تم النشر في: 08 أغسطس 2025, 6:45 مساءً أكد المحامي عبدالرحمن الفايز أن رسائل تطبيق "واتساب" أصبحت تلعب دورًا مهمًا في القضايا المنظورة أمام المحاكم السعودية، سواء في الإثبات أو تتبع الجرائم المعلوماتية، مشيرًا إلى أن القضاء يتعامل معها بمرونة مشروطة، لكنها لا تزال تواجه تحديات قانونية وتقنية. وأوضح الفايز في تصريح لـ"سبق" أن من أبرز هذه التحديات سهولة التلاعب أو التزوير، وصعوبة التحقق من الهوية الفعلية للمرسل في بعض الحالات، إضافة إلى إمكانية حذف الرسائل أو تعديل محتواها دون ترك أثر واضح، ما يستدعي الحذر عند الاعتماد عليها كدليل وحيد. وبيّن أن بعض الأدلة المقدمة، مثل لقطات الشاشة، تفتقر إلى الموثوقية القانونية إذا لم تكن مؤرخة أو موثقة بمحاضر رسمية، مؤكدًا أن عدم التوثيق النظامي يضعف حجية هذه الرسائل. وأضاف أن "واتساب" يُعد من الأدلة الرقمية التي تدخل ضمن نطاق الأدلة الإلكترونية، والتي عرفها النظام السعودي بأنها "أي معلومات أو بيانات يتم توليدها أو تخزينها أو نقلها عبر وسيلة إلكترونية ويمكن استخراجها أو عرضها لاحقًا"، مشيرًا إلى أنها تخضع لأنظمة الجرائم المعلوماتية وقواعد الإثبات في القضايا المدنية والجزائية، ويُنظر إليها غالبًا كقرينة أو دليل مساعد لا كدليل قاطع ما لم تدعمه عناصر أخرى. ولفت إلى أن المحاكم السعودية بدأت تتجه تدريجيًا لقبول رسائل "واتساب" في القضايا العامة والتجارية، شريطة توافر شروط، منها ثبوت نسبتها لأطراف النزاع، وعدم الطعن فيها بالتزوير، وتطابق محتواها مع وقائع مساندة. وأشار إلى وجود سوابق قضائية أكدت حجية هذه الرسائل إذا دعمت بقرائن مثل شهادة الشهود أو مطابقة الصوت أو الرقم، مبينًا أنها نادرًا ما تُعتمد منفردة دون أدلة داعمة. وفي قضايا الأحوال الشخصية، أوضح الفايز أن الرسائل تُستخدم لإثبات الخلافات الزوجية أو السب والشتم أو حتى الطلاق والخلوة، وتخضع لتقدير المحكمة ومدى اطمئنانها لمضمونها، خاصة إذا لم تُنكر من الطرف الآخر. أما في الجانب الجنائي، فأكد أن "واتساب" من أكثر المنصات استخدامًا في جرائم مثل السب والقذف والتهديد والابتزاز والتحريض وتداول المحتويات المخالفة، وهي أفعال نصت المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على معاقبتها بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات أو غرامة لا تتجاوز ثلاثة ملايين ريال أو بكلتا العقوبتين. وأضاف أن تعامل المحاكم مع هذه الرسائل في القضايا الجنائية يكون أكثر حذرًا، وغالبًا يتطلب دعمًا فنيًا من خبراء أو جهات ضبط إلكتروني معتمدة لضمان موثوقية الأدلة وحمايتها من التلاعب. وشدد على أن القضاء لا يقبل هذه الرسائل كدليل مكتمل إلا إذا وثقت بشكل نظامي، مثل ضبط المحادثات بمحاضر إلكترونية، أو تقارير خبراء تقنيين، أو مطابقة الرقم والصوت، أو في حال عدم الإنكار، ما يمنحها قوة إثبات معتبرة. واختتم الفايز بالإشارة إلى أن المادة (14) من النظام تُلزم هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بدعم الجهات الأمنية فنيًا في ضبط الجرائم الرقمية والتحقيق فيها، مؤكدًا أن "واتساب" لم يعد مجرد وسيلة تواصل، بل أصبح عنصرًا مهمًا في منظومة التقاضي، وينبغي توثيق المحادثات المراد استخدامها قانونيًا بطرق رسمية لضمان حجيتها أمام القضاء.