هناك علاقة بين ذائقة الجمهور ومستوى حريته الشخصية، وبالتالي هو من يقرر ويختار ما يناسبه، وفي المقابل هناك علاقة بين تلك الذائقة والسلوك الاتصالي العام في المجتمع، من خلال تحول الذائقة الخاصة غالباً لتنسجم مع المجموع في ذائقة عامة، وعادة ما تكون في الموضوعات ذات المساس المباشر بالقضايا والموضوعات المشتركة، ولكن اللافت ليس في تحديد أو ترتيب ذائقة الجمهور، وإنما الأخطر هو في تفسير أسباب وعوامل تلك الذائقة، وسياقاتها الزمنية، وظروفها الاتصالية، وانعكاس كل ذلك على الصورة الذهنية للفرد والمجتمع.
الحديث عن الذائقة في سياق كلي للمجتمع ممكن، ولكن لا يزال يواجه تحديات كبيرة على مستوى الأدوات والمنهجيات، والدقة في اختيار المعايير، والتنوع الثقافي والاجتماعي داخل المجتمع، إلى جانب التحديات الأخرى ذات العلاقة بالتحيزات والقيود المفروضة أحياناً على طبيعة الدراسة أو الاستطلاع، لذا اتجهت كثير من الدراسات واستطلاعات الرأي لتقيس الذائقة من منظور جمهور متخصص لتجاوز تلك التحديات، وهو ما يمكن تسميته بذائقة نقاط تجمع الجمهور حول مجال معين، أو قضية أو حدث أو موضوع ما، وفهم سلوك ذلك الجمهور خلال فترة التجمع، وليس كل واحدٍ على حدة، من خلال قياس تلك الذائقة وفق قائمة منسدلة من الاختيارات، مثل ذائقة الجمهور الرياضي، أو الفني، فالرياضة أو الفن هما نقاط التجمع بالنسبة للجمهور الذي نتوجه إليه في تحليل ذائقته.
لو تحدثنا مثلاً عن ذائقة الجمهور السعودي في المجال الرياضي -نقطة التجمع- لوجدنا أنه جمهور يميل إلى المحتوى الساخر، والعفوي، كما يفضّل المحتوى البصري، وينحاز إلى المحتوى المضاد للخصم، والتبرير له أحياناً في تعليقاته وتفاعلاته على شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن هذه النتيجة لا يمكن تعميمها بأن المجتمع السعودي ساخر مثلاً؛ لأنها تعبير عن ذائقة جمهور رياضي وليس المجتمع بأكمله، وهذه أحد أكثر الأخطاء المنهجية حينما نعمم الذائقة.
هل يعني هذا أنه لا يمكن قياس ذائقة أي مجتمع؛ الجواب حتماً لا، ولكن هذا القياس لا يزال يواجه تحديات كبيرة -كما قلنا- وبالتالي معظم النتائج عن ذائقة أي مجتمع هي مجرد مؤشرات عامة قد يكون من الصعب تعميمها أو الحكم عليها.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.