يعتبر المسكن الملائم من أساسيات الأسرة في جميع المجتمعات، وتقوم خطط الحكومات وأجهزتها المحلية ببناء وحدات سكنية وخاصة للطبقات الأقل دخلاً، تجربة صندوق التنمية العقاري الناجحة في
السعودية في إحداث نقلة نوعية في التملك الميسّر للمنازل في العقود الماضية تجربة تنموية واجتماعية مشهودة، وكانت إحدى علامات تلك المرحلة أو ما يعرف بمرحلة «الطفرة العمرانية»، التي شهدتها بلادنا واستمرت لعقود في أداء هذا الدور الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين على شكل قروض ميسرة وطويلة الأجل؛
نتيجة لتلك المشاريع تغير نمط الحياة بشكل واضح بعد انتقال أغلبية السكان من الأحياء الشعبية التي كانوا يسكنونها إلى أحياء جديدة وفلل حديثة وأحياء متطورة ومتباعدة نوعاً ما، مع ظروف اقتصادية وسياسية مرت على المنطقة والعالم تأثرت بها الكثير من
برامج التطوير العقارية الحكومية، وأصبحت قائمة الانتظار في صندوق التنمية العقاري طويلة ويعمر ويشيب وقد يتوفى صاحب الطلب قبل أن يصل دوره في الدعم العقاري. والقطاع الخاص العقاري دخل بقوة في قطاع العقار، وسيطر على قطاعي الأراضي والفلل الجاهزة، لكن الأسعار أصبحت في ارتفاع مستمر حتى وصلت إلى مبالغ خيالية، وقد يكون لقضايا الاحتكار والطمع والجشع من البعض عوامل عمقت المشكلة خاصة في العاصمة
الرياض؛ مما استدعى تدخلاً عاجلاً من قبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل أشهر في هذا القطاع، متمثلاً في رفع الإيقاف عن ملايين الأراضي في شمال العاصمة والعمل على تحقيق التوازن في السوق العقارية عن طريق تسهيل حصول المواطنين على أراضٍ مناسبة ومطورة بأسعار معقولة في حدود 1,500 ريال للمتر، والعمل على رفع تقارير دورية عن أوضاع السوق العقارية لمعالجة أوجه القصور، والسوق تنتظر الآن قضية الإيجارات وآلية ضبطها قريباً، التي سوف تعكس سياسة الدولة الثابتة بسياسة السوق الاقتصادية الحرة مع تشريعات مشددة تحفظ حقوق الجميع.
العاصمة الرياض تعيش نهضة تنموية كبيرة ومقبلة على فعاليات دولية اقتصادية ورياضية وثقافية، وتشهد نمواً كبيراً في مجالات عدة، دفعت العديد من الشركات العالمية لفتح مقرات ومكاتب لها في العاصمة الرياض، ومن يعش فيها يلاحظ تغيّراً في التركيبة السكانية للمدينة من سكانها المحليين ومن الإقليم ومن شتى قطاع دول العالم، هذا الحراك دفع البعض للمبالغة في رفع أسعار الأراضي والمساكن من فلل وشقق إلى أرقام فلكية لا يمكن أن يدفعها إلا قلة من المواطنين، هذا الجنون في الأسعار دفع الحكومة للتدخل بشكل كبير في تنظيم السوق العقارية، والبعض الآن يتحدث عن ركود أو انهيار في الأسعار، وقد يكون الركود هو الأقرب للواقع، وسوف نشهد تراجعاً معقولاً في الأسعار في السنوات المقبلة، مما يساعد في تحقيق نسبة التملك للمواطنين، التي هي محددة كأحد أهداف الرؤية 2030، وهي 70%.
مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قرر تعديلات جديدة على آلية الدعم السكني، الذي يهدف إلى توسيع إمكانية الاستفادة من الحلول التمويلية والسكنية المتنوعة، حيث خفض سن الاستحقاق للدعم السكني من 25 إلى 20 عاماً، وألغى شرط الإعالة من الزوجة والأم المطلقة في خطوة لتحقيق فرص متكافئة للجنسين، وقلّص من خيارات الدعم من 10 إلى 5 أعوام للاستفادة منها حسب تطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين.