وباشرت «نزاهة» أمس 10 قضايا، ففي ملف الحج، جرى إيقاف منسوب من «نزاهة» وموظفين من الداخلية والدفاع والشؤون الإسلامية؛ بسبب محاولات تمرير أفراد لأداء المناسك بطرق غير نظامية، في دلالة على أن المعيار واحد، وأن المساءلة تطال كل يدٍ تحاول اختراق النظام.
وامتدت القبضة إلى القطاع الجامعي بعد استيلاء موظف سابق على مبلغ 100800 ريال من حساب الجامعة، كما شملت الجوازات عبر تمديد تأشيرات مؤقتة مقابل مبالغ مالية، والبلديات بإلغاء مخالفات على منشآت تجارية نظير رشى، والمنافذ الجمركية في محاولة تمرير شحنة تبغ، والدفاع المدني في تغاضٍ مدفوع الثمن، والقضاء عبر تزويد مراجعين بمعلومات عن قضاياهم مقابل مبالغ، إضافة إلى واقعة استخدام لوحة مركبة محجوزة على مركبة شخصية، وتسريب بيانات عملاء شركة المياه إلى جهات خاصة.
وهذه الحصيلة لا تقدَّم كأرقامٍ معزولة؛ بل تعكس منظومة رصد وتبادل معلومات بين «نزاهة» ووزارات وهيئات متعددة، من الداخلية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك إلى الجهات البلدية والقضائية والخدمية.
وتنطلق التحقيقات من شكاوى وبلاغات ورصد ميداني ورقمي، وتتحرك عبر مسارٍ مزدوج: جنائي يحفظ الدليل وسلامة الإجراءات، وإداري يُفَعِّل الضوابط، والتركيز لم يعد على العقوبة وحدها؛ فالوقاية حاضرة عبر تعزيز امتثال الجهات، وتفعيل قنوات البلاغ الآمن وربط الأنظمة بما يحد من القرار الفردي ويمنع الانحراف الإجرائي.
وصارت مكافحة الفساد قاعدة جاذبة للاستثمار ونيل ثقة المجتمع، فاستقرار السوق ينعكس على بيئة الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وتكافؤ الفرص يرفع جودة الخدمة العامة، وحماية المال العام تعني كفاءة إنفاق أعلى وأثراً تنموياً أوضح.
ويرى المستشار القانوني سعود الرمان أن موجة القضايا الأخيرة تعكس انتقالاً من ردّ الفعل إلى العمل الاستباقي، يؤكد أن توحيد منهجية الضبط والتوثيق يضمن متانة الملف أمام القضاء، ويشيد برسوخ قاعدة عدم سقوط جرائم الفساد بالتقادم باعتبارها ركيزة ردعٍ محورية. ويضيف الرمان أنّ نشر تفاصيل المنهج الإجرائي يمنح الموظف الشريف حماية معنوية، ويضاعف كلفة المخاطرة على من يفكر بخرق النظام. ويوصي بتوسيع برامج التوعية النظامية داخل الجهات الرقابية والخدمية، وربط التقييم الوظيفي بمؤشرات الامتثال.
من جانبه، يصف المحامي سلمان الرمالي المسار الحالي بأن قوة ردعه تنبع من اليقين بالعقوبة أكثر من شدتها. ويشير إلى أن تنويع الأدوات -من ضبطٍ ميداني إلى تتبّعٍ رقمي- أوجد بيئة قانونية يصعب الالتفاف عليها. ويؤكد أهمية حماية المبلّغين وتعزيز سرية قنوات البلاغ، مع اقتراح نشر لوحة بيانات دورية تُظهِر أنماط الجرائم ومواضع الثغرات. ويرى أن التوسّع في استرداد المنافع غير المشروعة ومنع المتورطين من التعاقد الحكومي لفتراتٍ محددة يرسّخ عدالة ناجزة ويغلق الدائرة على الفساد المنظّم.
إن الحرب على الفساد تتقدّم بخطىٍ ثابتة، وتحوّل شعار النزاهة إلى ممارسةٍ يومية داخل الأجهزة.. فالقضايا المعلنة تعطي دلائل واضحة على جدية المتابعة وشمولها، وآراء الخبراء تؤكد أن المسار يمضي في الاتجاه الصحيح: ضبطٌ محترف، ووقايةٌ ذكية، وعدالةٌ تصل إلى الجميع.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.