مع إعلان الرئيس الأمريكي انتهاء الحرب بين إيران وإسرائيل بعد 13 يوماً من القصف المتبادل بين البلدين، ودخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط المواجهة باستهداف مواقع البرنامج النووي الإيراني؛ تبدأ جولة المفاوضات السياسية بين الأطراف المتنازعة من نقطة الصفر، مصحوبة بفقدان الثقة، والتعالي على الواقع وحجم الأضرار والخسائر التي لحقت بكل جانب، ومحاولة عرض سردية الانتصار لتكون مقنعة لدى الرأي العام الداخلي في إيران وإسرائيل.الأهم في هذه المرحلة أن المعركة توقفت بترحيب دولي وعلى رأسها المملكة، ولكن ستبقى الحرب مستمرة بين الطرفين بعدة صور ونماذج مختلفة، وفي مقدمتها العمل الاستخباراتي للعملاء والجواسيس، وافتعال المشاكل في المنطقة، وتحريك الأذرع البديلة عن المواجهة المباشرة، وهو ما أكد عليه الرئيس الفرنسي بأن الوضع لا يزال هشاً في الشرق الأوسط، والحكومة البريطانية من أن الوضع قابل للانفجار في أي وقت، وما عبّر عنه أيضاً الكرملين بأمله في أن يكون قرار وقف إطلاق النار مستداماً، كذلك الصين التي رأت أهمية تحقيق التسوية السياسية لمنع التوتر والتصعيد في المنطقة.اللافت خلال الأسبوعين الماضيين من الحرب؛ هو نجاح الدبلوماسية السعودية في التعبير عن المواقف السياسية التي تخدم مصالح المنطقة وشعوبها، وتغليب لغة الحوار والسلام والاستقرار في خطابها السياسي الواقعي والموزون، ومواجهة التحديات والأزمات الإقليمية والدولية بالحكمة والتعقّل، وتقديم الحلول أيضاً، حيث تكتسب الدبلوماسية السعودية قيمتها ومكانتها من تنوع وتعدد علاقاتها الدولية، وحجم الأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية التي تتمتع بها حالياً، وتحديداً مع رؤية 2030، حيث بات واضحاً انعكاس تلك الأنشطة على الواقع الدبلوماسي الجديد الذي ظهرت عليه المملكة في هذه المرحلة، وحجم التأثير في القرار الدولي، والمشاركة فيه، والتفاوض عليه.لقد أظهرت المملكة منذ بداية الاعتداء الإسرائيلي على إيران مواقف سياسية ثابتة، ومؤثرة، حيث أدانت على الفور تلك الاعتداءات، وانتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعدّتها مخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية، كما عبّرت المملكة عن التزامها التام بأهمية خفض التصعيد، والتهدئة وضبط النفس، ودعم الحوار والحل السلمي للخروج من الأزمة، وتجنيب المنطقة والعالم تأثيراتها السياسية والاقتصادية وحتى الإنسانية، كذلك أكدت المملكة بأن أي صراع عسكري في المنطقة من شأنه تغذية التطرف العنيف من كافة المُنظمات الأيديولوجية المُتطرفة، داعية المجتمع الدولي، وتحديداً مجلس الأمن الاضطلاع بمسؤولياته لوضع حد نهائي للاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة.على مدى أسبوعين من الاعتداء الإسرائيلي على إيران؛ أجرى سمو ولي العهد أكثر من 13 اتصالاً هاتفياً بزعامات وقيادات خليجية وعربية وإقليمية ودولية، حيث أظهرت فحوى تلك الاتصالات عن عمل دبلوماسي سعودي رفيع المستوى للتعامل مع الأزمة وتداعياتها الخطيرة على المنطقة، حيث أبدى سموه اهتماماً كبيراً بأهمية الاستقرار وتحقيق السلم الدولي، ورفض استخدام القوة لتسوية النزاعات، والتأكيد على الحوار لحل الخلافات، كما أظهرت اتصالات سموه جانباً مهماً من عمق العلاقات الثنائية التي تتمتع بها المملكة، وحجم تأثيرها، ومكانتها في تقدير المصالح المشتركة، والنظرة المستقبلية للمنطقة. أخبار ذات صلة