصراع يجب أن تقتصر على روسيا وأوكرانيا فقط، وهذه التصريحات التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن الجانبين يمتلكان "تفاصيل مفاوضات لا يدركها أحد آخر"، وهو تنازل غير معهود من ترامب الذي غالبًا ما يزعم معرفة واسعة بمجموعة متنوعة من الموضوعات، وهذه الخطوة، قد تضع عملية السلام على مسار جديد وغير مؤكد، مما يثير تساؤلات حول قدرة واشنطن على الوساطة الفعّالة. استغلال الفجوات لطالما استغل بوتين الفجوات في معرفة ترامب بالحرب كعامل قوة في المفاوضات. يُعرف الزعيم الروسي بتكتيكاته التي تعتمد على إغراق محاوريه بسيل من النظريات التاريخية والحقائق المنتقاة بعناية، وعلى الجانب الآخر، حاول المسؤولون الأوكرانيون وحلفاؤهم الأوروبيون إعداد ترامب لمثل هذه المحادثات مع بوتين، مقدمين له رؤاهم حول تعقيد الحرب وتاريخها، ومع ذلك، غالبًا ما اصطدمت جهودهم بجدار من عدم المعرفة بأوكرانيا داخل إدارة ترامب، ووصف مسؤول غربي الوضع قائلاً : "إنهم ليسوا مطلعين على الكثير من الخلفية"، بينما عبّر دبلوماسي أوكراني عن إحباطه بنبرة حادة، واصفًا النهج الأمريكي بأنه "موقف محبط، وكأنهم يعرفون كل شيء ولا يريدون سماع أي شيء"، وفقًا لمجلة "تايم" الأمريكية. وتجلت الأخطاء الواقعية لفريق ترامب في بعض الأحيان بشكل مؤلم، ففي مكالمة أجراها ترامب مع مجموعة من القادة الأوروبيين الاثنين الماضي، أفادت التقارير بأنه أخبرهم بإمكانية بدء محادثات وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا "فورًا"، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان حاضرًا في المكالمة، ذكّره أن هذه المحادثات قد بدأت بالفعل قبل أيام قليلة، وتحديدًا في 16 مايو في إسطنبول، وهذا السهو الواضح في الذاكرة أدى إلى لحظة من "الصمت الحائر" على الخط، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس". لحظات ارتباك ومر ستيف ويتكوف المبعوث الرئيسي لترامب إلى أوكرانيا وروسيا، بلحظات مشابهة من الارتباك، ففي مقابلة أُجريت معه في مارس، لم يتمكن ويتكوف من تسمية المناطق التي تدور فيها الحرب، قائلاً بصعوبة : "هذه المناطق الأربع المزعومة... دونباس، القرم... أنت تعرف الأسماء"، ويمتلك ويتكوف، وهو قطب عقارات دون خلفية دبلوماسية رسمية، خبرة في لقاء بوتين عدة مرات هذا العام، وقد كان التباين في مستوى معرفتهما بأوكرانيا صارخًا. ويُعرف الزعيم الروسي بعادته في إلقاء محاضرات على ضيوفه لساعات حول ما يراه جذورًا تاريخية للحرب، فقبل أيام قليلة من شن الغزو في عام 2022، قدم بوتين محاضرة مطولة مماثلة لـ أولاف شولتز، المستشار الألماني آنذاك، الذي وجد صعوبة في متابعتها، وتذكر شولتز في مقابلة لاحقة : "لقد كانت تجربة سيئة حقًا أن أخوض هذا النقاش الطويل مع بوتين". تحدي الحقائق واعتمد بوتين طويلاً على الروايات القومية والإمبريالية لتبرير تصرفاته، مستشهدًا غالبًا بكتب التاريخ القديمة التي يُعرف عنه أنه يدرسها باهتمام شديد، وعندما طُلب منه العام الماضي شرح قراره بغزو أوكرانيا، "تحدث بوتين لفترة طويلة جدًا، ربما نصف ساعة، عن تاريخ روسيا الذي يعود إلى القرن الثامن"، كما تذكر لاحقًا محاوره تاكر كارلسون. التصدي لهذه التقنية على طاولة المفاوضات يتطلب إلمامًا بالحقائق لا يستطيع الكثيرون في البيت الأبيض توفيره بسهولة. وخلال فترة ولايته الأولى، نادرًا ما قرأ ترامب دفاتر الإحاطة التي أعدتها له أجهزة المخابرات، مما دفعها إلى تكثيف المعلومات في ورقة واحدة مع وسائل بصرية، ومنذ عودته إلى المكتب البيضاوي، حضر ترامب حوالي اثني عشر عرضًا فقط من الملخص اليومي للرئيس، وهو عدد أقل بكثير من المعتاد، وفقًا لتحليل نشر في أوائل مايو. وبعد مكالمة ترامب مع بوتين، يبدو أن البيت الأبيض قد لا يكون مهتمًا بالضغط على أي من الطرفين لإنهاء الحرب، ولم يهدد ترامب بفرض عقوبات على روسيا لرفضها قبول وقف إطلاق النار، ولم يعد بأي مشاركة أمريكية أخرى في عملية السلام، وقال ترامب أمس في المكتب البيضاوي : "ليسوا جنودنا، ليسوا شعبنا. إنها أوكرانيا وروسيا"، فهل يعني هذا أن الجهود الأمريكية لتحقيق سلام بين الجانبين قد باءت بالفشل في تحقيق النصر السهل والسريع الذي وعد به ترامب، وأن الحرب أصبحت أكثر تعقيدًا مما كان يتصور؟