عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الملكية الفكرية... محرك خفي لنمو اقتصاديات الدول

لم تعد الأصول الملموسة هي العنصر الوحيد الذي يصنع الفارق في ميزان التنافس بين الدول، بل أصبحت الملكية الفكرية تمثل إحدى الركائز الأساسية لاقتصاد المعرفة، وواحدة من المحركات الخفية التي تصوغ مستقبل الاقتصاد العالمي.

في عصر التحوّل الرقمي، لم تعد الاقتصادات تُقاس فقط بما تنتجه من سلع وخدمات، بل بما تبتكره من أفكار وحلول وإبداعات. وهنا تتجلى أهمية حماية الملكية الفكرية، التي تشمل براءات الاختراع، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية، والتصاميم الصناعية وغيرها، باعتبارها أداة إستراتيجية لتشجيع الابتكار وتحفيز الاستثمار في البحث والتطوير.

تشير تقارير منظمة الويبو (WIPO) إلى أن الدول التي تستثمر في بناء أنظمة قوية للملكية الفكرية تحقق معدلات أعلى في الناتج المحلي الإجمالي، وتستقطب استثمارات أجنبية أكبر، وتتمتع بقدرة تنافسية أعلى على مستوى الأسواق العالمية. فحماية الحقوق الفكرية تمنح المبتكرين الثقة، وتُشجّع الشركات على المخاطرة في تطوير تقنيات جديدة، مما يعزز خلق فرص العمل ويساهم في التنوع الاقتصادي.

وتزداد أهمية الملكية الفكرية في القطاعات عالية النمو مثل التكنولوجيا والبرمجيات، والصناعات الدوائية، والطاقة النظيفة، وصناعات المحتوى الإبداعي. ففي هذه القطاعات، تكمن القيمة الأساسية في الفكرة لا في المنتج المادي، مما يجعل حماية الحقوق الفكرية ضرورة اقتصادية لا ترفاً قانونياً.

وليس أدلّ على ذلك من تجربة الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وسنغافورة، التي وضعت الملكية الفكرية في قلب إستراتيجياتها الاقتصادية، واستطاعت من خلالها جذب شركات التقنية الكبرى، وبناء بيئات حاضنة للابتكار وريادة الأعمال. أما على مستوى الدول النامية، فإن تعزيز أنظمة الملكية الفكرية لا ينبغي أن يُنظر إليه كاستجابة لضغوط دولية فحسب، بل كأداة لتمكين اقتصاداتها المحلية من الانخراط في سلاسل القيمة العالمية، وحماية تراثها الثقافي والمعرفي، وتحقيق عائد عادل من إبداعاتها.

في ، تتصدّر الهيئة السعودية للملكية الفكرية هذا التحوّل من خلال دور محوري يتجاوز الإطار التنظيمي التقليدي، ليشمل التمكين والتحفيز والتوعية، إيمانًا منها بأن حماية حقوق الملكية الفكرية تمثل ركيزة أساسية لنهضة الدول اقتصاديًا، ودافعًا رئيسيًا نحو بناء اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة، بما يتوافق مع التحوّلات الاقتصادية الطموحة التي تعيشها المملكة في ظل رؤية 2030.

إن المستقبل الاقتصادي للدول لن تحدده فقط الموارد الطبيعية أو حجم السوق، بل مدى قدرتها على احتضان المبدعين، وتأمين حقوقهم، وتحويل الأفكار إلى أصول اقتصادية قابلة للتداول والاستثمار. ولهذا، فإن بناء ثقافة تحترم الملكية الفكرية، وتشجع على الابتكار، لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية وإستراتيجية.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا