القطاع الصحي الخاص في المملكة من مستوصفات ومراكز صحية ومستشفيات بازدياد وتوسع مستمر، ويأتي القطاع الصحي ضمن القطاعات الحيوية المهمة من حيث الدعم الحكومي وتوفر الكوادر الطبية السعودية أو استقطابها من الخارج، كما أن إلزامية التأمين الصحي على موظفي القطاع الخاص، وبعض الجهات الحكومية، وعلى العاملة زاد من أهمية التوسع في هذا القطاع، وهذا أمر جيد، فنحن نشاهد دولاً في الجوار أقل إمكانيات اقتصادية من الدول الخليجية، ولكنها تستثمر في هذا القطاع المهم، والنتيجة إيجابية من حيث مستوى الخدمات والأسعار المناسبة، بل إننا نجد بعض السكان لدينا يسافرون لتلك الدول بسبب ارتفاع أسعار الخدمات الصحية من عمليات معينة أو علاج الأسنان مثلاً الذي نجده في عيادات الأسنان عندنا بدون ضابط أو تفسير منطقي بهذا التفاوت بالأسعار التي يفترض أن تكون متقاربة. صحيفة الاقتصادية قامت في عام 2024 باستقصاء عبر الهاتف عن أسعار الكشف عند الأطباء في المستشفيات الخاصة السعودية، والنتيجة كانت أن النسبة بهذا التباين بالأسعار وصلت إلى 40% من دون ذكر الأسباب، التقرير أوضح الأكثر سعراً والأقل في هذه المستشفيات، ويبدو أن تحديد أسعار الخدمات الطبية في هذه المستشفيات تحددها، في الغالب، الإدارة وليس للجهات الرقابية، إن وُجدت، دور في ذلك، مثلاً إحدى الحالات في أحد مستشفيات الرياض قبل أسابيع لمريض متقاعد بدون تأمين صحي اضطرته الظروف للذهاب لأقرب مستشفى، وهو خاص ومعروف، وبعد أشعة وتحاليل كلفته الآلاف قررت الطبيبة في الطوارئ أنه يحتاج للتنويم في العناية المركزة، ولكن القضية أنها أحالت مرافقه للإدارة التي طلبت أن يدفعوا 50 ألفاً على الحساب، وفي حالة تعافيه وخروجه يُعمل حساب لمعرفة قيمة العلاج المقدم وخصمه من المبلغ المدفوع مسبقاً. لا أعرف كيف تتصرف الإدارة وتطلب مثل هذه المبالغ الكبيرة، وعلى أي أساس يقررونها، وهل وزارة الصحة لديها علم بذلك، وهل تسمح لهم بمثل هذه الإجراءات التي أراها مجحفة وغير مقبولة، وكأن فيها استغلالاً لوضع الحالات الطارئة الواصلة لديهم. صاحبنا المتقاعد لم يقبل أن يدفع هذا المبلغ، وقد يكون أصلاً لا يستطيع دفعه من الأساس، في النهاية ذهب لمستشفى خاص بنفس المستوى، وفي غرفة الطوارئ أخبره الطبيب المعالج أن حالته لا تستدعي التنويم بالعناية المركزة، فقط يحتاج إلى تنويم لمدة يومين على الأقل للاطمئنان على حالته. وطلبوا منه أن يدفع مبلغ خمسة آلاف ريال فقط وليس خمسين ألفاً، والفرق بينهما كبير، وكأن ليس هناك رقيب، والكل يضع الشروط والإجراءات التي تناسبه، وقد يكون الطمع هاجسه وليس معالجة المريض الذي قد يستغل من هذا المستشفى أو الطبيب ويطلب منهم أشعة وتحاليل وتنويم وهو ليس في حاجة إليها، وحتى لو كان لدى المريض تأمين صحي فليس هناك مبرر أن تتم عليه إجراءات طبية من عمليات أو صرف أدوية ليس بحاجة لديها، يفترض ألّا تترك مثل هذه الحالات للضمير النائم لبعض إدارات المستشفيات والمستوصفات، ماذا يمنع مثلاً أن تكون أسعار الأشعة المقطعية متقاربة، والتحاليل الطبية نفس الوضع، فالمريض في حالة الطوارئ هو مثل من يمشي بالظلام يحتاج العلاج بأسرع وقت، ويوافق على جميع طلباتهم التي قد يكون فيها إجحاف واستغلال للحالة الإنسانية والنفسية للمريض أو عائلته. أخبار ذات صلة